الجمعة ٣ أيار (مايو) ٢٠١٩
بقلم عمرو العماد

عودة البحر

كـان وحيدًا يحملُ صـمتَ الآرضِ،
يُناجي الموتَ،
ويَسكـنُ ديـرَ الـروحِ
كان وحيدًا تحتَ مِظلتِـهِ
يَتأمـل الصمـت ْ،
ويَتـغنيلِـيُخامش وحشـتـِهِ
ليعرج في معراج النور،
الي بلد الراحةِ والنهـرِ.
كان وحيدًا يسكـنُ رمـلَ الريـحِ
ويسجـدُ في ظُلماتِ الرعْـد
كان يشـدُّ الموجَ الي الموجِ،
ليصنع من ورق الماء سفينة،
تعبـرُ بِالبحـر الي قـلب الشاطئِ،
كي يؤنسَ وحدتَـهُ مـاء النهْـرْ.
واحتضن الموجَ الموجُ،
وزأر البحـرُ،
وهـدر الـلـيلُ
وكان الناتجُ زَبَدًا هشَّـاً
لا يـقوي أن يعـبرَ بيـن المـوجْ.
كان فقيـرًا ينبعُ مـن بئـر البوار
كـان الشـقُّ بِأقـدام البحـرَ كـبيرًا
والظـمـأُ الأسـودُ ينـبـحُ،
يلعـق مـلحَ ثـراهْ.
كـان الطـلُّ لهـيبًا،
والظلُّ يفـرُّ
ويَـشربُ طـمي النهرِ،
ويلهـو وسـط حُـقول الصهدِ،
يمـدُّ الـموتَ كـلاليـبا
تخطِفُ قـلبَ الـبحرِ،
تخيم فـي أروقه المعبـدِ،
تنـشرُ خـيطًا بـين سـماءٍ خـاويةٍ مـن هـمسةِ ضـوْءْ،
وشِـراعٍ أقـدمِ مـن قَـدَمِ الـليـلِ،
تمدِّدَ في سـابع أرضِ.
ويَـظِـل ُّ عَـليقَأ مـن قـدميهِ
يأتي الـفجـرُ
ولا يـبصِرُ غـيرَ الصمتِ،
يجـيد المـوتَ،
ويحكي عـن قـبرٍ مـظـلمْ،
كـان يُعَـشَّـشُ فــي عـينيـهْ.
هتـف البـرقُ بِـبطنِ الأفـقِ،
وجـاء النُـور مـليكًـا،
يلـبس تـاجَ العِـطـرِ وهـمـسَ النـجـوي
يـبصـر هـذا البـحرَ،
فيـخلـع ذاك التـاجَ
ويسـجـدُ فــي رئـتـيهْ.
يهـبط فــي عـينيه الحورُ،
يغنُّـون مواويـلَ العشـقِ،
يـشدُّون الخـيط َ فَـينزل مـن عـليـاء القـيـدْ،
تـعتـدل الدورةُ فــي دمــهِ ,
يأكــل خـبزَ البـعـثِ،
ويشـرب خـمرَ الصحـوِ،
نضـارة َ أفـقٍ أبيـضْ.
يتـكـئ عـلي سُـرُرٍ سـوداءْ.
تـنبـت فــي عيـنيهِ الـرؤيــا،
يَسْـوَدُ جـناحاهُ فَـيهـتفُ :
أيــن المـــوج....؟
قــام لِيحـكي عــن تــابوتٍ
فــي أروقـة الحُـزن يــدورْ.
عــن مــومياءٍ تــخرُج فــي الـلـيـلِ،
تـصـبُّ خَــناجِرهـا السـاخـنة عـلي سـور العــينْ.
يـســأل سـمراءٍ
كـانت تـروي شجــرة النـورْ.
عــن عـذراءٍ
كـانت تـلـد الحـبِّ ربيعًـا بـكرًا،
ذات عيــنٍ ســوداءْ.
يســأل بـعدَ طــلوع الفـجر عــن النـجمْ.
يســأل مــن قـتل المـومياءَ
وعـبرَ السـدْ.
مــن شـيَّـدَ قــصًرا فــوق
رَحـيل المــدْ.
لمــا وجــدَ الصـبح أســير الــلـيلْ.
صـار عـليقًا مِــن عــينيـهْ..!


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى