شحاذة أنا
طَافَتْ تُلَملِمُ قَلبَهَا المَكسُورَ مِن،
عِشَشَ الطيُورِ،
ومِن عَنَاقِيدِ العِنبِ.
وتُساءلُ الأشجَارَ والأنهَارَ عَن أُرجُوحةٍ،
كانتْ هُنا..
تَمحُو التَعَبَ.
شِحَاذَةٌ تَمشي الهوينى حافيةً.
تُلقيها مِن بَحرِ الظلامِ مصيبةٌ.
تُنقِذُها مِن بَحرِ الظلامِ دَوَاهِيا.
وتَظَلُ بالأمَلِ الحزينِ،
على بقايا مِن ظلالِ اليأسِ تَخطُو،
فَوقَ جِسرِ لياليَ
تَحكِي حِكَايةَ حُبِّها المغزولِ فِي،
صَدرِ الثيابِ التونسي.
فَتَهِيجُ فِيها ذكرياتُ الشوقِ مِن ،
أيامِ مجدٍ خاليةٍ.
فَيَسِيلُ فَوقَ الخدِ دمعٌ.
شَوقَتْهُ ذكرياتٌ.
عَذَبَتْهُ تنهيداتٌ.
أُشْعِلَتْ بين الضلوعِ الواهيةِ.
وعلى بقايا ظِلِّها تَخْطُو.
فَتَدهُسُ تَحتَها نورآ يشعُ من الجبين السامي
رمقاً..حزيناً..عَذَبَتْهُ أماني.
قَلبِي أَضَاعتْهُ السُنون الرائحاتُ الغاديةُ.
أَصرُخُ بِكُلِّ قوايا أَلا تَنظُرِي؟
رُحمَاكِ يا هذه عليَّ تَمَهلِي.
رفقاً بي..!
شِحَاذَةٌ...
قَامَتْ تُلَملِمُ قُوتَهَا،
مِن كُلِّ بيتٍ أمامها.
قَندِيلُها المشنوقُ يَخبُو،
حيثُ لا فى القاعِ زيتٌ يُضِيئُها.
وتُغلَقُ الأبوابُ دون عيونِها.
يَستصرخُ الجوعُ اللعينُ مطالباً.
فَتَدُورُ تَبحَثُ في القمامةِ.
عن بقايا قد تَبقَتْ،
للكلابِ الجائعةِ.
تَلهَثُ وداخلُها الأملُ.
هذه بقايا فاكهةٍ متعفنةٌ.
هذه عظامُ فارغةٌ.
هذه بقايا امرأةٍ.
وبقايا عطرٍ من ليالٍ رائعةٍ.
ويُؤازرُ الجوعُ العطشَ.
وأزيدُ يأسآ فى الحياةِ.
هل سيَمُرُ العمرُ بعد لُحيظةٍ؟
هل وَصَلنا مُنتَهَاه ؟؟!
أتُرى تَمُوتُ الشمسُ في عزِّ الضُّحَى؟؟!
وأنا التي أُعطِي دائِماً، وفي عطائى ما اكتفيتُ.!
أنا التي كنتُ الغديرَ العذبَ،
أَسقِى الظامئين وما ارتويتُ!
أنا التي مَدَّ الرشيدُ يَدَاهُ لي مُراوِداً.
لكنني ..أبداً أَبَيتُ.
لا تَحزَنُوا...
فالجوعُ يَفنِي الأوردةَ.
ولكنني أبقى على طولِ المدى،
أُقصوصةً...
ستقولُ كلُّ الدنيا يومآ،
أنني وَحدِي أَبيتُ الذُّلَ،
في قصرِ الرشيدِ.
وعلى فراشٍ من حريرٍ المسكُ يَرتعُ صاخبآ.
أُعطي بقايا ما بي.
ثم مضيتُ وحيدةً..وشريدةً.
وَحدِي، أُفَاخِرُ أنني.
شِحَاذَة.