الأحد ٦ نيسان (أبريل) ٢٠٠٨
حوار مع الروائي صبحي فحماوي

فحماوي غير متحيز إلا لعدسته المُصوِّرة

بقلم: إبراهيم السواعير

• صبحي فحماوي عضو اتحاد الكتاب العرب، وعضو رابطة الكتاب الأردنيين، وعضو اتحاد كتاب مصر، وعضو نادي القصة المصري، ومهندس حدائق. له أربع مجموعات قصصية، وأربع روايات.المجموعة القصصية الأولى( موسم الحصاد).. المجموعة الثانية(رجل غير قابل للتعقيد) والثالثة(صبايا في العشرينات). والرابعة(الرجل المومياء). مثلت بعض قصصها في لوحات(مرايا) للفنان السوري ياسر العظمة.الرواية الأولى(عذبة) والثانية(الحب في زمن العولمة) تترجم الآن إلى اللغة الإسبانية.والرواية الثالثة(حرمتان ومحرم) والرابعة هي(الإسكندرية 2050).

بادرته بهذه الأسئلة، فسجلت عنه هذه الإجابات:

• من أين تأتي بكل هذه المعلومات الغزيرة التي تضخها في كل رواية من رواياتك؟
• بالإضافة إلى قراءاتي الغزيرة منذ الطفولة، فأنا أقرأ بتمعن، ما لا يقل عن مائة كتاب من المراجع، كي أؤلف رواية واحدة، وأنا أومن أن الرواية ليست للتسلية والإمتاع فقط، وإنما هي الآن مصدر للمعلومات، تدهش القراء بتقديم وجهات نظر جديدة، تدير الرؤوس..إنها نوع من الإدارة..

• هل تقدم المعلومات في قالب محاضرات أم تسردها في قالب فني؟
• في ندوة الرابطة لهذه الرواية، قال د. سالم ساري: أنا أقول لطلاب الاجتماع: إذا أردتم أن تفهموا العولمة، فاقرأوها في رواية(الحب في زمن العولمة). وقال لي دكتور إبراهيم علوش وهو باحث اقتصادي: أنا أدرِّس مادة العولمة للطلاب، ولكنني لا أستطيع أن أدخلها في أدمغتهم كما تسردها أنت بهذه الفنية الجمالية المضحكة المبكية السهلة التناول كالحلاوة.. فأنا يا عزيزي لا أقدم معلومات فقط، فالمعلومات تملأ بطون الكتب، ولكنني أقدم رواية جميلة ممتعة لذيذة، محشوة بالمعلومات المقدمة بطريقة جمالية.

• هل يتحقق استشرافك لمستقبل العولمة المخيف؟
• يا أخ إبراهيم سواعير، كنا أيام زمان نشرب من ينبوع العين، والآن نشرب من زجاجات معبأة،لا تستغرب، فغداً سنشتري هواءً معلباً للتنفس.! ولذلك تجد أن أصحاب رأس المال يلوثون الهواء بمصانعهم، ولا يأبهون، ذلك لأنهم عندها سيبيعونك الهواء الصحي النقي معلباً، لتدفع لهم مرغماً!

• هل أنت - روائياً – متحيز للعولمة أم ضدها، ولماذا؟
• أنا أتحيز روائياً لكل شخصية من شخصيات الرواية، سواء كانت مع أو ضد العولمة، فأتابعها وأعتني بشكلها ومضمونها وأفكارها وهمومها وأدافع عن وجهة نظرها..أنا يا إبراهيم، مصور غير متحيز إلا لعدستي المصوِّرة!

• تقدم لوحات مختلفة، وشخصيات متناقضة، في رواية(الحب في زمن العولمة)، كيف تربط بينها داخل الرواية؟
• هناك عمود فقري رئيس يربط كل لوحات الرواية، فالشواوي هو سيد الموقف في الرواية، وكل شخصية في الرواية، محبة أو كارهة، متمردة أومطيعة، مظلومة أو ظالمة، تجدها مرتبطة بالشواوي من خلال مؤسساته الاقتصادية، التي تنتشر في كل بقاع العالم،كل الشخصيات المدهشة في اختلافها وتناقضاتها تجدها روافد لنهر عظيم هو نهر رأسمال سائد الشواوي ورفاقه. ولذلك فالرواية متماسكة ومتحدة ومتشابكة، أشد ما تكون الرواية.

• لغتك العربية أقرب ما تكون إلى العامية. كيف تطوِّع اللغة العربية لهذه الدرجة العامية؟
• أنا أعشق لغتنا العربية الجميلة، ومن جماليات لغتنا العربية، أنك تستطيع تطويعها لتستوعب اللهجات المحلية، وتستوعب اللغات الأجنبية بتعريبها وليس بالعلك والتشدق بالكلمات الأجنبية..وإذا طوعنا لغتنا العربية وبسّطناها، صارت أقرب للمتلقي، فتقاوم الاندثار على أيدي العولمة العنكبوتية الخيوط، والتي تنتشر في كل مكان لقتل لغتنا العربية، فإذا انحنت لغتنا العربية باتجاه العامية الفصحى، فإنها ستكون أقدر على مقاومة أعاصير العولمة! فأية كلمة عامية تستطيع أن تصرف أفعالها فهي فصحى، مثل قولك للولد الصغير: يا "ممعوص" فالفعل معص، يمعص، فهو ممعوص.. وفعص، يفعص، فهو مفعوص..وخرّف، يخرِّفُ، خُرّافية، وهكذا نبسط اللغة، ونثريها بكلمات جديدة، تحل محل الكلمات الإنجليزية الواقفة بالانتظار لتسد فراغاً في اللغة العربية..

• هل هناك خطر على لغتنا العربية من الانقراض بالعولمة؟
• حذر علماء اللغة من كارثة اندثار الألسنة البشرية فعدد لغات العالم6000 – 7000 لغة، وأن نصف هذه اللغات مهددة بالانقراض في السنوات القادمة، و90% منها سينقرض هذا القرن، بواقع لغتين كل شهر.طبعاً ستحل محلها اللغة الإنجليزية أولاً.. واللغة العربية ليست بمعزل عن هذه الأعاصير العولمية التي تجتاح لغتنا العربية.ولذلك خصِّبوا لغتكم العربية بمفردات عربية فصحى جديدة، ولو كانت مأخوذة من أصول اللهجات المحلية.ولولا حفظ لنا القرآن الكريم هذه اللغة، لما حفظها أصحابها الذين...

• نصوص رواياتك وقصصك فيها حوار مكثف وكأنها سيناريو معد للتمثيل الدرامي. هل حاولت تقديم هذه الرواية لتمثل في فيلم،أو مسلسل تلفازي؟
• بعض قصصي مثلها الفنان السوري ياسر العظمة، في لوحات مرايا.وعرضت قصصي ورواياتي على المركز العربي الذي نعتز به أردنياً وعربياً، ولكن...

• كيف تشتهر عربياً، ولا تحتل مساحات على صفحات الثقافة المحلية؟
• سبق وأن كنت محرراً في "جريدتي" الرأي، وأنا لست غريباً عن مساحات الثقافة الأردنية، وأنا الآن أكتب مقالاً دائماً في ملحق شباب الدستور، وقصصي تكتب عناوينها على أغلفة مجلة الموقف الأدبي السورية، ولكن من الطبيعي أن يكون هناك تركيز على كاتب دون الآخر، لسبب أو لآخر، وهذه الأولوية لكُتّاب معينين -والذين هم ليسوا بالضرورة الأكفأ - تعطى في كل مكان، سواء في الأردن أو في أي قطر من الوطن العربي، أو حتى مختلف دول العالم، فكُتّاب أية مجلة أو جريدة ثقافية تجدهم نفس الأشخاص، مثل أعضاء الفرقة المسرحية، يمثلون مختلف المسرحيات، وإن اختلفت الأدوار، ولا يدخل عليهم سوى عابر سبيل، أو زائر مهم، أو كومبارس يحتاجون إليه، أو كاتب متوفى يحتفى به..والكاتب لا يحتاج للاحتفاء به بعد وفاته، بقدر ما يرغب في الانتباه لمعطياته الفكرية والفنية والأدبية وهو ما يزال بكامل قواه العقلية والجسدية..وهذه مسأله الإغراب أو التغريب أو إقصاء الآخر، أو الحجر عليه، أو حشي أوراقه في درج الأمانات إلى إشعار آخر، يجب بحثها على مستوى اتحاد الكتاب العرب. ولهذا نجد لنا متنفساً في مجلات الإنترنت والتي يقودها حالياً ديوان العرب وغيره، فهم لا يهتمون بالشللية، بل يشرعون للكتابة الجيدة كل الأبواب.

• ما هي علاقة الناقد مع المبدع الأدبي الأردني؟ وهل لدينا حركة نقدية توائم الكتابات الإبداعية؟ وكيف استقبل نقادنا روايتك(الحب في زمن العولمة) هذه؟
• نعود إلى قضية الشللية والمحسوبية والشهرة، فبعض النقاد لا يكتبون إلا عن مشاهير المبدعين، وهم متخصصون بنقد شكسبير وغيره من الأعلام، مع أن الأعلام ليسوا بحاجة إلى من ينقدهم، فلقد سلكوا طريقهم، وصارت حتى أخطاؤهم قواعد مسموح بها، فكثيراً ما كان النقاد يصححون كتابات المبدع المتفرد محمد الماغوط، ولكنه كان يعود فيكتبها كما كانت، قائلاً: أريدها أن تكون كما هي. وهذا حق لمبدع علم من هذا النوع.ولذلك فهو ليس بحاجة إلى ناقد. وأما الكتاب الجدد، فهم الأحق بالمناقشة والنقد، ودور الناقد هو اكتشاف العناصر والمبدعين الجدد، وليس التحليس والتمليس على مغلفات كتب أعلام المبدعين..فعظمة غسان كنفاني جاءت من رواياته وقصصه ومسرحياته، ولكن تميزه أيضاً جاء من تقديمه كتاب الأرض المحتلة، وتعريفنا عليهم. كان يقدم لنا أدباً جديداً وأدباء جدد..ودور الناقد هو تقديم أدباء جدد إلى ساحة الأدب العربي، وما نحن بصدده هنا هو الأدب العربي في الأردن. وأما ما قاله النقاد الأردنيون عن هذه الرواية فهو غير كثير، وأهم ما سمعته من الأستاذ الدكتور عبد الرحمن ياغي: "هذه الرواية هي ألف ليلة وليلى القرن الواحد والعشرين"..وقول الأستاذ الدكتور نبيل حداد: " هذه سلة أزاهير روائية مدهشة" وقول الأستاذ الدكتور محمد عبيد الله: " إنها باب جديد في الكتابة الروائية العربية في الأردن".. وأما مترجم دون كيشوت(د. سليمان العطار- رئيس قسم الدراسات والأدب الإسباني في جامعة القاهرة) فلقد قال في ندوة الرواية في نادي القصة الذي أسسه نجيب محفوظ:" كثير من روائيينا نسخوا ومسخوا أدب نجيب محفوظ، وأما صبحي فحماوي، فهو باب جديد في الرواية العربية.

• تتمتع بأسلوب روائي وقصصي ساخر. فلماذا السخرية؟ وهل تضيف شيئاً إلى الأدب؟
• عندما تسخر من شيء، فأنت تقزمه، وتتطاول عليه، وهذا هو قمة النقد والمعارضة الاجتماعية، فالناس يسخرون من الأحداث بالنكتة، والكاتب يسخر من الصور التي يرسمها بالكلمات الساخرة، ورسام الكاريكاتير يرسم الصور المجعلكة ليس لسبب، سوى السخرية من هذه الشخصيات التي يراد فضحها، وتعريتها أمام القراء، وتفريج خلق الله عليها. والتفريج يخلق الفَرَج. وفي الفرج راحة للنفس..ألا ترى ما هو دور السخرية؟

• هل أنت شخصياً ضد العولمة؟
• أنا أرحب بمعطيات العولمة، مثل الإنترنت والتلفاز والسيارة الطائرة، والطب والدواء وما إلى دون ذلك، ولكنني ضد الملكية الفكرية التي تمنع الأدوية عن مرضى الإيدز والسيدا القاتلة لقارة إفريقيا بكاملها في المدى المنظور! أنا أؤيد الصناعة التقنية، التي جاء في كتابه الحكيم: "إذا عمل أحدكم عملاً فليتقنه" والإتقان من التقنية التي يسمونها اليوم" تكنولوجيا" أنا أؤيد التقنية التي ابتكرها دين الإسلام، ولكنني أرفض مخلفات الصناعة الصلبة والسائلة والغازات التي تدمر البيئة وتقتل الأرض التي نعيش عليها. والعولمة التي تلف الكرة الأرضية اليوم تحت إبطها، تدمر البيئة وتقتل الأرض. وأنا أخاف على مستقبل الأرض من شرور أولئك الذين لا يثقون إلا بالدولار!

• ما هي رسالة صبحي فحماوي للمجتمع القارىء؟
• هي ليست رسالة، بل رسائل لا نهاية لها، إذ أهدف إلى إمتاع القارىء العربي بالإدهاش والتنوير والتثقيف والمعرفة والإدارة. فالإدارة مأخوذة من: "دار، يدير" أسعى إلى أن أدير رؤوس القراء العرب عالياً، وأقول لهم: ارفعوا رؤوسكم يا عرب!

بقلم: إبراهيم السواعير

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى