محمود درويش يوقع أثر الفراشة بعمان
وقع الشاعر الفلسطيني محمود درويش ديوانه الجديد "أثر الفراشة", في حفل حضره حشد كبير بمسرح البلد بوسط العاصمة الأردنية عمان.
وفي بداية الحفل تحدث الشاعر والروائي زهير أبو شايب قائلا "لو كان ثمة مجال لتحدثت عن ذلك الالتباس الذي يمكن أن يحدث في لحظة كهذه, فمحمود درويش لا يحتاج إلى أي مقدمات لأنه الشاعر الذي نعرف به ذاتنا العميقة ونضيء عتماتها، وبه نقدم الدليل لأنفسنا وأعدائنا على أننا لا نزال أمة تلد وتحلم وتخبئ هذا الضوء لشاعر واحد رغم كل انطفاءاتها وخيباتها".
وتحدث عن ما أسماه "الهشة التي تتسم بها قصائد ونصوص درويش, ووصفها بالمفاجأة التي تتحدى الشعر بالنثر والنثر بالشعر بحيث تتسرب فيها تلك الأحاسيس والمشاعر النضرة".
ويرى أن درويش في "أثر الفراشة" يتحدث عن الشيء ونقيضه من مناطق جديدة في الشعر ويترك في الذات أثرا لا يرى لكنه لا يزال بحيث يدفع المتلقي إلى خلخلة الذائقة ليس بالمعنى بل باليومي.
ثلاث قصائد
وخلال الحفل خاطب درويش الحضور قائلا أشكركم فأنتم الذين جعلتم الشعر ممكنا وضروريا.
كما ألقى الشاعر الفلسطيني ثلاث قصائد من ديوانه الذي يسميه "يوميات", بدأها بقصيدة البنت-الصرخة, جاء فيها:
على شاطئ البحر بنت وللبنت أهلوللأهل بيت وللبيت نافذتان وبابوفي البحر بارجة تتسلىبصيد المشاة على شاطئ البحرأربعة.. خمسة.. سبعةيسقطون على الرمل والبنت تنجو قليلالأن يدا من ضباب.. يدا إلهية أسعفتها فنادتأبي يا أبي! قم لنرجع فالبحر ليس لأمثالنالم يجبها أبوها المسجى على ظله.وفي القصيدة الثانية "البعوضة" جاء:البعوضة ولا تعرف اسم مذكرهاأشد فتكا من النميمةلا تكتفي بمص الدمتزج بك في معركة عبثيةولا تزور إلا في الظلامكحمى المتنبيلكن البعوضة تحط على الصفحة التي تقرؤهاوتفرح في سرك لقد وقعت في الفخوتطوي الكتاب عليها بقوةقتلتها وحين تفتح الكتابلتزهو بانتصارك لا تجدالبعوضة ولا الكلمات.أما في القصيدة الثالثة "بندقية" فقال:لن يهزمني أحد ولن أنتصر على أحدقال رجل الأمن المقنع المكلف بمهمة غامضةأطلق النار على الهواءوقال على الرصاصة وحدها أن تعرف من هو العدورد عليه الهواء برصاصة مماثلةوحين عاد إلى بيته في المخيممتكئا على بندقيته وجد البيتمزدحما بالمعزين فابتسم لأنهظن أنهم ظنوا أنه شهيد حقاوقال: لم أمتوعندما أخبروه أنه هو قاتل أخيه نظر إلى بندقيتهباحتقار وقال: سأبيعها لأشتري بثمنها كفنا يليق بأخي.
تكريس الجماهيرية
من جانبه قال الناقد موسى برهومة إن الشاعر محمود درويش يكرس مرة أخرى حضوره وجماهيريته لتأكيد أن الشعر لا يزال كما قال "ممكنا وضروريا"، فالجمهور الذي احتشد في مسرح البلد لمتابعة توقيع كتابه الأخير يؤكد أن الشاعر عندما يصغي إلى إيقاع اللحظة التاريخية فإنه يظفر بالشعر والجمهور معا.
وأضاف برهومة أن هذه السمة لا تتوفر ولم تتوفر من قبل إلا لشاعرين اثنين معاصرين هما الراحل نزار قباني ومحمود درويش الذي يؤكد أن على الأرض ما يستحق الحياة.
واستطرد الناقد قائلا إنه رغم أن مجموعة درويش الأخيرة "أثر الفراشة" تقف كما قال على التخوم من التجنيس الأدبي إلا أن ذلك لم يمنع الجمهور الكثيف داخل المسرح وخارجه أن يصطف طوابير طويلة لنيل نسخة من الكتاب الذي يصعب على صاحبه تعريفه سواء أكان ينتمي إلى النثر أم للشعر أو كليهما.
وختم تعليقه بالقول "المهم أن درويش لا يزال يعد القصيدة العربية بالكثير كما يعد قراءه بأن يظل متجددا دفاقا يجترح لغة جديدة ويأخذ جمهوره إلى فضاءات جديدة".
يذكر أن يوميات درويش كتبت بين صيفي 2006 و2007 في أكثر من مدينة وقرية عاش فيها الشاعر عبر العالم.