الثلاثاء ١٦ نيسان (أبريل) ٢٠٢٤

لَآلِئُ لِسَيِّدَةِ الْمَجَازِ

المكي الهمامي

(قَصيدَةٌ فِي عِشْقِ العَرَبِيَّةِ)

(1)

لُغَةُ الْحَيَاةِ تَضِجُّ فِي شِرْيَـانِي
عَرَبِيَّـةٌ شَرْقِـيَّـةُ الأَفْـنَـانِ
إِنْ تَقْطِفِ الْكَلِمَاتِ مِنْ أَعْنَابِهَا
جَذْلاَنَةً، تَسْكَرْ بِهَا الشَّفَتَانِ
فِيهَا الْكَمَالُ مُكَثَّفًا، وَجَمِيعُ مَا
فِي الأَرْضِ مِنْ لُغَةٍ إِلَى نُقْصَانِ
فِيهَا الْجَمَالُ، مُطَرَّزًا فِي بَيْتِ شِعْـ -
ـرٍ سَاحِرٍ، كَـ (قَلاَئِدِ الْعِقْيَانِ)
هِيَ أَرْوَعُ امْرَأَةٍ عَلَى الإِطْلاَقِ.. سَيِّـ-
دَةُ الْمَجَازِ.. وَوَرْدَةُ الْبُسْتَـانِ
الضَّادُ فِي عَلْيَائِهَا نَجْمُ السُّرَى،
وَالْعَيْنُ نَبْعٌ شَاهِقُ الْفَيَضَـانِ

(2)

قَمَرُ الْعُرُوبَةِ فِي سَمَاهَا نَيِّرٌ،
وَحُرُوفُهَا تِبْـرٌ مِنَ التَّحْنَـانِ
وَنَخِيلُهَا شَجَرُ التُّقَى أَعْذَاقُـهُ
مَصْقُـولَةٌ بِأَصَابِعِ الرَّحْمَـنِ
تَتَدَفَّقُ الأَنْهَـارُ فِي أَسْمَائِهَا،
أَمَـلاً يُعِيدُ الرُّوحَ لِلظَّمْـآنِ
مُنْذُ الْبَدَاوَةِ، كُنْتُ أَقْفُـو نَبْضَهَا،
مَرْحَـى لِـقَلْبٍ هَـائِمٍ وَلْهَـانِ
أَمْضِي إِلَيْـهَا مُوغِلاً فِي رَوْضِهَا،
وَأُبِيـدُ فِيـهَا وَحْشَةَ الأَكْفَـانِ
لَمْ أَقْتَرِفْ ذَنْبًا سِوَى هَذَا الْهَوَى،
وَقَضِيَّـتِي قُـدُسِـيَّـةُ الأَرْكَـانِ

(3)

أُمُّ اللُّغَاتِ جَمِيـعِهَا، عَرَبِيَّتِي،
وَالعُجْمَةُ اللَّـكْنَـاءُ لِلْخِصْيَـانِ
الشِّعْرُ، وَهْوَ مُخَوِّضٌ فِي مَائِهَا،
أَغْوَاهُ أُفْقٌ مُطْلَـقُ الْحِيتَـانِ
ضَاقَتْ بِهِ الدُّولُ الْعَدِيدَةُ، إِنَّمَا
لُغَـةُ النُّبُـوَّةِ أَرْحَبُ الأَوْطَـانِ
لُغَةٌ بِحَجْمِ الْبَحْرِ، وَهْوَ مُجَمْهَرٌ
أُمَمًا مِنَ الأَمْوَاجِ، فِي الْخُلْجَانِ
أَكْرِمْ بِهَا، عُودًا تَضَوَّعَ طِيبُهُ..
وَيْ.. إِنَّ شَانِئَهَا إِلَى خُسْرَانِ
فَالسِّرُّ، فِي السَّبِكِ البَدِيعِ، عِبَارَةٌ
دُرِّيَّــةٌ مِنْ جَـنَّـةِ الرِّضْــوَانِ

(4)

حَدِّقْ بَعِيدًا كَيْ تَرَى: عَصَبَ الْحِكَا-
يَةِ جُرْحَهَا، فِي غَضْبَةِ الْبُرْكَانِ
آبَ الْمَغُولُ.. كَأَنَّمَا التَّارِيخُ، وَهْـ-
ـوَ يُعِيدُهُمْ، نَشْوَانُ بِالدَّوَرَانِ
مَنْ يُنْقِذُ الْمَعْنَى، وَيَحْقِنُهُ مُنًى،
وَيُحَاوِرُ الإِنْسَانَ فِي الإِنْسَانِ؟!
مَنْ يُطْلِقُ الطَّيْرَ الْبَهِيَّةَ فِي قِـبَا-
بِ الرُّوحِ، غَيْرُ بَلاَغَةِ الْقُرْآنِ؟!
لُغَةٌ تَكُونُ لَنَا (هُنَا، وَالآنَ) مُلْـ-
تَحَدًا، إِزَاءَ خَنَاجِرِ الْعُمْيَـانِ
وَهْيَ الْوَفِيَّةُ لِلْعُرُوبَةِ سَرْمَدًا،
وَالأُخْرَيَـاتُ جَمِيـعِهِنَّ زَوَانِ

(5)

أَشْتَاقُهَا .. وَأَنَا لهَا، فِي آنِ
أَحْيَـا مَفَاتِنَهَا، غَرِيبَ الشَّـأْنِ
أَرْتَادُهَا شَبَقًا، فَتُورِقُ فِي دَمِي،
نُورًا يَفِيضُ عَلَى الطُّرُوسِ مَعَانِي
يَجْتَاحُنِي إِيقَاعُهَا الْقُدْسِيُّ، فَجْـ-
رًا بَاهِـرًا، مُذْ أَوَّلِ الأَزْمَــانِ
وَيُنَقِّحُ الْمَغْنَى رُؤَايَ، وَقَدْ تَمَا-
وَجَ ذَاهِلاً، فِي لَحْنِهَا الْكَرَوَانِ
لُغَةٌ هِيَ المَلَكُوتُ.. كَيْفَ أُقُولُهَا،
وَالأَبْجَدِيَّةُ - إِنْ تَضِقْ- حَرْفَانِ؟!
فَالصَّمْتُ أَبْلَغُ حُجَّةً فِي وَصْفِهَا،
بَعْضُ الْهَوَى يَأْبَى عَلَى التِّبْيَانِ!

المكي الهمامي

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى