الجمعة ٢٥ شباط (فبراير) ٢٠١١
مصافحة
بقلم بلقاسم بن عبد الله

خوفهم من الصحفي

.. وكيف يمكن تقديم إعلام كامل وموضوعي للمواطنين في حين تظل الأبواب موصدة مسدودة، وعلى مصادر الخبر شمع أحمر؟.. لماذا الخوف من الصحافة، مثلما هو الخوف من التاريخ، وكل ما هو مدون ومكتوب؟.. هل يستطيع الصحفي مهما بلغ طول باعه. وثقل حجم قلمه أن يخترق البناية المحصنة والمغارة المظلمة؟..صافحتني هذه التساؤلات المثيرة من جديد بعد انطلاق نشاطات المركز الدولي للصحافة بتلمسان،وقبيل ظهور مجلة الجوهرة المخصصة لمتابعة وملاحقة فعاليات عاصمة الثقافة الاسلامية ،طوال ايام العام الحالي. و سرعان ما تجسدت أمامي مجموعة من اللقطات الصغيرة ذات الدلالات الكبيرة ،على ضوء خبرة السنين الطويلة المثمرة من الممارسة الإعلامية الإحترافية.

لا شك أن للمسؤولين على مختلف الدرجات نظرات متعددة، تختلف بين هذا وذاك، للصحافة والصحافيين، مثل اختلاف نظرتهم للمثقفين والسياسيين، وإن كانت هناك قواسم مشتركة.
أكثرهم لا يفقهون معاني ودلالات مطالب المواطن في حق الإعلام الكامل والموضوعي، مثل حاجته لتوفير الخبز النظيف والعيش الكريم، فالأخبار التي تحمل بين ثناياها معلومات مثيرة وخطيرة لا تصل إلى المواطنين البسطاء عن طريق قناة طبيعية معلومة. وقد تتسرب بواسطة مصدر مقرب موثوق، أو جهات ما مباشرة إلى مسؤولي تلك الصحف المحظوظة، وهي أساسا باللغة الفرنسية. وموجهة لجمهور معين.. وتلك وسيلة أخرى للضغط أو التعتيم أو الابتزاز وانتشار وباء الإشاعات.

جلهم إن لم نقل كلهم، يحبون الصحافة والصحافيين كلما تعلق الأمر بتغطية بدلا من تعرية نشاطاتهم المعدودة المحدودة في المكان والزمان، فهم يفضلون الكاميرا والميكروفون وآلة التصوير والتسجيل والقلم الوديع ، يحبون براءة الأسئلة، والقناعة بقشور الأخبار والمعلومات.
يخاف بعضهم الزيارات المفاجئة للصحفي، يصرون على تحديد موعد مسبق ويحرصون على تغييب الفرع النقابي أو ممثلي العمال، يذكرون الإيجابيات الواضحة دون السلبيات المستترة، من غير أن يغفلوا الصعوبات التي واجهتهم وهي من مخلفات المسؤول السابق حسب زعمهم.

على الصحفي غالبا أن يطرق سبعة أبواب قبل أن يصل إلى مقام المسؤول المقصود، فيستقبله بابتسامة عريضة وبعموميات ومعلومات ضيقة، لا تفتح شهية السائل، ولا تشبع نهم المتلقي، وبالتالي تغيب الحقيقة وتنعدم الثقة وتكبر الشكوك والإشاعات. وتزداد الهوة اتساعا داخل البناء المعماري الكبير، عبر الامتدادات والتشعبات، فمن المستفيد يا ترى؟..

إنه أستاذ جامعي يحدثك أثناء الجلسات الخاصة المغلقة، بطلاقة وصراحة، يسب وينتقد بشدة. لكنه سرعان ما يثلعثم، وتتغير لهجته، عندما يراك تمسك القلم أو تفتح المسجلة، تتلاشى أفكاره ومواقفه الجريئة، ليتحول بين لحظة وأخرى إلى أرنب وديع يتحاشى قدر الإمكان إثارة غيره أو الإفصاح عن رأيه الحقيقي.

وأنت تقوم بتحقيق أو بحديث صحفي أو ما يشبه ذلك ستلاحظ إلحاح المسؤول على قراءة ما ستكتبه، إنه نوع من الفضول والضغط على درجة الرقابة الذاتية التي تقبع داخلك، رغم أنفك...
وقبل ان يشرع الصحفي في الكتابة،يصافحه التساؤل المشروع: كيف يمكن تقديم إعلام كامل وموضوعي للمواطنين في حين تظل الأبواب موصدة مسدودة، وعلى مصادر الخبر شمع أحمر؟..


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى