قهر الرجال
يقول الذي لا يحب الحياة:
دعيني أصب لك الموتَ في الطعنة الغائرةْ
فالجمال غريبٌ على وجه من يحملون العذابْ
يقول المجرب:
لو عطلتني الإشارة عن سكة الحزن أمضي غريبًا
وأبذل دمعًا سخيًا لمن يحفظون الكتابْ
يقول المغامر:
لو أن حظي عظيمٌ
لكان الطريق إلى الحب أقربَ من خاصرة
أنا عبد ظني..
فقولي لمن مزقوني طعامًا شهيًا لبعض الكلاب
ينام الرجال عن الكد
حين يصير المحبون أعمدةَ النور للرفقة الثائرة
وحين يصير الزقاق فراغًا تخلل من تحت نابْ
تَعضُ البيوت على أهلها
والحوائط تحجبُ شمس الظهيرة عن كل باب
فجُزي فمَ الضوء واطوي السحاب
سأُخرج كفي لأمسك حبلَ الحياة المدلى وأقفز
تحتي سرابٌ ..
وفوقي سرابٌ ..
وحولي سرابْ
وقد لا يفوز المغامر
لكنه جرب النصر في قلب أبنائه
ربما عاد وهو على ظهر خيل صباباته حاملًا قلبه
أو مسجى على وجه أحزانه الفائرة
ربما كنت حظ البنات اللواتي تشبثن بالآدمي
ونامت على صبرهن الهريرات مرتاحة
كان عذري لهن
إذا اشتد قهر الرجال وزاد المصاب
وشفعنني أن دمعًا على شجرة الرب يبسًا
أصابته نظرة عين فطاب
سيضحكن لله حين يزول الخراب
وينسين أن أبًا فسخته البنادق في ساحة البيت
أهدى لهن الشجاعة،
شرفهن على مجلس الفخر بين الصحاب
ولو سامرتهن أحلام عمر
تشزر في النفس بين الكآبة
سيذكرنني كلما أذن الشعر فوق الرباب
وسال الخيال
على رأس من يحملون جرار الصبابة
تقول الصغيرة:
لو كان لي أن أعيد الكتابة
سوف أقول لمن أغفلوك
أبي مزحة الحب في الأرض
قنديل أحلام كل العيال،
ونزهة أرواحنا الساهرة
له نظرة حين غادر شقت جناحي
فهبت على أنتي زفرة من يباب
وحفت ضلوعي حناياه
حتى بلغت سحابه
أبي صاعدٌ،
لا يموت أبي في الجواب
وقد وقعت كفه تحت كل انتحاب
أشم جلابيبه إثر كل خطاب
وأعرف أن على الله أن يستجيب لأحزاننا القاصرة
على الله أن يربأ الكسر
في ظهرنا المستباح لنهش الذئاب
تقول:
متى راح سيف على ضرع أم
وفار الحليب على قدرها؟!
متى بدلت نخلة الأهل أقراطها
بالحديث عن المجد والمنزلة؟!
وكيف يعف البنات وهن بغير رجال؟
إذا حدق الجالسون على دكة الغدر بي
قد تدلت شفايفهم كالخطاطيف حولي
وسال لعاب الذكورة
فوق لحائي
فكيف أقول لهم في شموخْ
إن جيشًا تهيأ للثأر خلف التلال
وأن دمي مالح
وصراخي الوئيد بهم صلصلة
وأنك أنت نبيي الوحيد ووحيي
ومهبط ريشي المبلل بالخوف والأسئلة
يغيب الرجال عن الحرب
لو كان في السيف ما في الرصاصة
وصار الدم المقشعر
على جلد تلك الذبيحة قشرة رأسْ
فالفراء الذي نتفته المناجل لحمي
وتلك العظام الشفيفة كأسْ
وروحي التي شرحتها الأظافر ميراث قوم
أضاعوا الطريق إليها وباتت بغير حراسة
لقد كان ذبحي خفيفا على من جردوني حيائي
فلم ينصت الناس حين طلبت الأغاثة
وصفق للذابحين نساء المدينة
رغم استلال فؤادي المهلهل من غير بأس
تقول وقد أسندت رأسها
فوق صدري الغريب
«سيدي في المحبة ..
يا تاج رأس الصبايا
سوف أبحث في الكتْب عن وصفة
كي أعيد اختراعك لي
مفردًا في بهائك،
عنقود نور يضيء الفوانيس في ليل دارك
أضيف إلى كفتيك أصائص ورد
وأفرغ صدرك من نهنهاتٍ
تكلسن فوق الضلوع من الكبت
خشية أن يكشف الدمع نارك
أليس من العدل أن يأخذ الله ثارك
وأن يشرح الله صدرك للقادمين
لكي يفرغوا شعرهم في جرارك؟
لو يعلمون المسافة بين حياتين كم لا تساوي
وكيف يقيس المحبون أفراحهم في جوارك
سألقي عليك المحبة خالصة في حصارك
لتنعس جنب الرصيف خراف الحياة ضحى
وإن سلموا شاعرا دفة القتل قال:
عصي على من يجربه الشعر أن يجرحا»