الثلاثاء ١٨ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠١٢
بقلم محمود شرف

ببساطة

الرَّجُلُ فِي الْفُنْدُقِ
يُحَدِّقُ فِي الأَمْوَاجِ الْبَعِيدَةِ
فِي لَيْلٍ يَبْكِي
حَافِلاتٌ سَاطِعَةٌ تَئِنُّ كَذَلِكَ
وَ رُءُوسٌ كَثِيرَةٌ تَتَدَلَّى مِنَ النَّوَافِذِ
 
يَرْقُصُ وَحِيدًا..
مُنْتَشِيًا كَالْعَادَةِ
أَحْبَبْتُ أَنْ أُنَبِّهَهُ لِأَخْطَائِهِ
لَكِنَّهُ تَجَاهَلَنِي .،
وَ أَكْمَلَ مُهِمَّتَهُ
 
كَانَ الْمَطَرُ الَّليْلِيُّ يَهْطُلُ غَزِيرًا
وَ الدَّقَائِقُ الْمَوْقُوتَةُ لِعَوْدَتِهِ تَطُولُ
وَ تَبْتَعِدُ عَنِ الشَّاطِئِ مَرَاكِبُهُ الْأَلِيفَةُ
فَلَا يَعْرِفُ بَعْدَهَا مَا يُمْكِنُ أَنْ يَحْدُثَ
وَ هُوَ يُحَدِّقُ فِي الْفَرَاغِ
لَمْ يَكُنْ يُرِيدُ أَنْ يَسْمَعَ
لَمْ يَكُنْ يُرِيدُ أَنْ تَرَاهُ الْأَشْيَاءُ الْعَابِرَةُ
رَاكِعًا أَمَامَ النَّافِذَةِ
يَتْلُو كُلَّ مَا يَعْرِفُ مِنْ صَلَوَاتٍ
مِنْ غَابِرٍ
الْغَابِرُونَ أَنْفُسُهُمْ كَانُوا سَيَضْحَكُونَ مِنْهُ
لِأَنَّهُ لَا يَعْرِفُ
وَ لَا يُرِيدُ أَنْ يَعْرِفَ بِكُلِّ تَأْكِيدٍ
حَتَّى .. لَا يُرِيدُ أَنْ يَسْمَعَ
مَيْتَةٌ صَغِيرَةٌ كَتِلْكَ .. لَمْ تَكُنْ لِتَمْنَعَهُ
وَ هُوَ سَادِرٌ فِي إِرَاقَةِ رُوحِهِ
عَلَى أَسِرَّةِ الْآَخَرِينَ
وَ هُوَ يَنْتَفِضُ لِمُمَالَأَةِ طَقْسِهِ الْأَبَدِيِّ
أَنَا كُنْتُ أُرِيدُ أَنْ أَنْصَحَهُ
أَنْ أَنْفُضَ عَنْهُ غُبَارًا عَالِقًا بِسُتْرَتِهِ الْبَرَّاقَةِ
وَ أَضَعَهُ مُنْتَشِيًا فَوْقَ شُرْشُفِهِ النَّاصِعِ
كَانَ !!
رُبَّمَا الُّلغَةُ عِلَّةُ الْأَشْيَاءِ
أَوْ كُنْتُ عَلِيلًا ..
مُغْتَوِيًا بِانْحِرَافَاتِي الْحَادَّةِ
فَلَمْ يَكُنْ يُرِيدُ أَنْ يُنْصِتَ
 
أَيُّهَا الْوَغْدُ ..
غَرِيبَ الأَطْوَارِ
كُنْ كَمَا تَشَاءُ
فَالْمَرَاكِبُ ابْتَعَدَتْ قَدْرَ مَا تَعْرِفُ
وَ الْعَوْدَةُ الْآَنَ مُسْتَحِيلةٌ
بِحَاجَةٍ أَنْتَ الْآَنَ لِتَعْوِيذَةٍ لَا تُتْقِنُهَا
وَ الْغَابِرُونَ .. يَضْحَكُونَ ..
مِلءَ أَشْدَاقِهِمْ يَضْحَكُونَ
لَا تَمْنَعُهُمْ نَوْبَاتُ الْفُوَاقِ الْقَاتِلَةُ
وَ لَا الْخَمْرُ الَّتِي تَسْبَحُ فِي أَرْوَاحِهِمْ
 
انْظُرْ ..
كُنْتَ رَجْلًا عَابِرًا ..
يَنْظُرُ مِنْ نَافِذَةِ غُرْفَتِهِ ..
فِي فُنْدُقٍ عَابِرٍ ..
لَا تَذْكُرُ اسْمَهُ
انْظُرْ مَاذَا يَحْدُثُ الْآَنَ ..
كُلُّ الْأَشْيَاءِ تَبَدَّلَتْ أَمَاكِنُهَا
الْبَحْرُ نَفْسُهُ أَصْبَحَ بِلَا مَوْجٍ
وَ رُوحِي تُغَادِرُ جُحْرَهَا الصَّغِيرَ
مُبَلَّلَةً بِالْمَطَرِ الَّذِي تَمَاهَى عَلَى عَتَبَاتِ الْجَسَدِ

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى