الخميس ٨ آذار (مارس) ٢٠١٢
بقلم جميل السلحوت

الأغنية الشّعبيّة الفلسطينيّة في أمسية مقدسيّة

في محاولة لتسليط الضوء وإثارة الاهتمام بالتّراث الشّعبي الفلسطينيّ، وبالأغنية الشّعبيّة الفلسطينيّة بشكل خاص، قام ملتقى دواة على السور ـ الملتقى الأدبي الشبابي في القدس، بعقد أمسية في مسرح السنابل في الثوري ـ القدس، وذلك مساء يوم الثلاثاء الموافق 28\2\2012.

افتتحت الأمسية الكاتبتان نسب أديب حسين ومروة خالد السيوري، بالإشارة الى أهمية تراثنا الفلسطيني، وأهمية الحفاظ عليه خاصة في ظلّ ظروف وطننا الحالية، ومحاولات السّلب التي يشهدها تراثنا. ثم عرضتا مفهوم الأغنية الشعبية وأنواعها ومميزاتها. ليتقدم الكاتب جميل السلحوت إلى المنصة مؤكدًا على أهمية الحفاظ على التراث الفلسطيني من الاحتلال، مشيرًا إلى أنّ الأغنية الشعبية تتطور بتطور الزمن، يقولها شاعر، فيستحسنها الشعب ويتناقلها ويصبح قائلها مجهولا. كما أنّ الأغنية الشعبية تتناسب والظرف المُعاش، ومما يميز التراث الفلسطيني البكائيات على المدن، وعلى الغائبين.

وعند السؤال عن حال أغانينا الشعبية اليوم قال الفنان عوض أبو حديد، أننا اليوم نقتل تراثنا، واحتفالات الزفاف بطابعها الحديث في القاعات هي آفة على تاريخنا وقاضية على تراثنا. أما الشاعر الشعبي لؤي زعيتر فتحدث عن تقصير وزارة الثقافة في المحافظة على الأغنية الشعبية، وعن تقصير من قِبَل شعراء الأغنية الشعبية أنفسهم، فعليهم تقع مسؤولية كبيرة في تطوير الأغنية والمحافظة على استمراريتها، بانتقاء تعابير تناسب روح العصر وتطويرها.
وهنا جاءت فقرة للفنان أحمد أبو سلعوم الذي عرض أنواعًا عِدة للأغنية الشعبية الفلسطينية من الأغاني التي تتردد في الأعراس، والطهور، والغزل، وقصّ قصة الروزنا، والتي يُقال أنها سفينة إيطالية كانت قادمة إلى بلاد الشام التي سادت فيها فترة من المحَنِ حينها، وقيل أنّ السفينة محملة بالقمح. وعندما وصلت السفينة تبين أنها محملة بالتفاح، الفاكهة الموجودة بكثرة في بلادنا، مما تسبب بخيبة لسكان البلاد المنتظرين للسفينة، لتكن أغنية الروزنا (على الروزنا، على الروزنا، كل الهنا فيها، وشو عملت الروزنا الله يجازيها).

وعندما طُرح السؤال من قِبل عريفتي الأمسية على الحاضرين من الشبان والشابات عن مدى معرفتهم وقربهم من الأغنية الشعبية، سُمعت العديد من الردود التي تُظهر أهمية توعية الجيل الشاب بهويته الفلسطينية، وتثقيفه وتوجيهه للحفاظ على الموروث الثقافي وعلى التراث. إذ طُرحت العديد من الردود حول كثرة انتشار ظاهرة استماع الشبان والشابات للأغاني العبرية وترديدهم إياها وإن كانوا لا يقفون على معانيها. وهنا أشارت الكاتبة نسب إلى أهمية الوعي عند الشباب إلى التراث الفلسطيني، وأهمية تذويت المحافظة عليه عند الشباب المجتمعين في الندوة، والسعي إلى نشر هذا الاهتمام في بيئتهم. أما الصحفية آية شقيرات فكانت لها نظرة إيجابية تجاه حال الأغنية الشعبية في منطقتها جبل المكبر، إذ تقول آيه أنّ الأغنية الشعبية لا تزال الأكثر رواجًا في الاحتفالات والأعراس، وأنها تخوض مع صديقاتها مسابقات في حفظ أكبر عدد من الأغاني، وعارضت فكرة جلد الذات بقسوة. أما الشاب حسام عليان فأشار إلى أن المؤسسات الثقافية في القدس وفي الوطن لا تقوم بدورها وواجبها الكامل في توعية الجيل الشاب حول الهوية والتراث.

لتأتي فقرة فنية مميزة للفنان وائل أبو سلعوم والفنانة نيفين الصاوي في تقديم أغنية يما مواويل الهوى ، وأسمر اللون. ثم ألقت الشابة حنين إدريس قصيدة شعبية للثائر عوض، أحد أبطال المقاومة في ثورة 1936م، ليلة كان ينتظر حُكم الإعدام في سجن عكا.

وفي السؤال عن وجود مصادر أكاديمية تحفظ الأغنية الشعبية والموروث التراثي، قال الكاتب جميل السلحوت أنّ كتبًا عديدة صدرت عن جمعية إنعاش الأسرة في البيرة في هذا المجال، كما وصدر لعلي الخليلي 15 كتابًا في التراث، ولعيسى عطالله، وعبد اللطيف البرغوثي، وإدريس جرادات، وتوفيق زياد، وللكاتب جميل السلحوت نفسه، لكن معظم الجهود التي بُذلت كانت جهودًا فردية بمجهود ذاتي، ولم يكن هناك عمل ممنهج من قبل المؤسسة المسؤولة بالعمل وجمع التراث الفلسطيني.

جاء مسك الختام مع الفنان عوض أبو حديد الذي قدم عدة مقطوعات على آلة الربابة مقدمًا نماذجَ عدة من التراث البدوي. وقد أعرب الفنان عوض عن قلقه على حال التراث البدوي وعلى شعراء الربابة، مشيرًا إلى أنّ عدد شعراء الربابة يقل مع السنين، ويخشى أن ينقرض هذا النوع من الفن والتراث، ووجوب السعي الجدِّي للحفاظ عليه.

في ختام الحفل قام الفنان أحمد أبو سلعوم مدير مسرح السنابل وأعضاء إدارة المسرح بتقديم درع تكريمي لمؤسستي ملتقى دواة على السور الكاتبتين نسب أديب حسين ومروة خالد السيوري.

هنا ومن خلال هذه الأمسية يأمل ملتقى دواة على السور أن تجد الأغنية الشعبية والتراث الشعبي الفلسطيني عامة اهتمامًا خاصًا لدى الوزارات المختصة لتقوم بجمع وحفظ موروثنا التراثي، الذي يؤكد هوية شعبنا الفلسطيني.

مما يجدر الإشارة إليه أنّ الأمسية شهدت حضورًا واسعًا تجاوز التسعين شخصًا، وشمل شرائح عمرية مختلفة، ومن مناطق مختلفة من القدس، وعدا عن المشاركين حضر الأمسية العديد من الأدباء والمثقفين ـ إبراهيم جوهر، محمد عليان، نبيل الجولاني، عز الدين السعد، طارق السيد وآخرون.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى