الأربعاء ١٦ آب (أغسطس) ٢٠٢٣
بقلم ديمة جمعة السمان

رواية «المهطوان» إضافة نوعية للمكتبة العربية

يعود لنا الروائي الأردني رمضان الرواشدة برواية جديدة " بعنوان " المهطوان" تحمل رؤيته وعلاقاته ومعايشته لأحداث تمتدّ من الأردن إلى فلسطين، في فترة ما بين انتفاضة الحجر الفلسطينية واتفاقية أوسلو، تعكس الواقع السياسي ممزوجا بالعاطفة التي أضفت على الرّواية مشاعر إنسانية أثرت الرواية، وحققت الهدف، وأكدت على أن ّالارتباط الروحي بين الشعبين الأردني والفلسطيني مسيحيين ومسلمين كبير من الصعب فصله، فهما شعب واحد، يتشارك في ذات الهم، وما هو النهر الذي ينام بين الدولتين سوى جسر محبّة يصل بين الشعبين، ولن يكون فاصلا أبدا، كما ذكر في إحدى رواياته التي عنونها:" النهر لن يفصلني عنك".

من يقرأ روايات الأديب الرواشدة لا يحتاج إلى ذكاء ليعرف أنه عربي قومي وطني، يحمل همّ الوطن الأكبر. يطرح قضاياه بجرأة تحمل صدقا ينبع من إيمانه يضرورة الوحدة الوطنية التي تؤرقه وتستنزف قلمه ليوصل صرخته.. ولكن: "لقد أسمعت لو ناديت حيّا".

صدرت "المهطوان" عن المؤسسة العربية للدراسات والنّشر للعام 2022 في بيروت، وتقع في 107 صفحات من القطع المتوسط، وزيّنها غلاف لوحة الفنان ياسر وريكات.

رواية عميقة تحتاج إلى أكثر من قراءة واحدة؛ لتستدل على معانيها ورموزها الخفيّة التي تكمن بين سطورها.

حملت الرواية رسائل غير مباشرة من خلال السرد لوقائع حقيقية مغموسة بخيال واقعي، أضفى على الرواية عنصر التشويق، جمعت بين السياسة والحب.

فلم يتمّ الجمع بين صورتي جيفارا وصوفي مارسو فاتنة السينما الفرنسية على حائط واحد في غرفة عودة الملقب بالمهطوان عبثا.

وما جاء الارتباط العاطفي للكركي الأردني عودة بسلمى المسيحية الفلسطينية من رام الله إلا عن قصد.

رواية سياسية حتى النخاع، تناولت فترة في غاية الأهمية في الأردن، تمّت صياغتها بأسلوب أنيق بعيد عن الأسلوب التقريري الصحفي الذي يقع في مصيدته العديد من الروائيين -حين يعرّجون على الواقع السياسي في مرحلة معينة، يتناولها عملهم الأدبيّ- على الرّغم من أنه كان إعلاميا متميّزا، مارس عمله لسنوات عديدة، ولكنه استطاع الفصل بين الأسلوبين، وأتقن الدّورين بامتياز.

اصطحب الرواشدة القارىء إلى أماكن عديدة في مدن الأردن وقراها، إذ وصف الأماكن بدقّة، من خلال تقنية الاسترجاع (الفلاش باك)، فترك البطل يتحدث عن طفولته البائسة التي عاشها في بيئته البسيطة مع أمّه.. وطاسة الرّعبة التي كانت في بيت جدّه...الخ. كما حدّثنا عن والده الذي تم اختياره من قبل (غلوب باشا) القائد الإنجليزي للجيش؛ ليكون في كتيبة الدرك، لأنه كان فارع الطول، وكانوا يسمونه المارد.

لم تقتصر الرواية على البعد السياسي والاجتماعي الإنساني، بل تم توظيف التراث من خلال القصائد الشعبية، وبعض العادات والتقاليد، والمفردات التي كانت سائدة في في تلك الفترة.

وعلى الرغم من أن النهاية لم تكن سعيدة بسبب موت البطل – الراوي- "المهطوان" دون أن يلتقي بحبيبته سلمى، وابنه نضال الذي أصبح شابا، إلا أن الكاتب فاجأنا بتكملة الرواية بقلم شاعر الجامعة، الكاتب غسان الحوراني، وقد كانت لفتة ذكية من الكاتب، بأن استعان بغسان وجعله إحدى شخوص روايته، وصديقا للمهطوان، وبالتالي كان على علم بظروف وتفاصيل حياة عودة، فأكمل الأحداث بسلاسة، لدرجة أنّها بدت وكأنّها حقيقية، وليست من خيال الكاتب. وهذا في صالح العمل الروائي.

رواية رمزيّة قوية عميقة، عكست توجّه الكاتب وثقافته الإنسانية والسياسية الوطنية، بأسلوب شيّق، تعتبر إضافة نوعيّة للمكتبة العربية.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى