الأربعاء ١٦ آذار (مارس) ٢٠١١
بقلم محمد أسعد قانصو

البحرين أولاً ..

ليس بعيداً عمّا حصل في تونس ومصر بالأمس، وما يحصل اليوم في ليبيا واليمن، فإنَّ رياح التغيير قد هبّت في الخليج العربي، وإعصار ثورة الحناجر المنخنقة والزنود المكبّلة بدأ يضرب مداميك الحكم الوراثي المستحكم في الصحراء العربية، ولعلّ ما يحدث في البحرين هو أول الشواهد والأدلة على بداية النهاية لحكم العجائز الذين يمعنون استخفافاً بشعوبهم التوّاقة للحداثة والحرّية والديموقراطية ..

وليست مفاجئة تلك السياسة الرعناء المعتمدة من قبل "صاحب الجلالة الملك المفدى حفظه الله ورعاه إلخ.." والتي سبقه إليها زين العابدين بن علي وحسني مبارك ويمارسها اليوم ملك ملوك أفريقيا في مواجهة شعبه بالمدافع والطائرات، ذلك أنَّ من لم يقرأ يوماً في كتاب حرية الإنسان و حقوقه، ومن لم يتحسّس آلام الشّعب وآماله، ومن كان غارقاً في نشوة الحكم وعنجهية السلطة لا يُستغرب منه ذلك، ولا ُيستبعد منه سفك الدّماء وانتهاك الحرمات وتدمير البلاد وقد قيل يوماً " إنَّ المُلك عقيم "

البحرين فاتحة عهد الثورة الخليجية وهذه رسالة مفتوحة لكلِّ أصحاب الجلالة الذين تداعى بعضهم لنصرة وحماية "الملك المفدى"، وقد رأينا طلائع جيوش شبه الجزيرة بالأمس تتجه لأرض البحرين باستعراض للقوة، وبمهمة قمعية بامتياز يُراد من ورائها تطويع الشعب البحريني الأعزل وقمع حركته السلمية، ولو استدعى ذلك إبادة جماعية تكون مقدّمة لإعادة رسم الديموغرافية التي يراها بنو خليفة دعامة لا بدّ منها في تثبيت سلطانهم وهيمنتهم على البحرين .

غير أنَّ هذه الطلائع المظفّرة تنتظرها مهمّات أخرى لأنَّ الرّمال في الخليج باتت متحركة، ولأنَّ موجات شعبية ستعصف قريباً في أكثر من دولة خليجية، ما يجعل من هذه الجيوش ضرورة لحماية العروش المتآكلة .

وبما أنَّ هذه الجيوش لا تنفصل عن النسيج الاجتماعي فهي تتحمّل مسؤولية الحماية للنّاس والدفاع عن مطالبهم المشروعة والمحقّة، ولا يجوز أن يستقيل العقل العسكري من موقعيته الإنسانية ولا يصح أن يُوجه السلاح تحت أيّ ظرف أو مبرّر إلى صدور النّاس الأبرياء العزّل، وليتذّكر الجنود أنّ أوسمة الشّجاعة تُعلّق على صدور من حملوا البندقية في سوح المعارك المشرّفة وليس في الشوارع الشعبية أو المدارس والجامعات !!..

إنَّ رسالة البحرين واضحةٌ جلية، فالشعب يريد التغيير، يريد تداول السلطة، يريد حكماً معبراً عن طموحات الناس، يريد الإصلاح الجوهري لا الترقيع الشكلي . وقد بات لزاماً أن ينصت المستمسكون بزمام الحكم لصوت الشعب، لا لتعليمات الإدارة الأميركية التي أصبحت شعاراتها عن الحرية والديموقراطية مزحة ممجوجة ودعابة ثقيلة، وهي الآن تدفع بالأنظمة العربية لقمع الشعوب ليس إلّا حماية لمصالحها وإبقاءً على وكلائها الخائبين الذين ستصدر بيانات إقالتهم وإعفائهم من الخدمة فيما لو امتدّت يد القدر لتستجيب لإرادة الثوّار في الحرّية والحياة ..


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى