لمن النيل اليوم؟
النيل يستجلي أمجاد الفراعين
يطلق بكاءا أخيرا قبل أن يندس ّ خلف سدّ السلاطين
في لحظة مغمورة وقعت وثيقة استدراجه للأقفاص
أنت يامصري ..
ضالع في افقارنا كشعب الحبش والأوروم
نراك زعيما للنيل
منذ زمن الانجيل
تتوسد بساتين القطن واليقطين
وتشف بعطرك النرجسي
النيل الأزرق
أإله النهر أنت؟
أإله النيل أنت؟
هل تعرف أن النيل الذي أسرفت في جزّه يتدفق من رأسي
مددت يداك كثيرا على النيل
ورحيلك يوشك مع الغسق
كنت أنام جائعا ..أتصبب دمعا
وأشم من نافذة الليل الضأن
رائحة الخبز العذب
تقطر من قاهرة وشرم
أيقظتني معدتي المتورمة من القحط
لدرب سد النهضة المتعطش لزمام النهر
ياكلّ زهور البنفسج
ياشجيرات النخل المشرق
لن تتلقح الأرض اليوم بغير الساعة الإثيوبية
أكملت حديثك فأنصت لي
أنا المصري ..الذي يغسل حزنه ظلمة الطرقات
أنا من توظأ بالإباء
وأقبر النائبات في رمل الذكريات
أنا من بعثت لأروي الحشا ثورات
أنا من همست في أذن الهدهد
فارتحل عائدا لي بزنوج مثخنات
فضممت في قنوت الليل مآتم الأحباش
حذاري
هذا الطين الفرعوني
سيقلع بحة صوتك
تماديت بمزاجك السيء
وأرخيت قدميك على قارعة بابي
حتى تراكم الغبار من أمامي
سأطفئ رسائل العتب
ونتبادل أصوات الحطب
قبيحة هي جداريات الغضب
كثبان من صقيع تتطاير جذذا
تتأهب ليوم الغريق
خلافتنا توقض مصابيح الليل
صوت العتمة ،يجتاز أرصفتنا بإحكام ظليل
بتحريض أقلام معقودة بالذهب
خدشت روحي فتلصصني الألم
كيف نستعيد صداقتنا بعد كل هذه الدّمل؟
من الذي أزاح الصورة التي تجمعنا معا
من الذي قرع طبول الضجيج في خصري
من الذي أذكى الصوت الغريب بوجهي
باردة كل الأيادي الملونة بالفتنة
سديمية الأمكنة الهامشية التي تشكلنا
شوارعنا تغرق بثياب تحمل رائحة النزوة
تذكر أن لا أحد سيسأل عنا
أذا ما انزلق الموت الأجنف بالقرب منا
ذاكرتي ستتوقف عن ممارسة الخذلان
فغدا ستبتلعنا الأنهر كالجرذان..