الأحد ٢٦ أيلول (سبتمبر) ٢٠١٠
بقلم جميل السلحوت

طيور فلسطين في ندوة اليوم السابع

ناقشت ندوة اليوم السابع الأسبوعية الدورية في المسرح الوطني الفلسطيني كتاب "طيور فلسطين" تأليف الباحث الفلسطيني سيمون ابراهيم عوض وهو أول باحث عربي يحصل على الرخصة الدولية في تصنيف الطيور. وهو المدير التنفيذي لمركز التعليم البيئي. وقد قدّم للكتاب البرفسور مازن قمصية المتخصص في علم الحيوان. ويقع الكتاب الذي صدر في 2009 في 193 صفحة من القطع الكبير الحجم (2723xسم). وصفحات الكتاب مزودة بصور فوتوغرافية ملتقطة بعناية فائقة من قبل سيمون عوض، وأنطون خليلية وألن فوسيه من أرجاء فلسطين.

بدأ النقاش الأستاذ داود هالي فقال:

وزعت مادة الكتاب العلمية في خمسة فصول اشتملت على أهمية موقع فلسطين الجغرافي، وأهمية دور الطيور في الطبيعة، وتصنيف الطيور في فلسطين، وطيور فلسطين (وهو الفصل المركزي في الكتاب)، وحماية الطيور البرية.

في بداية كتابه القيّم، يبرز المؤلف عوض موقع فلسطين المتميز وطبيعتها المدهشة التي تلعب دوراً بارزاً في ظاهرة فريدة من نوعها ألا وهي هجرة الطيور، حيث تعتبر فلسطين بكافة مظاهر سطحها مهمة للطيور، وتشكّل أحد المعابر العالمية الرئيسة لمرور قرابة خمسمائة مليون طائر مهاجر سنوياً في أجواء فلسطين. وقد تمَّ تسجيل أكثر من 530 نوعاً مختلفاً من الطيور في فلسطين خلال القرون الماضية. ويزيد العدد عن 347 نوعاً في الضفة الغربية وقطاع غزة.

تمَّ في الفصل الرابع من هذا الكتاب وصف وتوثيق 110 أنواع من الطيور المختلفة، وقد اشتملت المنهجية العلمية على تدرج وتسلسل، يسهّل على مستخدم الكتاب اكتشاف ما يحويه من كنوز فذّة، بأسلوب سلس وشيّق مشتملاً على حالة وجود الطيور وبيئتها في فلسطين، وموثقة بالصور المعبرة. وقد اُعتمد في تصنيف الطيور على رتبة الطائر وعائلته ونوعه بما يتماشى والأصول العلمية، وذلك وفق تصنيف "فوسز". وقد تضمنت كلّ صفحة على وصف عام للطائر ووضعه وبيئته والسلوك الغذائي والتكاثر وعلاقة الطائر بالناس.

انبثقت فكرة تأليف الكتاب لشعور الباحث سيمون عوض بحاجة مجتمعنا الفلسطيني إلى برامج ومشاريع تعالج موضوع الوعي البيئي، في مجال حماية التنوع الحيوي بشكل عام والطيور بشكل خاص. كما يهدف هذا الكتاب إلى زيادة الوعي البيئي لدى المواطنين بقيمة الطيور اقتصادياً وصحياً وبيئياً.

وإن كان هذا الكتاب يبرز أهمية الطيور وتصنيفها إلا أنه لم يغفل أهمية المشهد الطبيعي الفلسطيني، سواء من خلال التعريف بالمناطق التي تعتبر جاذبة للطيور المقيمة أو المهاجرة الزائرة والصور التي تعكس جمالية الطبيعة الفلسطينية وثرائها، مظهراً بيئة الطائر كإبراز البيئة النباتية والصخرية والمائية، مثل دقة اختيار صورة طائر قبّرة الصحراء من العائلة القنبرية في المناطق الصحراوية، وشبه الصحراوية ذات الطبيعة الصخرية.

يقدّم المؤلف معلومات مهمة ومختصرة تؤدي الغرض دون إطناب درجت عليه كثير من الكتب المرجعية، فقد سار الكتاب على طريقة موحدة لتقديم كل طائر، كطول الطائر وبيئته وغذائه وفترة التكاثر وعدد البيض، وفترة الحضانة والمدة التي يترك الطائر بعدها العش، كما أنه يحاول على الدوام تفسير أهمية كل طائر على حدة، مثل أهمية طائر القيق (أبو زريق) في انتشار بذور نبات البلوط لمسافات بعيدة، أو طائر السمامة العادية التي تقضي على أعداد كبيرة من الحشرات، لذا فهو يقدّم خدمات بيئية وصحية عظيمة للإنسان بدلاً من استخدام المبيدات الحشرية.

تتعرّض الكثير من الأنواع للصيد نتيجة جهل العامة بأهمية هذه الأنواع في التوازن البيئي، فمثلاً يعتبر طائر الواق الصغير، وهو طائر مهاجر مفيداً في القضاء على كم كبير من الحشرات في المناطق التي يوجد فيها، إلا أنه يتعرض للصيد والبيع في المناطق الجنوبية من الضفة الغربية مما يؤثر سلباً على أعدادها في الطبيعة، ويخلّ بالتوازن البيئي، وهذا الطائر الذي يعرف عند المواطنين بأم غليون (المليح) قد تمَّ تحجيله في محطة طاليتا قومي في بيت جالا ومحطة أريحا لمراقبة وتحجيل الطيور.

يحمل غلاف الكتاب صورة عصفور الشمس الفلسطيني (اسمه العلمي Nectarinia osea والذي يعرف لدى المواطنين بتمير فلسطين (أبو الزهور)، وهو من رتبة الطيور المغردة من عائلة المثغريات، ويتميز بأنه أصغر الطيور المقيمة في فلسطين، وهو رشيق الحركة، مفعم بالحيوية، ويطير بسرعة هازاً جناحيه بسرعة كبيرة، يتغذى على رحيق الأزهار، ويساعده في ذلك منقاره الطويل، ويتميز بصوته المرتفع، وينتمي لحفرة الانهدام (الأغوار)، ويحمل اسم فلسطين.

وهذا الكتاب يعتبر بحق مرجعاً أساسياً يُضاف إلى مكتبتنا العربية، وعلى خلاف الكثير من المراجع التي أعدت حول مكنونات طبيعة فلسطين، فإنَّ كتاب طيور فلسطين لمؤلفه سيمون عوض هو جهد فلسطيني أصيل بلغة عربية سليمة، ليكون مرجعاً ومرشداً ودليلاً يساعد الباحثين وهواة الطيور والطلاب للتعرّف على الطيور في بيئتها، بالإضافة لما يقدّمه من معلومات عن بيئة فلسطين وطبيعتها الجغرافية، وأهميتها وعلاقة الطيور بالإنسان، وبتقديري الخاص، فإنَّ الباحث سيمون عوض نجح في عمله هذا، وأدعو كل الباحثين في طبيعة فلسطين والجهات المعنية على إصدار مراجع مماثلة في مجال الزواحف والثدييات والأسماك وغيرها من حيوانات فلسطين، في زمن تقل فيه نتاجاتنا العلمية الرصينة لتطلق بعض الأفواه أحكاماً وإدعاءات ضعيفة لا تقوم على أسس متينة، فهذا يدعي بأنه اكتشف حيوانا، ويدعي بأنه انتخب عالماً للطيور وما هو بعالم.

وقال راتب حمد:

يعتبر الكتاب نقلة نوعية في التعليم البيئي، وهو قليل جداً في بلادنا، لأنَّه يحتاج إلى جهد متواصل وكبير ربما أضعاف ما يحتاجه أي كتاب آخر، فالكيان الصهيوني لم يترك صغيرة ولا كبيرة إلا ودرسها ووثقها، وجيّرها لنفسه معتبراً ذلك من التراث اليهودي على أرض فلسطين. أمّا أن يصدر هذا الكتاب للسيد سيمون عوض فقد وضع وبدأ الخطوة الأولى نحو الاهتمام بكل ما يتعلق بالوطن، وكان ذلك من إنسان متخصص.
بدأ عوض الكتاب بدراسة أهمية موقع فلسطين الجغرافي والعوامل البيئية وعلاقتها بتوزيع الطيور، ثمَّ انتقل إلى أهمية دور الطيور في الطبيعة، وتميز التنوّع الحيوي وعلاقة الطيور بالإنسان ناقلاً وشارحاً المخاطر التي تهدد حياة الطيور.

ثمَّ يأتي إلى تصنيف الطيور في فلسطين والتعريف بها ميدانياً، وتقسيم الطيور إلى مقيمة وزائرة. ويطلّ علينا الأستاذ عوض بالفصل الرابع بحيث يعطي المعلومات المتعلقة بالطير من حيث الوصف العام والبيئة والسلوك الغذائي والتكاثر وعلاقة الطير بالإنسان، وقد قسّم ذلك واضعاً الطير من حيث الرتبة والعائلة والاسم العربي والاسم الشعبي. وبهذا يكون عوض قد أضاف إلى المكتبة كتاباً مهماً قلما وجدنا باحثاً في فلسطين قد اهتم بهذا المجال.

ولا يفوتنا بأن نقول أن هذا التوثيق جاء بشكل جميل متناسق كماً ونوعاً ولوناً، فقد أضاف إلى المعلومات الرائعة والمفيدة عن كل طير الصور التوثيقية الجميلة الملوّنة التي يسكنها الطير أو يمر بها من خلال هجرته، فقد بدأ بذكر منطقة القدس وأسوارها، وبرية القدس ووادي القلط وعيون الفشخة، ومنطقة أريحا، وعيون العوجا. ولم ينسَ يحض الوطن ويقرّب البعيد مروراً بوادي غزة وشاطئ غزة على البحر المتوسط، ووادي القف بالخليل ومنطقة أم الصفا برام الله وغابات وأحراش أم الريحان بين جنين وأم الفحم.

ولم ينسَ المؤلف أن ينهي كتابه بالمطلوب على المستوى الوطني لحماية الطيور البرية والمحافظة عليها.

أما موسى ابو دويح فقد قال:

كتاب مصور صدر عن مركز التعليم البيئي في بيت جالا – فلسطين، جاء في 194 صفحة، من القطع الكبير، يحوي دراسة علمية عن طيور فلسطين، ومقسم إلى خمسة فصول، بعد المقدمة والتقديم والشكر والتقدير.

الفصول الثلاثة الأولى تتناول موقع فلسطين الجغرافي ومناخها المعتدل، وأهمية الطيور في الطبيعة والمخاطر التي تتهددها، وتعريف الطيور وبيان أنها رتب وعائلات.
وتناول في الفصل الرابع طيور فلسطين، وكتب فيه عن مائة وعشرة طيور من طيور فلسطين، كتب وصفا عاما لكل طائر منها وكذلك كتب عن وضع كل طائر منها وبيئته في فلسطين، وكتب عن السلوك الغذائي للطائر وعن طريقة تكاثره وعن علاقة كل منها بالناس.

هذه العناوين الخمسة: الوصف العام للطائر، ووضعه وبيئته في فلسطين، وسلوكه الغذائي، وتكاثره، وعلاقته بالناس، تناول بها كل طائر كتب عنه من الطيور المائة وعشرة بعد أن أثبت الاسم العربي لكل منها والاسم الشعبي واسم كل طائر وعائلته باللغة الانجليزية.

الكتاب وثيقة مهمة ودراسة قيمة لطيور فلسطين، تحتاج إلى مختصين في هذا المجال، حتى يبينوا ما لها وما عليها.

وأما أنا فأقول: الكتاب جيد وصوره جميلة ملونة وطباعته أنيقة ويكاد يخلو من الأخطاء اللغوية. وهو مرجع مهم في موضوعه لا يستغني عنه أي باحث في الطيور.

بعدها جرى نقاش مطول شارك فيه كل من ابراهيم جوهر الذي ترأس الجلسة، والأديبان سمير الجندي وجميل السلحوت، في حين ردّ مؤلف الكتاب الاستاذ سيمون عوض على أسئلة الحضور ، كما دعا الى الحفاظ على البيئة الفلسطينية.
وفي نهاية الأمسية قدم الأستاذ ابراهيم جوهر غلاف الكتاب مبروزا وممهورا بتوقيع ندوة اليوم السابع الى الاستاذ سيمون عوض تقديرا لجهده المشكور في تأليف هذا الكتاب الذي يعتبر اضافة نوعية مميزة للمكتبة الفلسطينية والعربية.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى