الاثنين ٢٨ نيسان (أبريل) ٢٠٢٥

الأب الفيلسوف

إبراهيم أمين مؤمن

(مشهد 1: الغياب والحضور)
الابن:
أبي، هل رأيت جنازة آلان كردي؟
الأب:
لم أرها، لكنني رأيت وجع العالم في عينيه الصغيرة، وكأن البحر لم يغرق جسده، بل غرق فيه ضمير البشر.

(مشهد 2: عن الماهية والوجود)
الابن:
أبي، الفلاسفة اختلفوا، من يسبق: الوجود أم الماهية؟
الأب:
الوجود أولًا يا بني، لأنه لا ماهية لشيء لم يكن موجودًا أصلًا. نحن لا نتخيل المعنى قبل أن نلمس صورته.

(مشهد 3: التاريخ والسلطة)
الابن:
هل يُمكننا أن نثق في كتب التاريخ؟
الأب:
التاريخ ليس سجلًا بريئًا يا ولدي. إنه مرآة مشروخة تعكس وجه المنتصر أكثر مما تعكس الحقيقة. اقرأه بعين ناقدة لا بعين تلميذ.

(مشهد 4: الحقيقة)
الابن:
وكيف أميّز الحقيقة؟
الأب:
ابحث عنها في قلبٍ حرّ وعقلٍ متجرد من الهوى. الحقيقة لا تصرخ، لكنها حاضرة لمن يصمت ويصغي.

(مشهد 5: عن العدم والموت)
الابن:
وما هو العدم؟
الأب:
هو ليس شيئًا لنُدركه. إنه فقط غياب الوجود. لكن حتى هذا الغياب لا يخلو من أثر.
الابن:
وهل الموت عدم؟
الأب:
الموت انتقال، لا اختفاء. لا شيء يُفنى في هذا الكون، بل كل شيء يتحول.

(مشهد 6: السعادة)
الابن:
أين أبحث عن السعادة؟
الأب:
في الرضا، لا في الامتلاك. وفي التوازن بين العطاء والتجرّد. السعادة لا تُشترى، لكنها تُكتسب كلما ازددت بُعدًا عن الأنا.

(مشهد 7: الموهبة والعلم)
الابن:
هل الموهبة فطرية؟
الأب:
هي شرارة يولد بها الإنسان، لكن إن لم يُغذِّها بالعلم، خمدت. الموهبة بداية الطريق، والعلم رفيقه حتى النهاية.

(مشهد 8: الحرب والعدالة)
الابن:
في الحروب، من يكون على حق؟
الأب:
في الحرب، الكل خاسر يا بني. أحيانًا لا يكون الحق هدفًا، بل ذريعة، والقوة تكتب الرواية وتوزع الأدوار.

(مشهد 9: النية والخطأ)
الابن:
هل يُمكن لإنسان أن يفعل الشر وهو يظن أنه يُحسن صنعًا؟
الأب:
نعم، لأن الضلال يبدأ حين يتحدث القلب بصوتٍ خافت، ويعلو صوت الهوى والعناد.

(مشهد 10: الإيمان والرضا)
الابن:
متى يبلغ الإنسان كمال الإيمان؟
الأب:
حين يرضى بكل ما يجيء من الله، لا ساخطًا ولا متأففًا. فالإيمان الكامل ليس في كثرة العبادة، بل في عمق السكينة.

(مشهد 11: الإنسان والحقيقة)
الابن:
ما الإنسان؟
الأب:
روحٌ تبحث عن معنى، وقلبٌ يُضيء إذا صَدَق، ويظلم إذا جحد. هو مشروع نور، إن صدق نفسه بلغ.

(مشهد 12: عن النوم والموت)
الابن:
وهل النوم صورة من الموت؟
الأب:
صورة ناقصة. فالنائم يعود، أما من مضى، فلا عودة له. النوم استراحة للجسد، والموت استراحة للروح في انتظار النشور.

(مشهد 13: النهاية)
الابن:
وما بعد كل هذا، ماذا يبقى يا أبي؟
الأب:
يبقى الأثر، لا المال ولا الكلام. ما زرعته من خير، وما أنقذت من نفس، وما تركت من نورٍ في دروب الآخرين… هو ما يبقى.

إبراهيم أمين مؤمن

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء او المديرات.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى