الأحد ٢٣ آب (أغسطس) ٢٠١٥
العـرين
بقلم ميمون حرش

عرين القاص والكاتب والناقد الخضر التهامي الو رياشي

هو منارة عالية، لاسمه مكانة خاصة في قلوب أهل الناظور، يحبونه ويحبهم، وترضيهم كتاباتُه، وهو يحرص أن يكتب ما يعجبهم.. لا شي خارج اهتمامه، يكتب القصة القصيرة، والق الق جداً، والمقال، والخبر، والخاطرة.. وفي كل نصوصه لا نعدم متعة أبداً؛ يختار كلماتِه، ينتقيها بدقة، وخوفه من القراء لا حدود له، يعتبرهم قضاة يحاكمونه على قيمة ما ينشره، لذا حرصه على الدقة فيما يكتب يصل أحياناً حد الهوس، ولكن يكفي لأي نص أنْ يُصبغ باللون الأخضر( نسبة إلى اسمه " الخضر" ) حتى يحصد أعلى نسبة من القراءة، وقدراً غير يسير من الإطراء، والإعجاب فتتقاطر عليه رسائلُ كثيرة مادحة ومُنوهة..

اشتغل صِحفياً، وتدرب على الحرف كما يجب، وألف لحد الآن:

"قصتي مع جاكي شان" في القصة القصيرة، و"تعويذة شهرزاد" في القصة القصيرة جداً.. ومشاريع كثيرة في الطريق ستعرف النور قريباً إن شاء الله..

يُسعد سلسلة حوارت "العرين" أنْ تستضيفَ الكاتب المتميز الخضر الورياشي ..

س- مرحباً بك سيدي الخضر في "العرين".. ما الذي لا يعرفه الناس عن الخضر الورياشي؟..

ج-هناك أشخاصٌ منزعجون بما "يظنون" أنهم يعرفون عني، ويتَّخذون بظنونِهم تلك مواقف عدائية، وسلبية، تجاهي.. فكيف إذا أعلنتُ لهم عن ما لا يعرفون ؟!.. أخشى أن تزدادَ كراهيتُهم لي، وألقى منهم أذى شديداً... دعِ الطبق مستوراً يا صديقي.

س- اسمك في الإبداع عموماً معروف، واسمح لي أن أستعير لفظاً من الفن السابع وأقول عنك بأنك "كاتب شباك التذاكر".. هل أنت سعيد بهذه الشهرة؟..

ج- لم يخلق بعدُ من لا يحبُّ الشهرةَ، حتى الزهاد والمنقطعون عن الدنيا تُسْكرهم الشهرة، ويجدون لها حلاوةً خاصَّةً.
نعم، أنا سعيدٌ بهذه الشهرة، وهي النعمة الوحيدة التي أشعر بها شعوراً "مُصَفَّى"، وأحرصُ أن أزيدَ من رَصيدها بالإنتاج الأدبي الجيِّد، الذي يُرْضي القراء والأصدقاء.

س- ألفتَ لحد الآن "تعويذة شهرزاد"، و"قصتي مع جاكي شان وجنية الكتب، وقصص أخرى".. هل يمكن الحديث عن نقط الاختلاف، والائتلاف في المجموعتيْن..؟

ج- "قصتي مع جاكي شان" هي باكورتي في النشر، كتبتُ قصصَها بسهولةٍ أكثر، ووجدتُ نفسي مُسيطراً فيها على الحكي والأدوات الفنية، وقلتُ ما استطعت أن أقول دون شعورٍ بأنني مراقب من أحدٍ، أو أن هناك من سيحاسبني على بنائها الفني.

أما "تعويذة شهرزاد" فكتبتها وكأنَّ مجموعة من الأرواح كانت تحُفُّ بي، وتراقب ما تخطُّ يميني من مفردات وعبارات، وتنتظر كلاماً محدَّداً لا زيادة فيه ولا نقصان. ولا يخفى عليكَ أن خصوصية القصة القصيرة جداً، هي التي فرضت عليّ هذا "المناخ الأدبي" الذي كتبت فيه المجموعةَ، وأرغمتني أن أكون حذراً، يقظاً، لا أسطر أي سطرٍ، إلا وأعرف ما يتطلب السطرُ من حرفٍ وفعلٍ واسم.

إنَّ القصة القصيرة جداً مغارةٌ عجيبةٌ تستوجب على من يريد الدخول إليها أن يُتَمْتِم بعبارات محددة جداً، قصيرة جداً، قوية جداً، بليغة جداً...

س- تحرص كثيراً على عنصر "الحكائية" أو القَصصية في نصوص القصة القصيرة جداً.. هل يضير النصَ لو اكتفينا بالتكثيف، والإدهاش دون حكائية..؟

أقصد أن "القصصية" غالباً ما تُسقطنا في نصوص طويلة دون أن نشعر، إذا راعينا شروط فن القصة كالحدث، والشخصية، والعقدة، والزمكان، والنهاية..؟

ثم لماذا هذه الصرامة في شروط الق الق جداً، ما يتعلق بجم النص خاصة..؟

ج- لكل قصاص طريقته، وأسلوبه، وقناعته، في الكتابة... والنقاد أنفسهم مختلفون في التنظير لفن القصة، والقصة القصيرة جداً. لكن، من جهتي، أجد أنَّ شرط "الحكائية" ضروريٌّ لفن القصة؛ فالقصة - بكل بساطة - هو أن تقص أشياءً، وتحكي أموراً، ويستمع إليك الناس تصف لهم حوادث وأشخاصاً ووقائع، وأنت وأسلوبك في طريقة القص، وإدارة تفاصيل الحكاية، تُقدِّم أوتؤخر.. تٌُوضِّح أو تُلْغز.. لكن تبقى أن هناك "حكايةً" تشدُّ الانتباه، وتثير غريزة الفضول والمعرفة. ولا يضير النص إذا استخدم التكثيف والإدْهاش بمهارة وذكاء، يستشف منهما المتلقي أنَّ الساردَ "يحكي حكايةً ما"... وهكذا ترى أني أُصرُّ على عنصر الحكاية في القصة بجميع أنواعها.

س- في مقالي عنك "تعويذة شهرزاد وتجليات الجودة" بمناسبة احتفاء اتحاد كتاب المغرب /فرع الناظور بإبداعك في بحر سنة 2015 أثرتُ نقطة لها صلة بحرصك الشديد على اعتماد اللغة العربية الفصحى.. أنت تكتب بفصاحة، وبلغة متينة، ولا تعترف بعلامة "قف" حين تبدع.. من أين تأتي بهذه الفصاحة كلها؟..

ج- شهادتُكَ بأني أكتب بفصاحةٍ، تثلجُ صدري. أما من أين تأتيني؟.. فهي من حرصي الدائم على القراءة، وقراءة مختلف الكتب والمؤلفات، واطلاعي على نصوص كثير من المؤلفين العرب القدامى والمحدثين. ومن حينٍ إلى حين أعودُ إلى كتب اللغة والمعاجم، وأنظر فيها. وأعظمُ كتابٍ منحني هذا الجزء الذي تراه من الفصاحة هو القرآن الكريم. وإني أجدها فرصة سانحةً لأقول لكل من أراد أن يحمل القلم، ويحترف الأدب، أن ينْهلَ من القرآن الكريم، ومن الحديث النبوي الشريف، ويحمل نفسه على قراءة كتب التراث العربي، ويطلع على مؤلفات رواد النهضة الحديثة. وإني أتعجب كل العجب حين أسأل بعض الشباب الذين يتصدَّوْنَ للكتابة هل قرأوا مثلا (المنفلوطي/ أو الرافعي/ أو العقاد/ أو طه حسين/ أو جبران/ أو ميخائيل نعيمة/ أو.. أو...) فأكتشف أنهم لمْ يقرَبوهم ولو ساعةً من الزمن !!

س- "تعويذة شهرزاد" ممهورة بتيمات فيها من التأمل الشيء الكثير، تلتقط فيها جزئياتٍ، وتفاصيلَ تقبع في زوايا لا يهتم بها أحد، فتميط اللثام عنها، كيف تختار موضوعاتك ؟..

دعني أشرح سؤالي رجاءً: "أريد هل شرط الاستفزاز وارد هنا للإبداع؟ أم الكتابة لديك هي فعل "أمر" كلما حكم القلمُ انسقت، واستُثيَرت في داخلك ثورة الكتابة كما نعهدك..؟

جـ أنا لا أختارُ موضوعاتي، ولا أحَدِّدُ ماذا أكتب اليوم أو غداً، بل وأزيدكَ أنه إذا كلَّفني أحدٌ بكتابة موضوع مُحددٍ فإني أرتبكُ وأعجز عن الكتابة.
الموضوعات هي التي تختارني، وتهجم عليَّ بمشاكلها، وعُقدها، وأزماتها، وتنزلُ على رأس قلمي وتقول له: "اكتب".. فيكتب وهو يشعر أنه يقوم بواجب مقدس.

في حالتي، "الاستفزاز" هو الذي يحملني على الكتابة، وهو الذي يضطرني إلى أن أمتشق قلمي، وأشْرَع سنَّه في وجه الموضوعات، أكتب عن القبح والفساد والظلم والانحراف، وأقول كلمتي وأمشي إلى بيتي مرتاحاً.

أنتَ تقول "الاستفزاز".. وهناك من يقول "الغضب".. وأغلب الكتاب هم أشخاصٌ غاضبون، من زمنهم، من بيئتهم، من مجتمعهم، من أقاربهم، من حكامهم... المهم أنهم لا يكتبون وهم هادئون، مطمئنون، مرتاحو البال، والحال، والمال... وإن لمْ أخطئْ فلِـ "أوسكار وايلد" عبارةٌ يؤكد من خلالها أنَّ الغضب هو الذي يدفع الأشخاصَ إلى الإبداع.

س- ميزة القصة القصيرة جداً لديك هي اقتناص المفارقة Paradoxeعبر سرد مكثف، دال، وموحٍ.. كيف تنجح في اقتناص الحدث بهذا الوهج فتحقق به مفارقة عجيبة؟.

ج- لستُ أدري كيف أنجح ـ إن بدا لكَ أنِّي أنجح ـ، لكن، أؤكد لك أني حين "أتعاطى" الكتابة أحرصُ على أن أكون "أديبا"، ولا يكفيني أن أكون "موثِّقاً" أو حتى "صحافيا" يُخبر الناس عن أمورٍِ بكلام عادٍ، يستطيع أن يقوله أيُّ "عابرٍ في كلامٍ عابرٍ".

س- لن يستقيم حواري معك دون أن أثير معك نصك البديع "نبي إبليس" في الملتقى الثالث للقصة القصيرة جداً، والذي نظمته "جمعية جسور للبحث في الثقافة والفنون" بالناظور في مارس 2014.. قرأتَ نصك على ضيوف الناظور فاحتدت الأكف لك بالتصفيق، بل وهناك من النقاد الكبار من تبناك بسبب هذا النص، سؤالي، كيف يمكن لنص "يتيم" أن يفعل فعل المطر في التربة في الوقت الذي تعجز فيه كتبٌ كثيرة لمؤلفين كثيرين أن تلفت مجرد النظر إليهم..؟

ج- بدايةً، أغتنم هذه الفرصة، وأتقدم بشكري الجزيل لجمعية "جسور للبحث في الثقافة والفنون"؛ فهي التي أتاحت لي هذه الشهرة، والآفاق، والعلاقات، والصداقات، وهي التي قدمتني إلى الفضاءات المختلفة، والرجال والناس المهتمين بفنون الأدب والكلام الجميل.

أما "نبي إبليس" فقد كان رسولي الكبير إلى أهل الأدب، وأصحاب الصناعة النقدية، وهو الذي أسمعهم "صوتي الأدبي"، وجعلهم يلتفتون إلى دعوتي، ورسالتي، وهناك من آمن بي، وهناك من كفر حسداً من عند أنفسهم.

لقد كان "نبي إبليس" نصّاً مشاغباً، اقتحم "الملتقى الثالث للقصة القصيرة جداً"، ووجد له مكاناً، مع أنه لم يكن "قصة قصيرةً جداً"، لكنَّ الضيوف الكرامَ الذين استمعوا إليه، في تلك الليلة في الفندق، هم الذين حرَّضوني على قراءته على الضيوف، وجعلوا الابتسامة التي ارتسمت على شفاهم ـ ليلاً ـ تنتقل إلى شفاه الآخرين ـ نهاراً ـ، وتعمَّ الجميع، في المركب الثقافي. وقد كنتَ أنت من المحرضين، وعلى رأسكم الدكتور ميمون مسلك.

أمَّا أنَّ في إمكان "نصٍّ يتيمٍ" أن يفعل فِعْلَ المطر في التربة، فليس بغريبٍ، أو عجيبٍ، فكثيرٌ من النصوص في الآداب العالمية فعلت ذلك، نذكر منها على سبيل المثال: "دونكيشوت" و"الإلياذة والأدوسيا" و"الكوميديا الإلهية" و"المعلقات" في الأدب العربي... ولا يخْفى عليك أن "المطر يتكون من تجمُّعِ السحب، وتبخُّرِ المياه من الأنهار والمحيطات"؛ بمعنى أنَّ النص الجيِّدَ استقى جوْدته وقوته من ينابيع مختلفة ومياه عذبة.

س- بدأتَ بمطولات قصصية، وانتهيتَ إلى قصص قصيرة جداً.. كيف استقام لك هذا الانتقال من البحر إلى النهر؟ وأين يجد الخضر نفسه وهو يكتب؟..

ج- لم أنتهِ إلى القصة القصيرة جداً، وليس في نيَّتي أن أنتهي إلى أي جنس مُعين من الكتابة؛ إنِّي أطلقُ العنان لقلمي، وأترك له مطلق الحرية، في أن يشقَّ طريقه في القصة، أو الخاطرة، أو المقالة، أو الدراسة، أو الخبر، أوالتعليق والتحليل... وإني أجد نفسي في كل ما أكتب ما دمتُ أكتب، وبمجرد ما أنتهي أضيعُ.

وقد أفاجئكَ إذا أخبرتك أني أجد نفسي بقوة حين أكتب المقال؛ ففي المقال أبحر في كل المحيطات دون أن أخشى الغرق، وأسافر وأنا متأكد من العودة السليمة.

س- عناوين قصصك لافتة، ما الذي استهواك مثلاً في "جاكي شان"Jackie chan؟ ، وما علاقة هذا الممثل بمتن مجموعتك "قصتي مع جاكي شان وجنية الكتب وقصص أخرى"؟

ج- سأكون معك صريحاً، وأخبركُ أني كنتُ "لئيماً" حين اخترتُ أن يكون اسم "جاكي شان" عنواناً لمجموعتي القصصية، وأن تتصدر صورتُه الغلافَ؛ لأني أردتُ من خلال ذلك أن ألفتَ إليَّ الأنظارَ، وأشعلَ غريزة الفضول عند القراء، ويتساءلون أي "قصة" يمكن أن تكون بين هذا "الورياشي" وبين "جاكي شان"، فيسارعون إلى اقتناء المجموعة. إنها "سياسة تجارية".. لكنها لم تنجح للأسف. فحضور "جاكي شان" في السينما أقوى من حضوره في "الأدب".

س- أثير معك نقطة تتعلق بقدرتك على الكتابة " le pouvoir d’écrire،هذه الميزة تمنحك إنصاتاً جدياً لنبضات قلبك، وحباً لإبداعك، ورهبة من قُرائك؛ والحصيلة كتابات كثيرة كحبات الرمل.. حدثنا عن سر هذه القدرة العجيبة؟

ج- لن يظل السرُّ سـراً إذا تمَّ الكشفُ عنه. وأنا نفسي لا أعرف "سرَّ هذه القدرة العجيبة".. ولكن، أحمد الله عليها، وأشكر فضله.

فقط، أودُّ أن ألفتَ انتباهَكَ؛ هو أنني لا أرهبُ من قرائي، بل أشعر نحوهم بشعورٍ مسؤولٍ، وحين أكتب أحرصُ أنْ "أفيدهم وأمتعهم معاً"، ففي اعتقادي الراسخ أن الأدب فائدة ومتعة. وهذا هو موقفي من الكتابة ومن القراء.

س- أنت قارئ نهم ، ومُواكب لكل ما يصدر من جديد ؛ هل أنت راض عن المتابعة النقدية لما تكتبُه؟

ج- لستُ راضياً، ولستُ ساخطاً؛ وإنما ما زلتُ أنتظرُ من يكشف عن أمور أتمنَّى لو يصل إليها النقادُ، ويضيئوا بعض المناطق التي لم يتلفتْ إليها الذين تناولوا أعمالي حاليّاً.

س- تكتب الروائية آمنة برواضي في مقالتها عن "تعويذة شهرزاد" قائلة:

" على صورة غلاف المجموعة أن يحل محل يفاجئنا الضوء المنساب من داخل البيت ليضيء السواد الكثيف،/.../ وشعاع الضوء دليل على وجود أمل يطمح الكاتب الظلام. يكفي أن نفتح الأبواب على مصراعيها، وهذا الأمل يؤثث زوايا المجموعة. الضوء يتسرب على غير العادة من داخل البيت، فقد يكون الوقت ليلا ولا وجود لمصابيح تضيء المكان في الخارج، وربما مرده إلى كون البناية قديمة لا سقف لبهوها كما هو حال البنايات في الماضي، كما أن الباب الذي يتسرب منه الضوء نسجت حوله خيوط العنكبوت وهذا يدل على أن المكان مهجور لا يسكنه أحد، ولا بد من تلك التعويذة، وقد يكون إشارة إلى التراث القديم.."

لوحاتُ كتبك مثل قصصك، غنية، وثرية بالدلالات، ترى هل وفقت برواضي في فك لغز لوحة التعويذة؟ ..ثم كيف تختار مثل هذه اللوحات الفنية الرائعة..؟

ج- نعم، وفقت "أمنة برواضي" في قراءة غلاف المجموعة، واقتربت من غموضها قليلاً، وإني أحييها بهذه المناسبة تحية خاصة، لما خصتني به من دراسة جادة وموفقة، اقتربت فيها من منابعي أكثر من غيرها.

واختياري للوحات الفنية مسألة ذوق بالدرجة الأولى، ومحاولة للتوفيق بين مضامين القصص والصور التي قد تترائ في خيال القراء.

وبالمناسبة، أودُّ أن أخبرَ القراء هنا، أنَّ التعويذة السحرية تطلق ثلاث مرات حتى تتحقق الاستجابة كما هو شائع في كثير من الاعتقادات، ولهذا السبب وظَّفتُ في القصة التي جاءت بعنوان "تعويذة شهرزاد" ثلاثة قصاصين، أجبرتُ كل واحدٍ منهم أن يحكي قصة قصيرة جداً، كي يُفتحَ بابُ القصر الذي سُدَُّ عليهم. وذاك ما كان في القصة.

س- " ركزت آمنة في دراستها للمجموعة عن عنصر "التناص"، وتتبعته بشكل دقيق، فكشفت عن قدرتك كمبدع كبير على استثمار نصوص كثيرة تختزنها في ذاكرتك..

عنصر التناص، ما ذا يمكن أن يضيف، وهل هو قادر على لفت النظر كما النص الأصلي؟

ج- التناص إذا جاء عفواً أثناء الكتابة فهو شيء محمودٌ، ويضفي على العمل الأدبي جمالا وسحراً، لكن إذا كان مقحماً ومسيطراً، فهو غير مرغوبٍ فيه؛ فالعمل الأدبي يكون جميلاً بنفسه وليس بغيره، مثل المرأة الجميلة جمالاً طبيعيّاً، لا يضرُّها أن تضيف بعض المساحيق والعطور إلى ملامح وجهها وجسدها، لكن لا يُفقدها غيابُ تلك المواد الإضافية جمالها الحقيقيَّ.

س- كثيرون هم الذين خصوك بكتابات عن إبداعك الثر، منهم على سبيل المثال لا الحصر: د ميمون مسلك، د مصطفى سلوي، القاصة آمنة برواضي، والباحث عبد الواحد أبجطيط، والدكتور عيسى الداودي ، والكاتب السوري أحمد عكاش، وميمون حرش،/.../ ما الذي يميز كتابة كل واحد من هؤلاء؟..

ج- كلهم اتفقوا على أمورٍ مشتركةٍ، وذكروا أنها موجودة عندي، ونوَّهوا بأسلوبي الخاص في الكتابة، وإنْ كان الدكتور "ميمون مسلك" أكثر الجميع صرامةً في نقد القصص، ولفتي إلى أمورٍ ضرورية، يجب عليَّ أن ألتزم بها، كي أرتقي بفن القصة القصيرة جداً. وإني أتوجه إليه بالشكر الخاص لما حباني به من عناية خاصة، وتشجيع.

س- شاركت إلى جانب مبدعين عرب كثيرين من عيار ثقيل في كتابة القصة القصيرة جداً، وحازت مجموعتك "تعويذة شهرزاد" المركز الثالث في المسابقة الكبرى للقص الوجيز في مهرجان الناظور للقصة القصيرة جداً مارس2015..
هل أنت راض عن هذه الجائزة؟ ثم هل الجوائز الأدبية تعكس فعلا قيمة المبدع؟..

ج- راضٍ كل الرضا، والحمد لله الذي جعلني أقف بقامتي القصيرة إلى جانب كتاب طِوالٍ.

الجوائز الأدبية لا تعكس قيمة المبدع دائماً.. لكن نسبة القراء هي التي تعكس قيمته، وهي التي لا يشك فيها أحدٌ أو اثنان.

س – تجربة التأليف الجماعي ( أعني مشاركتك في كتاب "جسور" مع مبدعين من الريف ) ماذا أضافت للخضر الورياشي؟

ج-أضافت إليَّ أنني موجودٌ بين حملة الأقلام في الريف.

س - أنت كاتب ناجح.. كيف يمكن للمبدع أن يكون كاتباً ناجحاً برأيك؟

ج-أن يكون موهوباً أولاً وأخيراً.. أن يكون قارئاً مستمراً.. أن يكون صادقاً حين يكتب.. أن يكون منصتاً جيداً للنقد.. أن يعترف بأخطائه حين يشار إليها.. أن يكون ذكياً في تناول القضايا والموضوعات.. أن يكون متعلِّماً دائماً...

س- ما هي مشاريعك الإبداعية مستقبلا؟

ج- ليست لي مشاريعٌ محددة.. أنا أكتب متى تنزلت عليَّ الشياطين والعفاريتُ .. وأنقادُ لقلمي، وليس هو الذي ينقادُ لي، مع أنني لا أجْني منه سوى الأرق والقلق والتعب والحسد.

س – كلمة في حق:

الحسن والحسين
ـ زينةُ حياتي، وإلى جانبهما ابنتي الصغيرة "أسينات".
كورنيش الناظور
بدون "كشك" لبيع الجرائد والمجلات والمنشورات الثقافية لا قيمة له ـ بالنسبة إليَّ ـ

س- شرف كبير أن نستضيف الأستاذ الخضر الورياشي في "العرين" ، شكراً على صبرك، وكلمة أخيرة من فضلك..

ج- الشكر لك أولا على احتفائك الكبير بأدباء الريف.
الشكر لجمعية جسور للبحث في الثقافة والفنون.
"وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون" صدق الله العظيم.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى