الاثنين ٢٤ تموز (يوليو) ٢٠٠٦
بقلم هند فايز أبوالعينين

توقفوا الآن ، وفوراً

بقلم جدعون ليفي، عن صحيفة الهآرتز بتاريخ 24 تموز 2006

ترجمة هند أبو العينين

يجب إيقاف هذه الحرب الآن وفوراً، ما كان لها داع ٍ أصلا، حتى لو كان السبب وراءها مبررا، حان الآن الأوان لإنهائها. كل يوم يرتفع ثمن هذه الحرب بلا سبب، وثمنها من الدم، في حين أنها لا تمنح إسرائيل نتائج ملموسة في المقابل. هذا هو الوقت المناسب لإنهاء الحرب، لأن الجانبين يستطيعان الإدعاء بأنهما كسبا الحرب، إسرائيل أوقعت أضراراً بحزب الله وحزب الله أوقع أضراراً بإسرائيل. والتاريخ علمنا أنه ليس هناك وضعا أفضل من هذا للتوصل إلى إتفاق.

لقد دخلت إسرائيل هذه الحرب لسبب مشروع لكن بوسائل خبيثة ، فهي تدعي أن حربها هي على حزب الله بينما في الحقيقة هي تحطم البنية التحيتة للبنان، وقد حصلت على كل ما يمكن أن تحصل عليه من هذه الحرب. فقد أصبح الشريط الحدودي خال. تستطيع إسرائيل أن تستمر في إحداث الدمار في الأحياء السكنية والمباني المهجورة، كما تستطيع قصف الثكنات الحقيقية أو الخيالية بأطنان من القذائف وتقتل اللبنانيين الأبرياء، لكن كل هذا لن يؤتي نفعا.

أولئك الذين سعوا إلى إثبات أن قدرات إسرائيل لم تتهالك قد نجحوا في سعيهم. فقد بات حزب الله وباقي أعداء إسرائيل على علم بأنها لازالت تستطيع الرد بقوة جبارة في وجه أي تحدِّ . والشريط الجنوبي في لبنان قد تم "تنظيفه" الآن من تواجد قوى حزب الله. وعلى أي حال الاحتمال يظل قائما أن الحزب سيعود ليبن ِ قواه ويتمركز في الجنوب مرة أخرى. يمكننا التوصل إلى إتفاق دولي في هذه المرحلة، وقد لا يكون محتملا أن نستطيع ذلك في المستقبل دون تقديم ثمن ٍ أغلى.

أما عن أهدافنا الأخرى: إستعادة الجنديين وتصفية نصر الله، فستصبح أكثر صعوبة حتى وإن طال أمد الحرب لأسابيع أخرى. جيش الدفاع يطلب منا أسبوعين إضافيين، وبعد إنقضائهما سيطلب أسبوعين آخرين. والنصر التام لا يلوح في الأفق.

كل هذا في حين أن ثمن الحرب قد أصبح باهظا جدا، ففي كل يمر على هذه الحرب يزيد النقد الدولي وتحشد كراهية الشعوب لإسرائيل، وهذا أيضا يخل بعنصر الأمن الوطني. فالبرغم من أن أصوات الإعلام في الداخل تعلو بأن العالم يقف إلى جانبنا، نرى أن الصور المتناقلة عما يجري في بيروت تحدث ضررا كبيرا لنا، وهي حقيقية. والكراهية المحشودة ليست فقط تموج بالشوارع العربية، بل بالغرب أيضا. وليسوا ملايين اللبنانيين فقط هم من يحشدون لكراهية إسرائيل، بل إن عشرات الآلاف من الغربيين الذين إضطروا لمغادرة لبنان بسبب الحرب ينشرون في بلدانهم الصورة بأن إسرائيل هي دولة معتدية وعنيفة ومدمرة. وحقيقة أن جورج بوش وتوني بلير يقفان وراءنا قد تكون عزاءً لإيهود أولمرت، لكنها لن تقنع ملايين المشاهدين للصور المتلفزة للدمار الذي لحق ببيروت ، وهي صورٌ لا تـُعرض على المشاهد الإسرائيلي. يشاهد العالم عبر الإعلام أحياء سكنية برمتها سويت بالأرض، ومئات الآلاف من النازحين عن بيوتهم والرعب يغطي وجوههم وهم بلا مأوى، والمئات من المدنيين القتلى والجرحى ومنهم أطفالٌ لا علاقة لهم بحزب الله.

فاستمرارية الحرب بهذا الشكل لم تعد مبررة أو ذات فائدة ترجى، ويمكن الحد من الخسائر الاقتصادية التي سببتها الحرب لإسرائيل إلى اليوم إذا ما تم إيقافها. أما استمرارها طيلة الصيف فسيعني ثمنا إقتصاديا باهظا على إسرائيل.

ليس من المتوقع أن يبقى الشعب الإسرائيلي قابعا في الملاجىء بصمت لمدة طويلة. فعاجلا سيظهر الناس من الشقوق ليطرحوا على حكومتهم السؤال: ما الذي نموت لأجله؟ وما الذي تقتلون لأجله؟ هكذا تكون الحرب، في البداية لا أحد يسأل لماذا، ثم كلما زادت مضاعفات الحرب عليهم تصعب أسئلتهم.

مررنا بهذه التجربة سابقا، تبدأ الحرب بتأييد دولي عريض، وتنتهي بكارثة كبرى. أولئك الذين يأخذون عزاءهم من " الموت مع الجماعة" عليهم أن يعرفوا أن لاشيء يدوم. ستصبح الحرب حالة من الفوضى المؤلمة. إن لم تكفِ الغارات الجوية ، فسيتم تكثيف المعارك البرية التي إبتدأت بالفعل. والفكرة الغالبة عن طواعية الأراضي اللبنانية سيُعاد إختبارها، وعندما نبدأ بفقدان الجنود في الحرب بين المنازل كما يحدث حاليا، عندها ستبدأ أصوات المعترضين تقسم المجتمع إلى صفوف.

الآن ، تأمل إسرائيل بتصفية حسن نصر الله، وهو إندافع متوارث، وإن كان مفهوما، باصطياد رأس العدو كأسلوب لإثبات الغلبة عليه. إلا أنه يخلو من الحكمة أو الواقعية في هذه الحالة، وما علينا إلا أن نذكر أنفسنا بالعشرات الذين أعدمتهم إسرائيل، من الشيخ عباس الموسوي إلى الشيخ أحمد ياسين، وكلّ تم إستبداله بآخر عادةً ما يثبت أنه أقدر وأخطر من سابقه. أهداف الحرب يجب ألا تكون وليدة إندفاعات سوداوية، حتى إن كانت هذه ردة فعل لمطالب العصابات. الفائدة الوحيدة الممكن إرتجاؤها من قتل نصر الله هي إحتمال إنهاء الإقتتال . لكننا نستطيع إنهاءه دون هذا الهدف. أما الهدف الثاني الذي نسعى له وهو إستعادة الأسيرين ، فهو لن يتم دون التفاوض على مقايضتهما بأسرى، وهو ما كان بإستطاعة إسرائيل فعله قبل الحرب.

ما زال الوقت مبكراً لمقارنة مكاسب هذه الحرب بخسائرها، لكن سيأتي اليوم الذي نعي فيه أنها كانت بلا هدف أصلا ، كما هي كل الحروب التي يحدثـُها أطرافها. إيقافها الآن يضمن مكاسب محدودة ووقفا لنزف الثمن ، في حين أن استمرارها يعني إستمرار دفع الثمن الباهظ بلا ضمان لمكاسب تتناسب معه. وعليه فإنه يتوجب على إسرائيل أن توقف الحرب. يستطيع رئيس الولايات المتحدة أن يدفعنا قدماً إلى إطالتها كما يشاء، ويستطيع رئيس الوزراء البريطاني أن يشجعنا من برلمانه أيضا، لكن إراقة الدماء وتعاظم الرعب هما في إسرائيل ولبنان. الثمن يبهظ، وكل هذا لأجل لاشيء.

بقلم جدعون ليفي، عن صحيفة الهآرتز بتاريخ 24 تموز 2006

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى