منع مسلسل عبد الناصر

طالعتنا أخبار القاهرة، بخبر مفاده أن أصحاب الشأن في الوزارات المسؤولة عن السماح بعرض المسلسلات على الفضائيات والأرضيات المتلفزة في مصر قد اتخذوا قرارا بمنع عرض مسلسل (جمال عبد الناصر)، هذا العمل الذي أخرجه المخرج السوري الفلسطيني المعروف باسل الخطيب عن نص يسري الجندي وتدقيق تاريخي للمرحوم لبيب زريق قبل رحيله بوقت قليل حيث تابعت تدقيقه التاريخي من بعده الدكتورة هدى جمال عبد الناصر.

أما عن السبب وراء منع عرضه في شهر رمضان المبارك في التلفزيون المصري فلا أحد قد تجرأ على الإفصاح عن سبب ذلك.. علما أنهم سبق وسمحوا في السنة الفائتة وفي جميع الأقنية الأرضية والفضائية المصرية بعرض مسلسل عن سيرة حياة الملك فاروق مع كل ما للحكومة من اعتراض وافتراق ظاهري مع حقبة الملك فاروق التي يفترض أن يكون الحكم القائم في القاهرة اليوم قد قام على أنقاضها وفي مواجهتها.. أما أن لايسمح بعرض مسلسل مهم عن حياة الزعيم العربي جمال عبد الناصر قائد الأمة العربية وليس شعب مصر فقط.. هذا الرجل الذي غير مجرى التاريخ في الوطن العربي...أن لا يسمح الآن بعرض مسلسله بين أهله وذويه الأقربين، فهي مسألة فيها ما فيها.

والحقيقة فان اسم جمال عبد الناصر مجرد اسمه يخيف بعض الأنظمة فما بالك بثلاثين حلقة رمضانية يومية عن حياته...

إن سيرة عبد الناصر ما زالت سيرة رجل في أمة..سيرة رجل ليس ككل الرجال، قاد الأمة في مرحلة زمنية مفصلية ما برحت تاركة آثارها القومية العنفوانية في حياة الأمة العربية برمتها.

وهذه السيرة العطرة تؤثر وتكشف المستور، وتظهر الآخرين بشكل غير مباشر على حقائقهم.. وهذا مالا يروق للبعض منهم، فليس من مصلحتهم إظهار الحياة الشخصية والنضالية لعبد الناصر، هذا الرجل الذي ما أحوجنا إليه وإلى أمثاله هذه الأيام..بينما نعيش حالات الترهل والانتكاس الكبرى في جميع مناحي الحياة اليومية للأمة..

ولعل منع عرض مسلسل عن جمال عبد الناصر في هذه الأيام يؤشر إلى حالة مأزقيه بائنة تعيشها هذه النظم، التي غردت بعيدا خارج سرب –ثورة يوليو، وأخذت بالشعب المصري والشعب العربي إلى منعرجات أمريكية غير خافية على أحد، بل لعل المنع قد جاء هو الآخر من واشنطن – سيدة القرار العالمي لهذه الأنظمة التي باعت نفسها رخيصا لجورج بوش ومن سيأتي من بعده.