السبت ٤ آب (أغسطس) ٢٠١٢
بقلم أمينة شرادي

لحظة حب

كانت واقفة أمامه تنظر إليه بحب. وهو بجانبها يحضنها بنظراته العاشقة ويمسح عن وجهها كل ما علق به من شوائب ذلك اليوم الشتوي . سألها بكل حنو:

ـ ماذا تشربين. أجابته بكل دلال:

ـ اختر لي أنت.

ابتسم ورتب لها بعض الشعيرات التائهة عن باقي شعرها حتى لامست يده وجنتيها من جديد. فتركت له خدها المتورد من شدة البرد ينام على كفه الدافئة. أحضر لهما النادل طلباتهما و انصرف. نظر إليها بعينين حالمتين. ابتسمت..تكلمت..ضحكت...

كم عشقت تلك اللحظة الهاربة من براثين الزمن. و هامت نفسي حول نفسي تبحث عن تلك الهمسات و اللمسات الولهانة. طردت أحلام اليقظة ونظرت حولي أسأل عن العاشقين. لمحتهما يتجهان نحو الباب، تقدم و أفسح لها الطريق وأسكنها بين ضلوعه. ظلت عيني تتلصص عليهما حتى ابتلعهما شارع آخر و هما في حضن بعضهما غير عابئين بغمازات المارة.
عدت و انكمشت. أحسي كاس الشاي الذي أمامي بدون لذة أو ذوق. همس صوت بداخلي: ما أجمل الحب؟ انتظرت قليلا، قمت. لم أكمل شرب الشاي . وضعت بعض الدراهم على الطاولة و هرولت كالخائفة من شيء ما.

وجدت نفسي أقتفي أثر العاشقين دون أن أدري.فرحت كثيرا لما لمحتهما أمامي. اليد في اليد، أمام محل للعطور. وقفت أسرق النظر إلى حبهما. وبخت نفسي على هذا التصرف. لكن وجدتني مشدودة لذلك الحب الذي يستوطنهما . ولجا محلا آخر. كانت تحمل شيئا ما بين يديها فرحة به كالطفل الذي تلقى هدية يوم العيد. احتواها بذراعه وأهداها قبلة على خدها المتورد. ضحكت بخجل و استمرت على خطاها لا تفارق عيناها الأرض. قلت لنفسي: ـ كفى.
وعندما هممت بالانصراف، كانت قد ابتعدت عنه. استغربت. عدت أسال ،لماذا؟

وقفت حائرة أبحث بعيني عن جواب. حتى ظهرت تسرع الخطى حاملة معها وردة حمراء أعطتها له. وطوقت عنقه بكلتا يديها و بكل قوة حتى كاد أن يسقط. جمعت بينهما قبلة دافئة و تابعا سيرهما مخلفين وراءهما رائحة عبقة أسكرت المكان وجعلتني أعود أدراجي ودماغي مستوطن بتلك اللحظة الجميلة المنفلتة من سيرورة الزمن.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى