حوار مع الشاعرة المغربية زهرة أحمد بولحية
الكتابة رسالة واحتراق ..واعتناق للحظات منفلتة
زهرة أحمد بولحية تعتبر الكتابة إشراق للروح في عالم الجمال ، والشعر ارتقاء بالأحاسيس ولا طقوس له ولا مناسبات ، ولدى فهي تكتب في كل مكان ، وتريد من القصيدة أن تكون ديوانها اليومي ، على هامش اطلاعنا على ديوانها الأول "جدائل الريح " كان لنا معها هدا الحوار:
من أين جئت الشعر؟ ومن أي باب دخلت ورشة القصيد؟
صياغة الشعر لا تأتي من فراغ . ولا هي وليدة...صدف...او مجازفات....ولكنه ينبوع يتفجر ..فتمتليء به الكأس ... حين تتشبع الذاكرة ..بالمقروء...وتتعبد بداخلها ..معابر للقلم ...انطلاقا من الوعي بأن الكتابة رسالة واحتراق ..واعتناق للحظات منفلتة... ينبغي القبض عليها...واخضاعها لمحك الوقت وذلك بمواكبة التجارب الإبداعية..من خلال القراءة.. والتمييز ..
من هذا الباب دخلت ورشة القصيد...و احساسا ايضا مني بان الكتابة اشراق للروح في عالم الجمال...العالم النفسي والجمالي للمرأة...التي تتطلع دوما لاستكشاف الذات ومن خلال ذلك استكشاف العالم من حولها...والانفتاح على الرؤى التي تضيء الحياة..والتي من دونها تظل عتمة..أو فراغا...
يقول لويس اراكون لولا الشعر لاصبنا جميعا بالسكتة القلبية ..ما تعليقك ؟
الى أبعد الحدود..رأي لويس اراكون في الشعر صحيح ...لان الشعر من الشعور والشعور ارتقاء بالاحاسيس والوجدان حد ..الحياة وحد الولادة الجديدة...في الكون ...و لان الكلمة الحالمة ..النابعة من صدق المعاناة أو من رحم الأحداث يكون لها بليغ الأثر..كوقع الحياة هي ...وكنبض القلب حين يتعب وتحييه الاستعارات...و يرقى به الخيال الشعري حد نسيان الألم...والوجع والتماهي مع الأحلام ... هي شفاء لما ينمو في الوجدان من فراغات ...
أمينة المريني لاتكتب الااذاكانت غاضبة .. وساد الصمت المكان .؟ وزهرة هل من طقوس لها وهي في محراب قصيدتها؟
الصمت أقصر طريق لسماع ما تنبض به الروح .. والصمت ملاذ الروح العاشقة للكلم... لسحر العبارة...تلجأ اليه في حالات كثيرة..للانصات الى الكون وللكائنات التي تكاد نسمع دبيبها في صوت الشاعر... في صمت الاغنيات ... وما القصيدة الا لحظة تأمل صوفي .. لغياهب صمت...يذهلنا..حين يستولي على الاحساس..ويخرجنا من دوامته الى هدير الحياة.. إلى عالم اخر.. هو العالم الخاص بالشاعر...
وانا أتشارك مع الشاعرة الكبيرة أمينة المريني وجهة النظر هذه ..الا أن لحظات الضجر ..هي أيضا تستفز فيَّ القلم فاكتب ما يرتج به الخاطر من انفعالات وقلق يصطخب بداخلي ..بما اننا نعيش في محيط ..متغير..باستمرار.. نحن مطالبون بالتفاعل..معه ..ومع الرياح التي يأتي محملا بها .. والتي لها تداعيات وانعكاسات على الوجدان....
الشعر بالنسبة لي يأتيني عفو الخاطر...ولا ألح عليه... وليس له مناسبات أو طقوس معينة ...او له شيطان كما تعودنا ان نسمع عن نظريات الإلهام ..او الوحي .. من أن لكل شاعر شيطانه الذي يأتيه بالشعر...
لا أنكر أن الشعر قد ينتج عن الإلهام حين يأتي في لحظة وينتهي بسرعة الضوء..لكنه قد يكون وليد عمليات عقلية وقدرات وحالات تفتح أمامي أبواب البوح على مصراعيه ..
وقد يكون استجابة لحاجات نفسية وحالات شعورية ولا شعورية تعبر عن رغباتي أو عن ذكريات وصور مخزنة في الذاكرة..يعني عوامل كثيرة تملي عليها لحظاتها...ويكون علي ان اقتنص هذه اللحظة الفارقة معي ..
مما يعني أنني أكتب في كل زمان ومكان وفي كل الظروف .. صحيح هناك مناسبات تفرض ظروفها علي أن أكتب مثلا فقد شخص عزيز أو تهنئة أو ما شابه ذلك من مناسبات الفرح والحزن ..ولكن ما اؤمن به أنه علي ان اكون جاهزة في كل لحظة وحين بما أمتلكه من مهارات الكتابة وادوات .. لاستقبال مولودي الجديد....
ماذا تريد زهرة من الشعر...؟
أريد من الشعر أن يكون ديواننا اليومي...لانه يحبل بالتجارب التي تعبر عنا..وعن همومنا ومشاغلنا وتطلعاتنا ..فينقل رسائلنا للعالم ..
أريده أن يظل تلك الواحة الخضراء..حيث نتوقف لنتعتق من فيئها كلما الزمن شدد علينا الخناق...
اريده خريطة جديدة للعالم المسكون بجنون الحروب..ودموية الأحداث...
أريده سكنا للقلوب التي لا تجد لها مرافئ الا على ضفاف الكلمات ..فالشاعرة التي بداخلي هي إنسان من لحم ودم يشعر ويتالم و يفرح ويمرح كفطل ..لا يشبع من طفولته..ولها يرخي العنان..
و في خصيب هذا لمعين كله... يسكن ذاك الفنان ..
من أين جاءك هدا العنوان " جدائل الريح " ، والمعلق في سقف ديوانك الأول ؟
هذه الثريا المعلقة في سقف النص فرضها اختياري لنصوص ..تتناسب مع التيمة المهيمنة على الديوان....اقصد مجموعتي الشعرية "جدائل الريح " موضوعة تكتسي أهمية خاصة بالنسبة لي ..وهي موضوعة الطموح للتغيير ..فكل قصيدة هي جديلة مظفورة بوجدان وحالة تغيير تسكنني...تقولني وأسكن الي محاورتها لي بأمان ... وما الرياح الا لواقح للافكار ...و لرؤى الشاعر...الذي يؤمن بدورالكلمة في التغيير ... لانه يحمل هم الانسان..وصوته الخفي ..وما تستغوره من تطلعات ... ورغبات وطموحات لواقع اجمل
هل لك ان تحدثنا عن مضامين هذا الديوان... ؟...
ديواني جدائل الريح أقصر مسافة الى روحي و وجداني والحركية التي تسكنني كصرخة في سمفونية الصمت الذي يفجر بداخلي وديانا لكياني گانثى موجوعة ..اطل من خلاله على العالم واحسن نبض اقرب اللحظات الي ...وقد اشتمل على موضوعة مركزية تتحكم في جل نصوص دواني هي موضوعة الغربة والاغتراب النفسي والوجودي للروح في هذا العالم وتتناسل هذه التيمة من خلال الكثير من الثنائيات التي تحمكت في البناء العام للنصوص..كالموت الحياة الحضور الغياب...الفرح الألم ..و يمكن أن نستنتج ذلك من دلالات العنوان .حيث الريح رمز شعري هو عملة لها وجهان . .. الريح التي تمنح الخصب النماء هي رياح التغيير الايجابي ..والريح التي تتسبب في الجذب ..و تكسح وتقتلع وتدمر... وتقصف بقوة حد الموت