السبت ١٣ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠٠٧
رحال
بقلم بوشعيب الساوري

مجلة جديدة تعنى بنصوص الرحلة

صدر العدد الأول من مجلة "رحال" (أغسطس2007) بالقاهرة، وهي مجلة بحثية نصف سنوية تعنى بأدب الرحلة يرأس تحريرها المهتم السعودي محمد بن سعود الحمد. الذي أكد في افتتاحيتها أن المجلة تسعى إلى دراسة الرحلات بمنظور جديد بمتابعة ما ينجزه الباحثون من تحقيقات للنصوص الرحلية ودراسات لأخرى.

وقد حفل العدد الأول بمساهمات لباحثين من المغرب ومصر. وقد تنوعت بحسب النصوص المتناولة وكذا طرق تناولها بحسب اهتمامات كل باحث. وأول مساهمة كانت للعلامة المصري محمد رجب البيومي(رئيس تحرير مجلة الأزهر) وجاءت تحت عنوان"رحلة الإمام الأكبر محمد الخضر حسين إلى ديار الإسلام". بعد أن أشار في البداية إلى مكانة الرحالة العلمية وإسهاماته في مجال العلم ونشره وتدريسه التي تطلبت منه انتقالات وأسفار من بلده تونس إلى العديد من الأقطار العربية والإسلامية. الأمر الذي جعل رحلاته علمية، كان همه فيها هو لقاء العلماء ومناقشتهم في المسائل الدينية، فكانت رحلات علم وأدب ولم تهتم بالجوانب السياسية الاقتصادية والاجتماعية قدر عنايتها بمجال العلم. ثم تحدث عن رحلته الأولى إلى الجزائر(1904) ورحلته الثانية التي شملت العديد من البلدان(1320 هـ) إذ تنقل بين مالطة والاسكندرية والقاهرة وبورسعيد ويافا ووحيفا وبيروت ودمشق والستانة.

وثاني مساهمة كانت للأستاذ عبد الرحيم مودن(أكاديمي مغربي ورئيس الجمعية المغربية للبحث في الرحلة) وعنونها ب"ابن خلدون بين الرحلة والسيرة الذاتية" تناول فيها مشكلة هوية نص "التعريف" بين السيرة الذاتية والرحلة؛ في البداية تناوله من منظور السيرة الذاتية مشيرا إلى اختلافه عن كتبه السابقة، مع التأكيد على أنه مخصص للذات يتتبع الذات عبر مراحل تاريخية محددة. ولما كان حديثا عن الذات، فقد تميز على مستوى التأليف بخصوصيات المرحلة منها: ارتباط المؤلف بمفاهيم الكتابة عن الذات(كتب التراجم والطبقات والسلالات...) والكتابة عن الذات انطلاقا من تقاليد سابقة(سيرة ابن هشام، المنقذ من الضلال...) ثم لامس الباحث بعض خصائص السيرة في النص التعريف منها: سيادة ضمير المتكلم، التداخل بين المؤلف والسارد والشخصية، ابن خلدون هو الشخصية الرئيسية في ارتباط بالشخصيات الأخرى. النقطة الثانية التي تتعلق بانتماء نص التعريف إلى الرحلة، في بدايتها يؤكد أن الرحلة صفحة من صفحات السيرة الذاتية، إن لم تكن تجسيدا لها. ثم يذكر بعض المؤشرات التي تجعله يقترب من الرحلة؛ مثل مؤشر التجنيس بنسبة الكتاب إلى الرحلة على مستوى العنوان، تكون مفاصل الكتاب من رحلات صغرى، توظيف رصيد من المعرفة التاريخية، الحضور القوي للوصف والزاوجة بينه وبين السرد، الحضور القوي للمكان(التاريخي، المقدسن الذكرىن المجاز). ليؤكد في الأخير أن الكتاب سيرة الذات وسيرة الأمكنة عبر تفاعلات التاريخ والجغرافية وتفاعلات الزمان والمكان.

وثالث مساهمة كانت للباحث سليمان القرشي(من المغرب) وجاءت تحت عنوان"دور الرحلات الحجية في نشر الكتب وتداولها بين المشرق والمغرب" وقد أبرز فيها العوامل التي ساعدت على نشر الكتب منها: حرص الملوك والأمراء والقواد والرؤساء والكتاب والأدباء والنساخ وأهل الوقف على تزويد مكتبات الحرمين الشريفين وغيرها بالكتب بواسطة الرحالة. وبذلك ساهم الرحالة مساهمة فعالة في عملية تبادل الكتب بين المشرق والمغرب. كما عمل الرحالة على نقل كتبهم وكتب مواطنيهم إلى مكتبات الحرمين الشريفين. وقد ساعد ذلك على تجاوز الكتب للحدود الزمانية والمكانية. كما أن حرص الرحالين على المعرفة كان يدفعهم إلى نسخ الكتب أو شرائها. فكانوا بذلك قناة مهمة من قنوات نقل المعرفة وتداولها. ولم يكن ذلك حكرا على الرحالين المتقدمين بل شمل أيضا المتأخرين منهم.

ورابع مساهمة كانت لللباحث المغربي بوشعيب الساوري الموسومة ب"من الإفادة إلى الإمتاع دراسة مقارنة لرسالتي أبي دلف" أكد في البداية على ووجود دوافع موضوعية تتمثل في وجود اختلافات بين الرسالتين على مستويات عديدة(دوافعهما، مضامينهما، صياغتهما، مسارهما، الحالة النفسية للرحالة في كل رسالة، أفعال السفر والانتقال في المكان، ثنائية الأنا والآخر، العجيب والمدهش، وثنائية السماع والعيان.) تجعل فعل المقارنة ممكننا ومبررا. ثم فصل في كل نقطة على حدة وانتهى إلى ما يلي: الرسالة الأولى تمت بدافع رسمي، أما الثانية فكانت نتيجة لتجواله الحر. في الرسالة الأولى كان هناك التزام بمسار معين، وهذا لم تحققه الرسالة الثانية. في الرسالة الأولى هناك تصوير حي للمشاعر النفسية للرحالة، أما في الرسالة الثانية فكانت المشاعر باردة لأن أبا دلف كان يتجول في غياب لكل مشاعر الخوف. التزام الرسالة الأولى بميثاق الرحلة السير والانتقال(ذهاب وإياب... (أما في الرسالة الثانية فيغيب ذلك الميثاق. بنيت الرسالة الأولى على التوتر بين الأنا والآخر، بينما في الرسالة الثانية يغيب هذا التوتر. وفي علاقة الرسالتين بالمـتلقي فالرسالة الأولى سعت إلى إفادته، بينما الرسالة الثانية سعت إلى إمتاعه. في الرسالة الأولى هيمنت المشاهدات على المرويات وفي الرسالة الثانية حصل العكس.

وخامس مساهمة كانت للباحث المغربي أنور ترفاس وجاءت تحت عنوان"وصف الظواهر الاجتماعية بالأراضي المقدسة من خلال الرحلة العياشية" الرحلة التي تميزت بحرص صاحبها على التوقف عند جوانب من الحياة الاجتماعية لسكان مكة والمدينة. مثل ترفع نساء المدينة وعدم خروجهن إلى السوق إذا كانت البضائع رخيصة، وكذلك إكثارهن للطيب. كما أن سكان الحرمين لا يتفرغون للتدريس والعبادة في موسم الحج. وإجراء عقود النكاح بالمساجد وغيرها من الظواهر التي أثارت العياشي. وقد أكد الباحث أن العياشي في عرضه لهذه الظواهر كان يستند إلى ضوابط الشرع وكذا يستند على ما اعتاده بالمغرب.

وسادس مساهمة كانت للباحث المصري عرفة عبده علي وعنونها ب"النيل في كتبات الرحلة الأوربيين" تحدث فيها عن أهم الرحالة الأوربيين من علماء وأدباء الذين زاروا مصر وكيف وصفوا النهر(بيلوتي، مونكي، كوبان، فرمانل، سفارين، جومان، لودميدج...) وقد ركز الباحث بالإضافة إلى إضاءة الرحلة وظروفها وتاريخها إلى اهتمامات هذه الرحلات بالنيل بوصفه وكيفية جريانه وفيضانه وتعامل الناس معه وكذا التصورات والعادات المرتبطة به وكذا الاحتفالات التي تقام حوله. وإبراز مدى تاثر الرحالة بعظمة النهر وروعته.

وآخر مساهمة كانت للباحثة المغربية أسماء المكناسي وجاءت تحت عنوان"قراءة لكتاب من رحلات الفرنسيين إلى الجزيرة العربية لصاحبه محمد خير البقاعي" في البداية اشارت إلى أن الكتاب يتكون من مقدمة وسبعة فصول. ثم تطرقت إلى مضمون المقدمة التي أكدت على أهمية الرحلات الفرنسية إلى الحجاز. ثم بعد ذلك إلى مضامين فصول الكتاب والتي تكمن في أن الكتاب يقدم لأدب الرحلات الفرنسية إلى الحجاز والتي تظل مجهولة بالنسبة للقارئ العربي مما يجعل الكتاب ضروريا بالنسبة لأي قارئ مختص. كما اشارت إلى بعض الملاحظات على الكتاب منها عدم تكافؤ فصوله بالإضافة إلى وجود بعض التفاصيل التي تنهك القارئ غير المختص.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى