الخميس ١٥ نيسان (أبريل) ٢٠١٠
بقلم
الغــــــــابــــــــة
(اَلَّلهُمَّ بِنُورِكَ يَا فَتَّاحُ أَصُولُوَبِجَاهِكَ يَا رَزَّاقُ أَجُولُوَبِأَمْرِكَ يَا مَوْلاَيَ أَسِيرُأَسْأَلُكَ الْبِرَّوَأَسْأَلُكَ التَّقْوَىفِي إِبْحَارِي هَذَابَيْنَ جَزَائِرِ ذَاتِي،وَمِنَ الشِّعْرِ الْمُتأجِّجِ عِشْقاًمَا تَرْضَى.اَللَّهُمَّ عَلَيَّ أَنَاهَوِّنْ هَذَا الصَّمْتَ الصَّاخِبَ فِي بَيْدَاءِ حَيَاتِيوَٱطْوِ لِقَلْبِي هَذَا البُعْدَ الْمُمْتَدَّمِنَ الزَّمَنِ الْمُبْتَلِّ إِلَى الزَّمَنِ الآتِيمَنْ غَيْرُكَ يَصْحَبُنِي فِي سَفَرِيمَنْ غَيْرُكَ يَخْلُفُنِي فِي أَهْلِيويُدَثِّرُنِي بِمَحَبَّتِهِ البَيْضَاءِ وَيَرْعَانِيحِينَ تَشُقُّ سَوَاحِلَ عَيْنَيَّ مَفَاتِنُ هَذِي الغَابَهْمَنْ غَيْرُكَ يَحْفَظُنِي مِنْ سِحْرِ غَلاَئِلِهَا الْخَلاَّبَهْ)****بَدَا وَمَا زَالَ الْعَيَاءُ يَمْتَطِيعَيْنَيَّ مِنْ نَافِذَةِ القِطَارْوَجْهُ الصَّبَاحِوَهْوَ يُخْفِي الْجَوْهَرَ الوَهَّاجَمَا بَيْنَ الرَّوَابِي وَالبِطَاحِلَحْظةً أَوْ لَحْظَتَيْنِثُمَّ يَأْتِي جِهَةَ الْمَدِينَةِ الغُبَارْيُسْلِمُنِي القِطَارُ لِلشَّوَارِعِ الْكَبِيرَهْتَصِيرُ بَيْنَ غَابَةِ الإِسْمَنْتِ قَامَتِي..تَصِيرُ قَامَتِي قَصِيرَةً..قَصِيرَهْ..****(رَبَّ السَّمَاوَاتِ وَمَا أَظْلَلْنْرَبَّ البِحَارِ الْهُوجِ..رَبَّ الأَرَضِينَ رَبَّ مَا أَقْلَلْنْرَبَّ الرِّيَاحِ رَبَّ مَا أَذْرَيْنْأَسْأَلُكَ ﭐللَّهُمَّ خَيْرَ هَذِهِ البَلْدَهْأَسْأَلُكَ ﭐللَّهُمَّ خَيْرَ أَهْلِهَا..وَخَيْرَ مَا فِيهَاأَعُوذُ، رَبِّي، بِكَ مِنْ أَشْجَارِهَا أَشْرَارِهَاوَشَرِّهاَ وَشَرِّ مَا فِيهَا)****فِي هَذِهِ الْمَدِينَهْتَسْقُطُ نَخْلَةٌ عَلَى الطَّرِيقِلاَ أَحَدٌ يَشْعُرُ بِالنَّخْلَةِوَهْيَ تَهْجُرُ الْجُذُورْ****(...)تَسْقُطُ طِفْلَةٌ مُبْتَلَّةٌ عَلَى الرَّصِيفْمَرَّ بِهَا الشِّتَاءُ وَالعَذَابُ وَالْخَرِيفْمَرَّ بِهَا السَّحَابُ وَالرَّصَاصُ وَالغُبَارْمَرَّ بِهَا الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُوَالصِّغَارُ وَالكِبَارْفَوَاحِدٌ عَيْنَاهُ تَعْبُرَانِ جَمْرَ الْجَسَدِ النَّحِيفْوَوَاحِدٌ يَسْرِقُ نَظْرَةًوَيُخْفِي وَجْهَهُ فِي صَفْحَةِ الْجَرِيدَهْوَوَاحِدٌ يَتْفُِلُ قُدَّامَ ظِلاَلِ حُلْمِهَا الْمَحْرُوقْوَرُبَّمَا حَدَّثَ جَوْفَهُ الْمُصَابَبِالْخَرَابِ وَالتُّرَابِ وَالصَّدَىفَقَالَ فِي هُدُوءْ:"لَعَلَّهَا هِيَ الَّتِيخَبَّأهَا الزَّمَانُ فِي الصُّنْدُوقْوَعِطْرُهَا ظَلَّ يَفُوحُ عَارِياً فِي السُّوقْمُشَيِّداً فِي هَذِهِ التُّخُومْقَرْيَتَهُ سَدُومْ""لَعَلَّهَا هِيَ الَّتِي أَلْقَتْ بِشَهْوَةِ النَّدَىإِلَى الذِّئَابْ""لَعَلَّها..لَعَلَّها.."لَكِنَّ وَاحِداً مِنَ الرِّجَالْوَهْو يَجُرُّ خُفْيَةً هَيْكَلَهُ العَظْمِيَّحِينَمَا تَسَلَّقَتْ طُيُورُ حُزْنِهَاشَغَافَ قَلْبِهِ الشَّجِيِّ قَالْ:"لَعَلَّهَامِنْ قَرْيَةٍ تَأْكُلُ حِينَمَا تَجُوعُ أَهْلَهَالَعَلَّهَا هِيَ الَّتِيضَيَّعَهَا هَذَا الزَّمَانْفانْتَشَرَتْ وَٱنْتَثََرَتْ أَشْلاؤُهَابَيْنَ العِمَارَاتِ وَفِي كُلِّ مَكَانْلَعَلَّهَا..لَعَلَّهَا.."****فِي هَذِهِ الْمَدِينَةِ اليَبَابْتَسْقُطُ طِفْلَةٌ..تَسْقُطُ نَخْلَةٌ..وَيَنْتَشِي التُّرَابْ****مَرِيرَةٌ هِيَ الْحَيَاةُ هَاهُنَا مَرِيرَةٌ هِيَ الْحَيَاةُوَالأَنَامُ فِي شَوَارِعِي غِضَابُبَيْنِي وَبَيْنَ العَالَمِينَ يا فُؤَادِيقَدْ تَأَجَّجَ الْخَرَابُثُمَّ ﭐرْتَمَتْ عَلَى بَقَايَا هَيْكَلِي الْجِرَاحْآحْ.. آحْ.. آحْ..لَيْتَ حَبِيبَ القَلْبِ يَحْلُو..ثُمَّ يَرْضَى.."لَيْتَ" مَا أَمَرَّهَاحِينَ يَرِنُّ صَوْتُهَا الْمُبَاحْفِي شَارِعٍ يَمْلأُهُ الإِنْسَانُبِالصَّهيلِ وَالْمُوَاءِ وَالعُوَاءِ وَالنُّبَاحْ****فِي هَذِهِ السَّاحَةِ تَهْوِي دَوْحَةٌعِنْدَ الضُّحَى الوَهَّاجْوَقَبْلَ أَنْ يَجِيءَ لَيْلٌ دَاجْتَنْبُتُ مِنْ جُذُورِهَا الأَبْرَاجْفَتَكْبُرُ الْغَابَةُ تَمْتَدُّ يَمِيناًتَكْبُرُ الْغَابَةُ تَمْتَدُّ يَسَاراًتَكْبُرُ الْغَابَةُ تَبْلَعُ الْهَوَاءَ وَالضِّيَاءَوَالنَّهَارَ وَالبِحَارَ وَالأَمْوَاجْ****فِي الشَّارِعِ الْخَلْفِيتَجَمْهَرَ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُوَالكِلاَبُ وَالقِطَاطُ..فِي الشَّارِعِ الْخَلْفِيتَجَمْهَرُوا..وَمِنْ أَجْسَامِهِمْ أَعْجَازِهمْدَائِرَةٌ مُلْتَهِبَهْكَانَ الكِلاَبُ وَالقِطَاطُ وَالنِّسَاءُ وَالرِّجَالُوَاقِفِينَ وَقْفَةً مُضْطَرِبَهْأَعْنَاقُهُمْ تَقَوَّسَتْ إِلَى الأَمَامْرُؤُوسُهُمْ مِثْلَ العَرَاجِينِ تَدَلَّتْعَلَّهَا تُغَادِرُ الأَجْسَامْعُيُونُهُمْ تَكَادُ تَهْجُرُ الوُجُوهْ-"مَاذَا هُنَاكْ"لاَ أَحَدٌ تَسَمَّعَ السُّؤَالْكَانَ الضَّجِيجُ قَاهِراًكَانَ الكَلاَمُ قَاهِراً..كَانَ السُّكُوتُ قَاهِراً..وَالْخَوْفُ كَانَ قَاهِراً..................................فِي الشَّارِعِ الْخَلْفِيتَجَمْهَرَ الْكِلاَبُ وَالقِطَاطُوَالقِطَاطُ وَالكِلاَبُمِنْ أَيْنَ يَا قَلْبِيبِهَذَا الشَّارِعِ الْخَلْفِيسَيَأْتِيكَ الْجَوَابُوَهَؤُلاَءِ الْجُوفُ فِي شَوَارِعِيبَيْنِي وَبَيْنَهُمْ تَأَجَّجَ الْخَرَابُ****سَيَّارَةٌ بَيْضَاءُ مِنْ بَعِيدْيَسْبِقُ صَوْتَهَاصَهِيلُ بُوقِهَا العَنِيفِ وَالْمُخِيفْاِنْحَرَفَ الْخَلْقُ يَميناًاِنْحَرَفَ الْخَلْقُ يَسَاراًاِنْبَثَقَتْ مِنْ شِدَّةِ الزِّلْزَالِبِالْمَيْدَانِ فَجْوَةٌ بِحَجْمِ الْحُزْنِ وَالْعَذَابْ:عَلَى الرَّصِيفِ جُثَّةٌ نَاعِمَةُ الأَطْرَافْتَسْقِي دِمَاهَا أَحْرُفَ الصَّفْصَافْلَرُبَّمَاسَيَّارَةٌ هِيَ الَّتِي..أَوْ رُبَّمَا..حَافِلَةٌ هِيَ الَّتِي..أَوْ رُبَّمَاشَاحِنَةٌ..أَوْ شَجَرَهْ.........................................شَابٌّ بَهِيٌّ تَرْتَدِِيهِ بِذْلَةٌ تَلْمَعُ كَاللَّيْلِ العُبَابْوَرَأْسُهُ تُخْفِيهِ خَوْذَةٌ بِلَوْنِ الْحُزْنِ وَالتُّرَابْسَأَلْتُهُ:- مَا الأَمْرُ يَا زَيْنَ الشَّباَبْقَالَ: وَعَيْنَاهُ عَلَى مِئْذَنَةٍ تَعْلُو السَّحَابْ:- بَحْرٌ عَنِيفٌ مَوْجُهُيَخْبِطُ كَالْعَشْوَاءِ..مَنْ يُصِبْ(...)وَكَمْ أَصَابْتَسَلَّقَتْ كَمَا اللَّبْلاَبِ عَيْنَاهُ بِخَوْفٍقَامَتِيَ الفِيْحَاءَ..فَجْأَةً...تَوَقَّفَتْ عَيْنَاهُ عِنْدَ وَجْهِيَ النَّحِيفْتَصَفََّحَتْ عَيْنَاهُ غَابَةً كَثِيفَةًكَثَافَةَ الفَلاَةِ فِي حَيَاتِيأَلْقَتْ ظِلاَلَهَا عَلَى مِرْآتِيفَارْتَعَشَتْ بَيْنَ ضُلُوعِ صَدْرِهِ الْمُنْهَارِأَسْرَابُ اليَمَامْأَطْلَقَ صَوْتاً جَوْفُهُ الْمُرُّ كَمَا السَّيَّارَةِ البَيْضَاءْثُمَّ ﭐخْتَفَى وَسْطَ الزِّحَامْ****فِي آخِرِ الْمَسَاءْوَبَيْنَمَا الْمَدِينَةُ العَمْيَاءْتَغُطُّ فِي رُقَادِهَا العَمِيقْوَتُحْكِمُ الغِطَاءْكَانَتْ تَقُضُّ مَضْجَعَ الفَضَاءْصَفَّارَةُ القِطَارْ(لَكَ الْحَمْدُ وَأَنْتَ تُسَخِّرُ هَذَا لِعِبَادِكْمَا كَانَتْ نَفْسٌ وَاحِدَةٌ مُقْرِنَةً لِعَطَائِكْكُلُّ عِبَادِكَ مُنْقَلِبُونَ إِلَيْكَ حَبِيبِي..كُلُّ عِبَادِكْ)كَانَ القِطَارُ آخِرَ الْمَسَاءْقَدْ بَلَعَ الرِّجَالَ وَالنِّسَاءْقَدْ بَلَعَ الصِّغَارَ وَالْكِبَارَ ثُمَّ غَابْلَكِنَّ وَاحِداً مِنَ الرُّكَّابْرَغْمَ ﭐنْطِفَاءِ جَمْرَةِ النَّهَارْلَمَّا يَصِلْ بَعْدُ إِلَى مَحَطَّةِ القِطَارْ