أضغاث من الواقع
بعد ارتحالي في هزائمِ غُربتي
وحدي أعودُ يُحيطني بردُ الظلام
آنستُ نارَ الحي فأتنستْ بها
روحُ الضياعِ بمهجتي
وسعى ليقتبسَ الضياءَ/ الدفءَ من آتونِها
قلبٌ على أملِ النجاةِ.. مُعلّقٌ
بسقوطِ آخر سنبلات الجوع
من كف الصبي...
سبعونَ لا سبعٌ مررن بغيهبِ التيهِ المرابضِ في الدروب
نستجدي الأحلامَ أن تطأ العيونَ ولا سبيل
فننامُ في لُججِ الظنونِ مكبّلين بصمتنا
وكأننا قطعانُ أبقارٍ عجافٍ لا تخور
تجترُّ وَحشتها الخُطى
ويؤمها للنسفِ في نهر الغواية
طيفُ عجلِ السامري...
في كل يومٍ نرتضي بعض ابتهاجٍ
من تذكّرِ مجدَ أيامٍ خلت
ونغضُّ طرفَ صراخِ أنفسنا بشدو الأمنيات
نمشي إلى المجهولِ رغم يقيننا
أن السرابَ هو الدليل
ويسوقنا بعصا التجبّرِ في المدى
راع ضرير
إن صادفت ضرباته أجسادنا
يهتزُّ في طربٍ يقول: أنا القوي...
نُلقي شِباكَ الحُلمِ في بحر التمنّي كل ليلٍ علّنا
نحظى بسنبلةٍ بها
إمساكُ روح الجائعين عن الخروج
نقتاتُ خبزَ الصبرِ وهنًا بعد وهن
ونهزُ جذعَ الحُلمِ كي
يسّاقطَ الرطبُ الجني...
كل السنين تشابهت..
فقرٌ.. وأسقامٌ.. وجوع..
كل الخطى تسعى إلى قبوِ الظلامِ
بلا رجوع
كل العيون تخافُ من أضغاثِ أحلامٍ تجيئُ
بلا هجوع
لنظلَ في جُبِ السكونِ رهائنٌ
أبصارنا نحو الدِلاءِ ولا جديد
ما مرَّ مَن سيبيعُنا
بخسًا لنخاسٍ سخي..
سبعونَ لا سبعٌ وما جاء البشير
ما من قميصٍ يُلقهِ بوجوهنا
أفكارُنا.. قطّعنَّ أيديهنَ من هولِ المصير
همّت بنا... فتمنّعت أذهانُنا
من غير برهانٍ ليمكثَ في العذاب شقي..
سبعونَ لا سبعٌ تعاقبَ سيرُها
وتجرُّ في أذيالها كل السنين
زيتونةُ الحيِ المباركُ نبتُها
أغصانها سكنٌ لأسرابِ الجراد
ودمُ الضفادعِ قُمَّلٌ في الأرض كالطوفانِ يهدمُ كل سد
ما جاء من أقصى المدينة أي آتٍ للضعافِ
ومدَّ يد
والتسعُ آياتٍ نراها واقعًا
فنرى خسوفَ الشمسِ في وقت العشي...
سبعونَ لا سبعٌ عصانا كلما
نزلت على الأحجارِ ينفجرُ الجفاف
أمست لقيماتُ الرجاءِ هي الكفاف
ما راود العينين حُلمٌ أننا
يومًا سنحيا في رغد
وكأن عامَ الغوثِ محضُ توهّمٍ
ما جاء في التأويلِ من بشرى النبي.