الثلاثاء ١٨ كانون الثاني (يناير) ٢٠١١
بقلم
مَرَايَا الْخَوف
عَلى طَرَفٍ مِنَ الدُّنْيَا كَسَونَا الرُّوحَ أَوهَامَاوَصِرْنَا نَظْعَنُ الأَوطَانَ في صَمْتٍ وَنَسْكُنُ في حَقَائِبِنَافَأَلْقَوا طُوبَةَ الطُّرُقَاتِ في أَعْنَاقِنَا زَرَدَاوَهَمَّتْ كُلُّ نَاحِيَةٍ تُرِيدُ الْفَوتَ وَانْهَمَكَتْ تَلُفُّ لِحَافَهَا..وَالرِّيحُ تَمْلأُ ثَغْرَهَا زَبَدَاأَيَا امْرَأَةً تَقَوَّسَ ظِلُّهَا وَانْشَقَّ مِنْ عَتَمَاتِهَا شَعْبٌ يَلُوكُ الْمَوتَ مَرَّاتٍوَمَرَّاتٍ يُبَدِّلُ مَوتَهُ كَمَدَالِمَ الأَنْبَاءُ عَقْرَى..لَيسَ في أَيَّامِهَا خَبَرٌ نُكَحِّلُ مِنْ مَرَاوِدِهِ رُمُوشَ الصُّبْحِ وَالعُرُبَاأُعَاتِبُ فِيكِ إِخْوَةَ يُوسُفَ الْعَرَبِيِّ إِذْ صَنَعُوا أَرَاجِيزَ الْمَهَانَةِ وَاكْتَفَوا بِاللَّومِ..قَالُوا عِنْدَ كُلِّ خَطِيئَةٍ..مِفْتَاحُ عَودَتِكُمْ يُثِيرُ الْجَمْعَ وَالأَخْوَالُ أَلْقَوا دُونَنَا الْحُجُبَارَأَيتُكِ في ثَنَايَا الْهَمِّ عَارِيَةً مِنَ الأَبْنَاءِ وَالأَنْسَابِ..تَحْتَطِبِينَ في غَسَقِ الْعِدَى حَصَبَ الأَتُونِ وَتُشْعِلينَ يَدَيكِ وَالْوَلَدَاوَتَنْتَظِرِينَ جَذْوَةَ نَجْمَةٍ شَرَدَتْ مِنَ الأَحْلامِ..وَالْعَينُ اكْتَوَتْ شَعْبَاً يَجِيشُ وَيَبْلَعُ الْوَقَدَارَأَيتُكِ في مَرَايَا الْخَوفِ..وَالنِّيرُ اعْتَلَى عُنُقَ الْبِلادِ وَتَحْصُدِينَ غُبَارَ فُرْقَتِنَا..وَمَا في لُبِّهَا مَاءٌ يَبُلُّ الرِّيقَ وَالْعَضُدَاعَذَارَى تَخْتَفِي خَلْفَ الدُّمُوعِ..قُلُوبُهَا مُلِئَتْ بِمِلْح الْحَلْقِ يَثْقُبُ صَمْتُهَا جُدُرَ اللَّيَالِي..وَاللَّيَالِي تَمْتَطْي بَلَدَاحِبَالُ الشَّمْسِ نَتْرُكُهَا لِمَنْ يَهْوَىنُفَكِّكُ عُرْوَةَ التَّارِيخِ نَنْثُرُهَا فَتَنْبُتُ خَيمَةُ الأَجْدَادِ بُلْدَانَارَأَيتُكِ أُمَّةً رَقَصَتْ عَلَى جُرُفٍ يَشُقُّ الدَّارَ أَقْوَامَاًوَلَمْ تُلْقِي لَهَا عَصَبَافَمَنْ أَعْطَاكِ هَذَا الصَّمْتَ..وَالْبَلْوَى تَغَدَّتْ مِنْ جَوَانِبِ بَيتِكِ الْكَابِي وَكَانَ عَشَاؤُهَا بَلَدَافَقُولِي أَيُّ دَمْعٍ يُطْفِئُ الأَجْدَاثَ..فَالْمَوتَى تُقَلِّبُ عَظْمَهَا غَضَبَاتُنَادِي أُمَّةً ظَعَنَتْ وَلَمْ تَتْرُكْ وَرَاءَ ظُهُورِهَا أَحَدَاوَمَا تَدْرِينَ كَيفَ تَسِيرُ أَفْئِدَةٌ عَلَى دَرْبِ السَّرَابِ..وَذَاكَ بَحْرٌ يَخْتَفِي مِنْ لَونِهِ..وَالشَّطُّ تَبْتَعِدِينَ عَنْ صَخَرَاتِهِ هَرَبَاعَلَى مِفْتَاحِ قَرْيَتِنَا نَمُدُّ الْخَطْوَ نَنْهَلُ مِنْ أَمَانِينَافَتَرْقُصُ في غَوَائِلِنَا جَرَادُ الْبِيدِ تَدْخُلُ مِنْ شَبَابِيكِ الْخَوَاطِرِ تَفْتِنُ الْفِرَقَاعَلَى جُدْرَانِ عَودَتِنا نُعَلِّقُ سَرْجَ نَجْمَتِنَا..وَصُورَةَ قَرْيَةٍ نَعَسَتْ وَلَمْ تَحْسِبْ لَهَا أَمَدَاخُذِينِي في صَلاتِكِ دَمْعَةً حَدَرَتْ عَلَى وَطَنٍ وَمُتَّكَأَسَعُوطُ الْجَدِّ نُلْقِمُهُ مَعَانِينَا فَيَشْخَبُ في مَوَاجِعِنَا حَلِيبُ الرَّفْضِ..نَسْكُبُهُ عَلَى دَمْعَاتِنِا فَتُحِيلُهَا بَرَدَاوَنَخْلَعُ مِنْ جَبِيرَتِنَا عِظَامَ الصَّبْرِ..نَرْبِطُهَا بِأَوْرِدَةٍ سَقَينَاهَا دُمُوعَ التِّينِ وَالزَّيتُونِ تَرْتِيلاً بِهِ صَدْعٌ وَمِيعَادٌوَمِفْتَاحٌ يُكُلِّمُ لَهْفَةً تًهْفُو لِدَالِيَةٍ تُغَنِّي لِلْعَصَافِيرِ الّتِي طَرِبَتْ إلى صُبْحٍ تَفَلَّقَ مِنْ إِهَابِ اللَّيلِ مَدَّ يَدَا