الأحد ٣ نيسان (أبريل) ٢٠١١
بقلم ذكرى لعيبي

الضيف

لو استطعت لقبضت على ذلك الزمن الطري بكل قوتي،وبقيت فيه للأبد،ولكن...تأخرت عن موعد العشاء،كان المفترض أن أكون في البيت قبل نصف ساعة،غير أن المدير الذي لايتعب أجبرنا على البقاء لنربط الأسلاك التالفة من جراء القصف.

شعرت بإخفاق فيَّ وإحباط في مشاعري،سخرية القدر لعبت دورها في قلب موازين حياتي.
أصبحت في العقد الرابع من عمري،تجاوزت زمن الجفاف وانتظرت أن أنتشر حقلاً في حياة من أحب،قيدت نفسي بأساور الوفاء والإخلاص وأحببت قيدي،أقنعت نفسي بأني امرأة تتعبد حد الأنهيار في محراب المحبة، اتصل أخي هاتفياً ليبلغني أن هناك ضيفاً مهماً على العشاء!
ألا يؤجل المدير العمل إلى الغد؟!

حين كلمني أخي شعرت أن جراح السنوات الماضية ستندمل هذه الليلة.. مرتبكة، لا أعرف كيف أواجه الموقف، أبدو كفتاة مراهقة ولكن علامات العمر تركت آثارها فوق وجهي ويدي وروحي الفائضة بالحنين.

متى سأنتهي من هذا العمل؟ الله يلعن الحرب، لولاها لما تحطمت النفوس، ولما بقينا لساعات إضافية في الدوام، ولكن لربط الأسلاك معنى خاصاً، فربما أربط رأسين بالحلال! ما هذه الهلوسة، بدت الأمور تتعقد، فقد ربطت هواتف بدالة الطوارىء مع دوائر الماء والمجاري!!

 آنسة نبال ما تفعلينه خطأ.

 آسفة يا أستاذ.

باستطاعتك الذهاب للبيت،وفي الغد إن شاء الله أكملي الباقي.

((فعلت خيراً )) قلتها بيني وبين نفسي وخرجت من الدائرة مسرعة،استأجرت سيارة أجرة من ( حي المعلمين ( وطلبت من السائق أن يسرع،فسألني منزعجاً عن وجهتي،
 إلى حي القاهرة قرب إعدادية الرازي
تأفف لأن الطريق فيه مطبات كثيرة وآثار لحفر تركتها القنابل،وتبدو سيارته كمن أتعبها العمل،حرك المرآة الأمامية،حاول أن يضبط الراديو على أية موجة،غير أنه لم يفلح فالعطل واضح.
كسر الصمت بسؤاله عن راتبي وكسرت سؤاله بعدم الرد عليه!!

 الله يساعدكم أنتم الموظفون،ماذا يسد الراتب؟

شعرت بأني ركبت مع موظف تحريات وليس سائقاً. تضايقت وبدت المسافة طويلة،تطلعت إلى ساعتي وكنت أتمنى أن تكون غير صحيحة لقد تأخرت ساعة،،يا ربي،الضيف دقيق في مواعيده جداً..لا أعتقد أنه سينتظر، وحيث يرحل لا يعود إلا بعد أن يمر عقد آخر.هنا الله يعطيك العافية

وقفت عند عتبة الباب قبل أن أطرقه،رتبت إيشاربي وخلعت نظارتي الملاصقة لعيوني منذ عشر سنوات،حاولت أن أهيىء بعض الجمل الجميلة لأمسح بها غبار الماضي،سأقبل هذه المرة بلا شروط وأتنازل قليلاً عن كبريائي، فالزمن ليس كما هو والعمر ليس فيه ساعات احتياط!
قبل أن تنقش التنازلات على لساني وشفتي.. فتح أخي الباب مبتسماً فسألته متلهفة :

 ها،،هل ما زال هنا؟؟

 إنها كذبة نيسان يا أختي!


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى