الخميس ١ كانون الثاني (يناير) ٢٠٠٤

جريمة شرف..

بقلم حكيم الأسمر

قرأت من فترة ليست بالبعيدة مقالاً في إحدى الصحف اليومية يتحدث عن العلاقة بين النواب الإسلاميين والمرأة في المجتمعات العربية، وفي إحدى سطور المقال يوجه الكاتب تهمة –كما تسمى- للنواب الإسلاميين بتحوير النصوص الإسلامية التي جاءت من الكتاب والسنة التي توضح موقف الشريعة من قضية الخلع، ومن القضايا الحساسة التي تحدث عنها الكاتب أيضاً قضية القتل "شرفيا"..

وهاتان القضيتان إحداهما جدّت على المجتمعات العربية مع أنها كانت أيام الرسول عليه السلام والأخرى ما زالت ضمن القوانين التي تراعي الحمية العربية المزعومة والثقافة الاجتماعية المهمشة، وفي مناقشة مثل هاتين القضيتين نحتاج إلى الأدلة والتفكير الناضج الواعي الذي كان من المفترض أن يخرج عن نطاق المقولات المتداولة والتفكير شبه الجاهلي، لكننا نحتاج إلى سيف ودرع! لأن الخوض في هاتين المسألتين قد يخلف شرخاً بين مؤيد ومعارض لإقرار أو إلغاء أحد القانونين لإننا ولو أسقطنا نقاط الهرم الأسري على النقاط الأربع المفروض تواجدها لانهار الهرم وتقوضت جميع ركائزه ووقع هذا البناء أرضاً وتكسر، وإن لم يتكسر تشقق وكان من المفروض تحمل هذه الشقوق التي تسمى المشاكل الزوجية مع رغبة كلا الزوجين في رمي الآخر إلى الشارع وذهاب كل منهما إلى طريقه وحياته الخاصة، لكننا لا نرى ذلك في العائلات العربية خوفاً على ثمر الزواج ولكننا أيضاً لا نتعلم من الأخطاء التي وقع فيها الذين سبقونا، فهل من السليم أن نظل نكرر ونعيد عن المشاكل التي تترتب على سوء إختيار أحد الزوجين للآخر؟؟ وهل نجد آذانا "نصف" صاغية لما يقال؟؟

وإن أتينا إلى السلبية التي وجدت عن رفض الخلع فهل من الصواب خلع المرأة لزوجها إن لم تكن قادرة على الاستمرار؟ ها نحن نعود إلى حيث بدأنا.. فالمشاكل كما قيل لا توجد لها حلول سحرية وليس من السهل وجود عائلات خالية من وباء المشاكل الزوجية وسرطان العنف العائلي الذي يفتك بجسد المجتمع العربي!! وبين الخلع والطلاق يضيع الأبناء، وبين المشاكل والتخلف تنتج الاتجاهات السلبية المنحرفة للأبناء وهذا ينتج القتل شرفياً.. والقتل شرفا ينتج.... إلخ.

لكن ما الحل في رأي الجميع؟ هل يعزف الشباب عن الزواج أم أن المشكلة في الشعوب نفسها؟ وهل نجد أحدا كتب عن إحدى هذه المشاكل ولم يعاني منها؟
إن الخوض في هذه المشاكل صعب جداً، وتقبل رأى صحيح ولكنه زائف من كاتب آخر صعب أيضاً، ولدي خير الأمثلة على ذلك، فهنالك كتاب يقال أنهم يحلون مشاكل من يطلب إليهم ذلك ويكتبون عن ظواهر اجتماعية ومشاكل عائلية وإلكترونية كالزواج والخيانة عبر الهاتف والإنترنت لكنهم يعاصرون المشاكل التي يكتببون عنها في بعض الأحيان وذلك دون أن يأتوا بحل لمشكلتهم أو أن يكتبوا عنها إلا بالسر!

إذن.. فليكتب كلٌ عن مشكلته بدل الإتيان بحلول لمشاكل تكاد تقتلهم ودون البحث في النصوص الشرعية المتعلقة بقضية الخلع وغيرها من القضايا المستجدة في المجتمعات العربية.

إنني أدعو جميع الكتاب لمعالجة همومهم الذاتية ومشكلاتهم العائلية وعيوبهم الأخلاقية التي سيطرت عليهم وجعلتهم يتكلمون بألسن غير ألسنتهم ويقولن كلاما منافيا لقناعاتهم ويتصرفون بشكل يوجب علينا أن نسميهم منافقين وأوغاد وذلك تحت عذر يخفف تهمة النفاق "الإجتماعي" عنهم وهو في ذلك يشبه العذر المخفف لجرائم الشرف لكنه بالنهاية ليس عذراً لجريمة بشعة بحق شرف المهنة.

بقلم حكيم الأسمر

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى