الأحد ١١ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠١٢
بقلم إبراهيم جوهر

إنجازات «الأنجزة» في بلدنا

هل أنجزت (الأنجزة) تغييرها المطلوب وفرضت ثقافتها؟!!

... وكأنها قد أنجزتها!! أم أن الأمر يخيّل إليّ؟

هادئ هذا الصباح، بدا هادئا ساكنا في بدايات سحره الأولى قبل أن يستيقظ الحي. كنت وحيدا على الشرفة قبل الفجر الكاذب أنا والقطط الصغيرة التي لم تعتد الخوف بعد من الإنسان. لم أنهرها رغم إزعاجها الجميل! راقبتها وهي تلعب وتتلوى مطمئنة. إنها لا تخشى الغدر، لا مني ولا من غيري بعد، تظن الحياة صفاء دائما، وبراءة. لم تجرّب الغدر ولا الغضب لذا فهي سعيدة تمرح وتقترب وتلعب وتمسك الأشياء التي تصادفها...

قطط صغيرة بريئة نشطة تركتها تنمو وتكبر على مقربة من المنزل ، أطعمها أحيانا وأسقيها حتى ألفت المكان وناسه. هي لم تعرف بعد أن الصفاء لا يدوم! لا تدري أن الغضب قد يحلّ في أي لحظة! إنها مطمئنة لم تجرب بعد، ولم تفهم.

أعيش في الجو الساكن بنشاط وبراءة حتى بدء دبيب المحركات وهي تشخر شاقّة سكون المكان، بدأت حياة العمل. لا مجال للهدوء الآن.

سريعا حيّاني (سيدي تشيع) وغادر؛ عزف قليلا بصوته الرقيق ومضى . منذ فترة طويلة لم يزرني ولم أسمعه، أفتقده بحنان.

هل جاء اليوم ليزورني؟ أم يهيّأ لي؟ المهم أنني سمعته.

هدلت حمامة بكسل حزين وأسرعت في الذهاب.

وأنا بقيت وحدي.

أنهيت عملي ضحى اليوم عند العاشرة والنصف. لن أنتظر موعد الاجتماع لمعلمي اللغة العربية عند الواحدة والنصف؛ سأرجع في الوقت المحدد.

سأرجع، قلت لزملائي. ومضيت...

رجوع عن رجوع يفرق. المهم سأرجع.

مررت في طريق العودة من الشارع الموصل إلى المستوطنة الشهيرة(هار حوماة) التي أقيمت فوق جثث أشجار (جبل أبو غنيم) وصولا إلى حي (أم طوبا).

أعرف مداخل الأحياء العربية من الشوارع الضيقة والحفر والمطبات.

دخلت الحي إذا.

اليوم يكمل (محمد) عامه الخامس عشر. اليوم سنفاجئه باحتفال بسيط.

من المخبز ذي الخبز المميز في (أم طوبا) اشتريت كعكة صغيرة لهذا المساء وقليلا من المعجّنات.
هل سيسرّ (محمد)؟

هو نفسه الذي أهديته رسالة الماجستير حين كان مضى من عمره وقتها عشرة أشهر لأنه (عاتبني) بعدم استجابته لمداعبتي بسبب انشغالي عنه فترة إعداد الدراسة...
اليوم هو في بداية السادسة عشرة.

(وأنا في مثل سنّه تعرفت على مجلة (كفاح الطلبة) و(الوطن) و(فلسطين) و(الشعب) ثم (الفجر). وقرأت رواية توفيق الحكيم (عودة الروح) وبعدها قلت: سأكتب قصة....)

هي الأيام تمضي . هو العمر ينقص مخزونه. هي الذاكرة .إنها الحياة...

عند الواحدة والربع أرجع إلى زملائي؛ ها أنا قد رجعت ووفيت بالوعد.

هل أنجزت (الأنجزة ) ثقافتها وفرضت عاداتها ومفاهيمها وقيمها؟

يحزنني الغباء السياسي المستشري ، ويؤلمني التنفيذ الأعمى للقرارات العمياء. أمس حملت الشرطيات المحجبات هراوات القمع ضد بنات جنسهن المطالبات بإنهاء الانقسام في غزة، ومثلهن فعل زملاؤهن الرجال في (الاسترجال) على نساء صادقات منتميات للوطن وروحه. الأمر ذاته حصل في رام الله حيث عضّت ألسن الغضب ورفعت هراوات الجهل ...وفي الحالتين والموقعين سالت دماء، دماء فلسطينية.

نعم، لأسفي وحرقتي، نعم لخجلي وغصتي... لقد أنجزت (الأنجزة) مهمتها وفرضت ثقافتها .

لماذا تركتم الاقحوان وحيدا؟


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى