الخميس ١٤ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠١٩
بقلم الهادي عرجون

قراءة انطباعية لرواية القرد الليبرالي

و أنا أتصفح رواية"القرد الليبرالي"للكاتب سفيان رجب أول مرة بانت لي أشياء أراد الكاتب تمريرها و غابت عني أشياء أخرى ذابت بين ثنايا النص و تسترت بين معانيه، لذلك رأيت من الجيد قراءة الرواية مرة ثانية علني أجد ذلك الخيط المشرق و الغامض فيها، للوقوف على البعد الجمالي و المدلولات الموضوعية الجريئة المتعددة التي وشحتها بأحداثها الافعوانية الموغلة في التجريب المثري لجماليات الرواية العربية الجديدة.

هذه الرواية الصادرة سنة 2018 عن دار زينب للنشر والتوزيع في 135 صفحة من الحجم المتوسط و التي قال عنها زهير كريم:"حين تقرأ هذه الرواية وتنام لتصحو مبكرا، حين تخرج كعادتك إلى العمل، لن تر الآخرين مثلما تعودت أن تراهم طوال حياتك، سوف تشاهد الحيوانات كلها تتحرك في المدينة:الثعالب والذئاب وحتى الخنازير، تراهم يجلسون بتهذيب عال في الباصات، محطات المترو، وفي المحلات يتبضعون، وفي المقاهي يشربون القهوة ويتصفحون الجرائد أيضا، حيوانات بربطات عنق و تنورات وبناطيل جينز.... وسوف تحتاج بشكل ضروري في هذه الحالة، لمرآة لكي تتأكد أن وجهك هو نفسه أم تحول هو الآخر لوجه حيوان، إنها رواية عن الأقنعة، الزيف والمدينة، وغربة الكائن عن نفسه "(1).

في البداية يمكن القول أن تصميم الشخصيّة الروائية المحورية في رواية"القرد الليبرالي"لا يمكن أن يكون قد أتى بعفوية الكاتب بقدر ما جاء بعد خضوع شخصية بطل الرواية إلى جملة من الشروط فهذه الشخصية مستوحاة من عمق الواقع التونسي شخصية ريفية في شكلها ومضمونها وحتى تطلعاتها، تجد نفسها في مدينة كل ما فيها متغير مع انقلاب المفاهيم و العادات والتقاليد و الأخلاق فهو شخصية غريبة رأت غربتها في المرآة و كشفت قناعها لتتكشف أقنعة أخرى يدور حولها.

ليتمكن الكاتب بعمقه النفسي و العقلي من تمرير خطابه الأدبي بنقده للواقع بطريقة ساخرة و هذا ما يجعل شخصية روايته متفرّدة عن غيرها من الشخصيات يضاف إلى ذلك اسمها الذي اختير بإمعان لما يحمله من مدلول شعبي بملامحها الاجتماعية و بساطتها و نظرتها للعالم. شخصية"عبد الله"الذي يظهر اسمه في الصفحة 25 من الرواية"أحسست بخدر في مفاصلي، ومرّ أمامي شريط متقطّع رأيت فيه"عبد الله"الطفل وهو عار تحت نخلة"العبابيث"كما كان يسمّيها سكان قريتنا،..."ذلك الشاب القادم من الجنوب التونسي للعاصمة مثقلا بالأسئلة، أسئلة عن رغبات الجسد ورغبات الفكر، أسئلة عن أصل الإنسان ومٱله. ليكتشف الجانب المظلم للمدينة ليعيش الفقر و التشرد لينتهي به المطاف في مستشفى الرازي مصابا بمرض نفسي نادر جعله يتخلى عن إنسانيته ليرى نفسه قردا.

الرواية تعري الواقع بكل ما فيه من متناقضات و تعري الإنسان أمام الواقع لتسقط الأقنعة التي تداري واقعنا السياسي والاجتماعي بطريقة أفعوانية ساخرة جمع فيها بين الواقعي والعجيب معتمدا على الكتابة التجريبية دون الالتزام بتقنيات الكتابة الروائية التقليدية و هو ما يجعل نصه عميقا رغم بعده عن السلاسة و الحبكة التي يراها البعض ضعفا و أراه فنا يصل الحاضر بالماضي و الواقعي بالعجائبي و الأسطوري بحكايات الأجداد و الجدات"إن توظيف النصوص التراثية الأدبية في النصوص الأدبية الحديثة هو نوع من أنواع التناص يحدث بصورة مقصودة واعية، ويستهدف توجيه تلك النصوص؛ لنقل رؤى، وأفكار معاصرة"(2).

يقول سفيان رجب في إحدى حواراته التي أجراه معه موقع"كتابات"الإلكتروني ردا عن سؤال سماح عادل:"السخرية في منطلقها هي ملاذ من اكراهات الواقع ومن حرّاسه المنضبطين ومن اليقينيات البليدة، لكنها في عمقها هي غابة من الاستعارات المخاتلة والمرحة التي تمجّد الطفوليّ فينا والمشاغب، وهذا ما نجده في (القرد الليبرالي)، فالبطل هنا هذا الفتى الريفيّ من الجنوب التونسيّ في العاصمة تونس، في البداية يلوذ بالسخرية من كلّ ما يحيط به، لكنه يتحوّل إلى كائن مثير للسخريّة. شخصياً تمثّل السخرية أسلوباً خاصاً بي، وربما يتعلّق الأمر بشخصيتي وطريقة تفكيري أيضاً"(3).

فمنذ القراءة الأولى ندرك أن طريقة إخراج الرواية هو انقلاب على القوالب الكلاسيكية في السرد و الوصف و الكتابة الرواية الكلاسيكية خاصة و أن أسلوب"...التجريب يشخص فترات القطيعة في التواصل الإبداعي، ويوافق بالنسبة إلى الكاتب والقارئ تحررًا من المصطلحات السائدة ويمكن أن نعتبر الأدب التجريبي كل أدب يرفض الاستناد إلى قواعد معينة، ويتجه إلى التجديد على مستوى الأشكال، الموروث منها، والمستورد من الآداب الأجنبية"(4) ففيها يتقاطع التاريخ مع الواقع والمتخيل بالأسطوري و الخيال الشعبي بالموروث ليختزن مسرح الأحداث كل هذه الدلالات و الإيحاءات التي عبر عنها الراوي على لسان شخصياته.

فسفيان رجب في روايته"القرد الليبرالي"يعتمد على تأويل القارئ و فهمه للوصول إلى المعنى العميق للنص. فروايته هي رواية التنوع و الصراع الداخلي و النفسي، هي محاولة للبحث عن أشكال جديدة في الكتابة الروائية تقوم على جمع المتناقضات في محاولة للحث عن مواضيع جديدة تتخذ من اللامعقول بابا لدخول تناقضات هذا العصر معبرة بذلك عن مقاومة الفوضى بالفوضى، الفوضى بالنظام و الوضوح بالغموض و جنون العصر بجنون الكتابة.

مستخدما شخصيات متمردة في كل شيء حتى على نفسها تلعن كل شيء و تلعن نفسها و هي بذلك تذكرني بشخصيات بوكوفسكي (5) التي عبر عنها أحد النقاد بأنها تقضم الكلام، تلوكه وتمضغه ثم تبصقه في فظاظة وعنف. رهانه قلب موازين القوى، ليجعل المركز هامشاً والهامش مركزاً. وهو بفرضه أسلوب السّوقة وسقط المتاع في الحوار الروائي و في بعض مقاطع السرد، إنما يفتك السلطة على الخطاب ويمنحها للملاعين أو المهمشين.

الرواية في مجملها تغوص في قاع المجتمع التونسي وتقدم حياة الناس البسطاء بعفوية وبساطة وتلقائية يصبح معها استخدام اللغة الفصحى لغة مقعرة و دخيلة في الحوار و كذلك في التعبير عن بعض المواقف و بذلك تصبح الفصحى غير منسجمة مع سياق العفوية والبساطة، وغير قابلة للتصديق من قبل القارئ.

و بذلك يتخلص الروائي سفيان رجب من كل محظور و مسكوت عنه (تابو)، لحبك رواية نزعت بين لغة راقية مدهشة و لهجة عامية معبرة و حتى وان جمعت لغة"القرد الليبرالي"في أغلب الأحيان على المصطلحات و الألفاظ البذيئة أو ما يطلق عليها الراوي (معجم ما تحت الحزام)، فهي في الآن نفسه محملة بالدلالات، حتى معجم السب اليومي، فهو يقال بطريقة تكشف عن بنية الواقع. و هو ما یؤكده الروائي صبحي فحماوي (6):"أن تسریب اللھجة المحكیة إلى اللغة العربیة ھو سمة جمالیة من سمات المكان"كما يؤكد على أن الروائي"لا یستبدل اللغة باللھجة المحكیة بقدر ما یحشو فطیرة اللغة العربیة الفصحى الجمیلة بالزعتر والسماق والجبن".

و بالعودة إلى لغة الكاتب و مصطلحاته و ما أثاره أسلوبه غير المألوف في الكتابة أو ما يعبر عنه بقاموس ما تحت الحزام، تحضرني قولة لأرسطو في كتابه"فن الشعر"يقول فيها:"الأخلاق و الفضيلة لا يصنعان أدبا راقيا"(7).

فالرواية رغم ما توحي به من نقد لاذع للمجتمع و ما تعالجه من قضايا، إلا أنها تحاول في ذات الوقت التعبير عن التناقضات التي يعيشها المجتمع التونسي المتمزق بين تيار تقليد السلف و مجاراة التحولات التي يشهدها العالم، كما عبر عن ذلك صاحبها. فهي رواية الصراعات والمتناقضات صراع بين العولمة و العاطفة الإنسانية و صراع بين الجمال والقبح وصراع بين العلم و الخرافة وصراع كذلك بين الواقع و الحلم، و صراع بين المادة والروح، وصراع العقل و اللاعقل و صراع التراث و الحداثة الغربية.

رواية"القرد الليبرالي"بكل ما فيها طرح لعدة مسائل و عدة جوانب فلسفية و نفسية ونقدية للمجتمع بكل فئاته فهي بين نقاش ونقد لـ:

 نظرية التطور عند داروين (نظرية التطور)"نعم، إنّه أخي وأخوك وأخ جميع البشر، جدّانا كانا أخوين وافترقا، جدّنا هجر الغابة وجدّه بقي هناك في مملكته الخضراء. وبدأت أقصّ عليها نظريّة"داروين"وقصّة القرد المتطوّر في رحلته من غابة السّافانا إلى نيويورك
"(ص23).

 الرأسمالية و للآلة التي صار عليها الإنسان و هو في حركة يومية رتيبة يمارسها"الرّكاب بدؤوا يقتربون من الأبواب، ويتهيّئون للنّزول، أغلبهم عملة وطلبة وصغار موظّفين...بعد نصف ساعة سينتشرون بين ورشاتهم ومصانعهم ومدارسهم في العاصمة. هذه رياضتهم اليوميّة. العاصمة امتصّتهم وهم نهشوا أعماقها كعلقات المجاري".(ص53).

 الليبرالية التي يصفها بأنها:"هي عاهرة تتحدث عن القيم ببرودة نازي"(ص114).

 القومية العربية التي لم تبق منها سوى الشعارات و أسماء منظريها، رغم أنها تنادي بأن الشعب العربي شعب واحد تجمعه اللغة والثقافة والتاريخ والجغرافيا والمصالح وبأن دولة عربية واحدة ستقوم لتجمع العرب ضمن حدودها من المحيط إلى الخليج.

 الديمقراطية التي يراها"...سهلة وليّنة كتقشير الموزة وقضمها، دون التّفكير في وجه الشّبه بينها وبين الفصل الأوّل من الكتاب الأبيض للأمم المتّحدة، أو ما يوضع في مؤخّرات دول العالم الثّالث قبل أن تذهب إلى النّوم في المخيّمات وأكواخ الصّفيح"(ص116).

 الحضارة التي عرفها على أنها"...حظيرة بناء ونجارة وحِدادة لأجل إخفاء كومة براز"(ص115).

 للدولة البوليسية التي تعيشها البلاد في ذلك الوقت"ولا يريد النّظام أن يشتعل عود ثقاب واحد في أيّ مطبخ في البلاد، دون علم البوليس السّياسي والثّقافي والبوليس السّياحي والفلاحي والتّجاري...الخ. لا حدّ لنظام البولسة في هذه الضّيعة الرأسماليّة الصّغيرة التي تسمّى تونس"(ص53-54)."ستلبس جلد قرد...و تكتب تقريرا عن زائري الحديقة الأمر خطير."(ص70)

 الواسطة و شراء المناصب"أصبح القرد"سي سعيد"أحد أعيان المدينة و زعيمها الرمزي حتّى أنّه تقدّم للانتخابات البرلمانيّة وافتكّ مقعدا في قاعة البرلمان. أصبح القرد يهدر في الشّأن العام البشريّ، فيقرّر مصائر بشرٍ، ويتوسّط لبعضهم مع إدارات الدّولة للعمل أو للسّفر"(ص76).

 الصحف الصفراء التي تملى عليها الأخبار و تنشر ما يرضي النظام و التعتيم الإعلامي المقصود منه إخفاء الحقائق"ومن الغد نشرت الصّحف المحلّية خبر مهاجمة قرد لامرأة وقتلها عوقب مسؤول الحديقة بشهرين سجنا في فندق ساحليّ، وتمّ احتواء الحادثة بعد أن نُسبت الجريمة إلى قرد، و تمّ نقل"لمين"إلى مهام أخرى"(ص73).

 طريقة استغلال الشعوب و احتلالهم"أيّها المسخ البشريّ، انزع عنك قناعك، واترك الطّبيعة تكتب قصائدها بعفويّة، دون أن تشوّهها برداءة خطّك، هذا الوطن الصّغير أنت محتلّه، خذ مسدّسك وسهامك ونواياك السّيّئة...واذهب"(ص79).

 التبعية و التغريب الذي تعيشه البلاد"أقف أمام تونس الفرنكفونيّة، يتوسّطها الشّارع الذي أطلق عليه"الحبيب بورقيبة"اسمه دلالة على استقلال تونس، وظلّت فرنسا تحرسه بعلمها وقنصليّتها وكتدرائيّتها وروح مبانيها التي تُسبّح باسم فرنسا ليلا نهار اً: مقهى باريس، مقرّ جريدة لابراس، المسرح البلدي، قاعة"لامونديال"للسّينما، مقهى لونيفار، النّزل الدّولي...كلّها فرنسا، وسدنتها موظّفون برّاقو الوجوه وأشباه مثقّفين يسرقون بعض حركات البوهميّين الفرنسيّين أواخر القرن التّاسع عشر،... قبل أن تُدرك الضّوء في باب البحر"بوّابة فرنسا". كلّ هذا العهر الثّقافي كانت تستخدمه فرنسا لتحويل المدينة العتيقة بروحها العربيّة مُتحفا كبيرا للتّخلّف المرشوش بالغبار و العتمة"(ص97).

أما بخصوص ذكر الشخصيات التاريخية و الأدبية فهذا ليس بغريب على سفيان رجب فهو يعيش مع روائيين و كتاب و رسامين و لوحات و روايات نهل من نبعها وشرب من عيون الآثار و الكتب فهو لن يتخلص من هذا الإرث المعرفي إلا لإثراء تجربته الإبداعية، فهو لا يزور أرضا بكرا و لا يكتب نصا من فراغ فهو يتغذى باستمرار من كتابات الآخرين و كلامهم و أفكارهم على حد السواء لذلك نجد تأثرا كبيرا بكبار الأدباء وأفكارهم و كتاباتهم.

و هذا ما جعل سفيان رجب يفتح جناحيه لينهل منها و يأخذ من أقباسها"وكان لابدّ من تغذية هذا الحارس بقراءة كتب الفلسفة والفكر والأدب... وبدافع تلك الفكرة التهمت كلّ ما كتبه"ابن رشد"و"ابن خلدون"و"توفيق الحكيم" و"التّوحيدي" و"سارتر" و"داريدا" و"نيتشه" و"غوركي"و"بودلير"وغيرهم من كتّاب العالم، كنت كلّما قرأت كتابا أشعر أنّ عقلي صار أقوى وأشرس"(ص91).

و لا ننسى كذلك الإشارات عن"ابن خلدون"و"إخوان الصفا"كأن الرواية محاكاة لنقاشاتهم و التي عبر عنها في قوله:"كان أحد إخوان الصّفا يتحدّث في ما معناه أنّ الإنسان لم يصنع حضارته إلا بمحاكاة الحيوان"(ص40) و كذلك في قوله:"كانت جلسة واعدة، ذكّرتني بحلقات نقاش"إخوان الصّفا"التي تحدّث عنها التّوحيدي"(ص101).

ليتعرى الراوي هنا أمام شخصية بطله ليعطيه من روحه و شخصيته. فلا غرابة أن تكون الشخصيات الأدبية و كتبها التي وظفها لها قدرة على استيعاب تجربته الروائية المتفردة والدلالة عنها سواء بتوظيف الشخصية او كتبها و ربما القضايا المختلفة التي تطرحها أو تنقدها. مع العلم أن أكثر التوظيفات هي توظف شخصيات أدبية أجنبية استمدها من خارج تراثنا العربي لنقد واقع عربي.

ليتقاطع الزمان بالمكان و تتقاطع الأحداث بالشخصيات، و على الرغم من ذلك فهو ينفي هذه الفكرة التي تفصل بين ثقافة الغرب و الشرق فهو كما يقول"ما يهمني هو التراث الإنساني؛ بعيداً عن إسطوانة الشرق والغرب، في روايتي أشرت لـ"إخوان الصفا"و"ابن خلدون" و"أوفيد" و"نيتشه" و"ديوغين".. وغيرهم. وإذا كنت تتحدثين عن الجذور والقلق ألتأصيلي، فالمسألة عندي عفوية هنا، الأصالة عندي هي أن أكون أنا، وما يكوّن هذه الأنا من أصوات وألوان ودماء وملامح وروائح... هو ما يميّز أفكارها ويمنحها خصوصيّتها وتفرّدها. فالمسألة هنا لا تحتاج عملاً في مختبر بقدر ما تحتاج العفوية والصدق"(8).

ليتحول سفيان رجب من مكان حقيقي إلى آخر مجازي بأوصافه و مكوناته و شخصياته. فنجد مثلا (شارع الحبيب بورقيبة) بوصف عجائبي غرائبي يذكرنا بقصص الخيال في حكايات ألف ليلة و ليلة"أمّا شارع بورقيبة فقد كنت أراه عجوزا يتوسّد باب البحر، يضع لحافا من الأشجار الخفيفة والمصابيح الحزينة الذّابلة والبنايات البيضاء.. وينام،..."(ص11) و كذلك الشأن بالنسبة لـ (ساحة برشلونة)"وسط العاصمة تقريبا تضطجع محطّة برشلونة تاركة ظهرها لقبّة سيدي"بلحسن الشّاذليّ"ومقبرة"الجلاّز"، ومادّة ساقيها تدغدغ بهما بطن شارع الحبيب بورقيبة"(ص12)

وقد يكون وصف الأمكنة بهذه الطريقة من الدوافع التي تجعلنا نفهم الأسرار العميقة لشخصية القرد الليبرالي. فهو وصف لا يقتصر على الإطار الجغرافي الذي تقع فيه الأحداث، وإنما يؤدي دورا حيويا في مستوى الفهم، والتفسير لمحتوى الرواية و شخصية بطلها عبد الله.

و في الختام يمكن الجزم بان بطل الرواية"عبد الله"لا يعترف بالآخر كشخص بقدر ما كان يعترف بالمثقف المبدع الذي ينقد الفكر، و السياسة، والثقافة، و الممارسات الاجتماعية، لإقرار فهم بديل للقيم والحياة والمجتمع، و هذا ما جنح له سفيان رجب حين عبر في النهاية عن مصير المثقف الذي يطل علينا في نهاية الرواية"ستقتلونه مثلما قتلتم"منوّر صمادح"، لن أسمح لكم بذلك، سأفضحكم في الصحف والإذاعات. لن أصمت أبدا على هذه الجريمة في حقّ شابّ مبدع"(ص 34). فوحده الأستاذ"زاهي"كان يراه طبيعيا ويتفهم جنون المبدع وحالاته، ليخرج بنا الراوي من اللاوعي في ذواتنا إلى نقد أفكارنا حول الواقع والسياسة والثقافة.

زهير كريم، قاصّ وروائي من العراق، يقيم في بروكسيل.

حسن المخلف، توظيف التراث في المسرح، ص 41.

موقع"كتابات"حوار أجرته معه الصحفية سماح عادل بتاريخ الاثنين 19 آذار/مارس 2018.
محمد الباردي، الرواية العربية والحداثة، ص 71.

تشارلز بوكوفسكي (1920-1994) شاعر وروائي وكاتب قصة قصيرة أمريكي من أصل ألماني.

صبحي أحمد فحماوي : روائي أردني من أصل فلسطيني ولد في فلسطين عام 1948.

أرسطو: (384ق.م–322ق.م) فيلسوف يوناني وواحد من عظماء المفكرين، كتب في عدة مجالات، منها الفيزياء و الميتافيزيقا والشعر والمسرح والموسيقى والمنطق والبلاغة واللغويات والسياسة والحكومة والأخلاقيات وعلم الأحياء وعلم الحيوان.

موقع"كتابات"حوار أجرته معه الصحفية سماح عادل بتاريخ الاثنين 19 آذار/مارس 2018.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى