الخميس ١٣ آذار (مارس) ٢٠٠٨
بقلم هند فايز أبوالعينين

دعوة في احتفالات المرأة والأم

هذه دعوة ٌ مني إليّ عبر بضع أسطرٍ سيتقاطعُ وقعُها مع دعواتٍ أخريات يطلقها العالمُ في هذه الأيام. أنا معشرُ النساء ِ العربيات أدعوني لاحتفالٍ نسويّ أموميّ. لكن لن يكون في احتفالي كعكة ٌ ولا شموع، ولا شِعرٌ و لا نغم. فالشموعُ أحرقتـُها كلها في صلواتي وابتهالاتي الصامتة يومَ أن قررتُ أن أهجر كحلي وعطري حتى أرى لهذا الحزن القاتم نهاية. والشّعر ... فقد انشغل عن وجعي برجع صداه، وما عاد يليق بحضرته احتفالُ أمّ هي معشر نساءٍ بأكمله. أما النغم... فقد بات شغل من لا شغل له، ولم يعد في قلبي أوتارٌ أطربُ نفسي بإيقاعها تصبيرا إلى حين ساعة الزوال والصمت الأبدي.

سأحتفلُ بيومي هذا في غرفةٍ بجدارين فقط، ينامُ أبنائي تحتَ أحدهما، ويـَدفنون ما تبقى لنا على الأرض تحت الآخر. سألملم بقايا ثكلي من هذه الروح وأشد عزيمتي بالتـّمني كما علّـمتني أمّي من قبل، فما لي سواه أقيت تلك البقايا عليه، كما تفعل أمّ عربية ٌ أصيلة.

سأحتفي الليلة َ بعقدٍ جديدٍ من الصلوات، وسأرفعُ وتيرة َ ابتهالاتي ورجائي لربٍّ كريم، لعل تغييرَ الدعواتِ يجدُ وقعَ الإيمان في روحي فيجدده، بعد أن خفـَت ضوءه كضوء شموعي. سأدعو بصمتٍ قبل أن تـُفرغ قنابلـُهم ما في صدري من هواء، فلا أعودُ قادرة ً حتى على الدعاء. سأدعوه أن يرى أبنائي نورَ يوم ٍ جديد، لا موتَ فيه ولا قهر. سأدعوه أن يأتي يومٌ لا ثكل فيه ولا ظلم، يومٌ لا يجوع فيه صغير ولا يذوي فيه كبيرٌ بمرضه وقهره.

سأحتفل اليوم بأنني امرأة ٌ عربية ٌ لم يهزمني الثكل ولا الجوع ولا الحصار، ولن يهزمني كل قهر الدنيا، فأنا لا زلت أضع أطفالي على المعابر، وفي سجونهم، وتحت أنوفهم ورغما عنهم. ولم تستطع أسوارهم العالية أن تحجب الشمس عن عيوني، فشمس الإيمان لخالقها وليست لهم. ولا زلت قادرة على الحب والعطاء والصبر. ولازلت أمّا ستجري أنهارُ الجنة ِ تحت أقدامي... لو يعلمون. وكل أسلحتي قلبٌ عربيٌّ دافىء وحفنة ٌ من الدعوات.

أنا معشر نساء العرب، أبارك لي يومي ، وأبارك عيد أمومتي. أعاده الله عليّ بالصبر والسلوان.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى