الخميس ٥ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠٢٣

ماذا يقرأ المصريون والعرب؟

اسامة سلامة

سؤال مهم أجاب عليه كتاب "قراءة القراءة فى الوطن العربى .. الاتجاهات والميول"، والذى أصدره اتحاد الناشرين العرب عن دراسة وافية قام بها الدكتور خالد عزب، السؤال كان ضمن أسئلة عديدة تضمنتها الدراسة مثل لماذا نقرأ؟ وما هى الاهتمامات الحالية فى ظل وجود القراءة الرقمية؟ وما مدى ملائمة المحتوى المتاح على الانترنت لاحتياجات وميول القراءة؟ وهل استجاب الناشر الورقى للتطورات؟ ولكن السؤال الأخطر من وجهة نظرى لارتباطه بمستقبل اللغة العربية فى بلادنا هو ماذا نفعل إزاء تصاعد ظاهرة الازدواجية اللغوية فى القراءة فى العديد من الدول العربية؟،حيث تشير شبكة الانترنت الى تصاعد هذه الازدواجية باللغة الانجليزية فى مصر ودول الخليج والأردن بينما كانت الفرنسية هى الأكثر فى دول المغرب العربى، وترى الدراسة أن هذه الازدواجية جاءت بسبب انتشار المدارس الأجنبية ثم إقرار الانجليزية كلغة تعليم أساسية فى العديد من المدارس و الجامعات، وزاد الطين بلة افتتاح فروع لجامعات أجنبية وإقبال الاهالى على إلحاق أولادهم بها، ومن هنا اتجهت الأجيال الجديدة الى القراءة بالانجليزية والفرنسية وخاصة فى القراءة الرقمية بحيث أصبح التساؤل هل ستكون القراءة بالانجليزية هى المفضلة فى المنطقة العربية؟ وهو أمر يحتاج الى كثير من الدراسات والى عينات اكبر مما شملتها هذه الدراسة حتى نعرف موقف ورؤية الأجيال الجديدة للغة العربية؟ الإجابة على باقى الأسئلة لم تكن سهلة والوصول الى نتائج استدعى عمل دراسة ميدانية رغم صعوبة إجرائها فى العديد من الدول العربية، ولكن قبل ذلك هل نحن امة تقرأ وتهتم بالمعرفة؟ وهل مقولة أن العرب لا يقرأون صحيحة؟ الإجابة كما جاءت فى الدراسة انه حسب البيانات العالمية ومن خلال الشركات المتخصصة فى إحصائيات السوق والمستهلكين فى المجال الثقافى فان مصر والسعودية جاءتا ضمن الشعوب الأكثر قراءة عالميا فى المركزين الخامس والحادى عشر فيما احتلت الهند وتايلاند والصين المراكز الثلاثة الاولى والمدهش أن أمريكا جاءت فى المركز الثالث والعشرين ، ولكن هل تغيرت طبيعة القراءة؟ يقول خالد عزب فى دراسته أن قارئ العصر الحالى يميل الى الموجز فى الموضوع أو الخلاصات لذلك يفضل ألا تزيد الكتب المطبوعة عن 300 صفحة، مع مراعاة أن الأكاديميين يتجهون الآن الى المواقع الرقمية ولذا فان عصر المطبوعات الموسوعية انتهى ويبقى الكتاب المصور استثناء لأن له طبيعة خاصة، أما عن حالة القراءة فى البلاد العربية فتتبعتها الدراسة فى كل دولة على حدة، وبالنسبة لمصر يرى عزب أن مصر تمثل حالة يمكن من خلالها اختزال المشهد العربى للقراءة ليس لكونها تتوسط المنطقة العربية جغرافيا فقط ولكن لانها تتوسط الحراك الثقافى بين المشرق والمغرب العربى، ويرى عزب أن القراءة فى مصر تلقت دفقة فى ظل المشروع الثقافى للدولة فى الخمسينيات والستينيات وهو المشروع الذى شهد تحولا منذ السبعينيات ثم جاء انتشار الإذاعة والتلفزيون بصورة كبيرة مع صعود النشر الخاص بتوجهاته المختلفة ما أدى الى تغير فى المنتج المقدم للقارئ، ومع ظهور مشروع مكتبة الأسرة بدأ تكوين قراء من أعمار جديدة وبدا وكأن هناك تصاعدا فى القراءة وهو ما جنينا ثماره مع انتشار شبكة الانترنت والإقبال عليها، ويرى عزب أن هناك عوامل أدت الى زيادة القراءة فى مصر منها وجود شبكة من المكتبات العامة فى كل مكان مثل مكتبات قصور الثقافة ومكتبات مصر العامة ومكتبات الجمعيات الأهلية مثل الشبان المسلمين والمكتبات الموجودة فى المساجد بجانب مكتبات الأفراد الخاصة، ويضيف عزب أسبابا أخرى مثل وجود رموز أدبية وفكرية وثقافية حققت انجازات بحيث صارت قدوة محفزة للأجيال الجديدة على تحصيل العلم والمعرفة فقد أعطى فوز نجيب محفوظ بنوبل دفقات لحركة الكتابة الأدبية فى مصر وتواكب ذلك مع صعود جيل جديد من القراء فضلا عن ظهور مبدعين جدد منذ الثمانينيات بحيث صارت الرواية لها مبدعون بالمئات أضف الى ذلك وجود رموز عديدين يمكن الاحتذاء بهم مثل العقاد وطه حسين واحمد شوقى وحافظ إبراهيم والرافعى وغيرهم، ويؤكد عزب أن انتشار التعليم الجامعى خاصة فى الدلتا والصعيد كان حافزا على ظهور حركة النشر فى مدن المحافظات مما أدى الى ظهور كتاب صار لهم قراء خارج النخبة المتمركزة فى القاهرة والإسكندرية وتواكب ذلك مع ظهور مبدعين خارج دائرة الضوء الرسمية مثل احمد خالد توفيق الذى عاش ومات فى طنطا، وساهم فى زيادة القراءة أيضا ازدياد دور النشر الخاصة والتى حققت نجاحات كبيرة كما قدم بعض الشباب شبكات خاصة لتوزيع الكتب عبر شبكة الانترنت، ومثل أيضا الكتاب المستعمل فضاء كاشفا لحركة القراءة إذ تزدهر هذه النوعية من الكتب فى العديد من المدن بعد أن كانت مقتصرة على سور الأزبكية فى القاهرة وسور النبى دانيال فى الإسكندرية، ولكن ماذا يقرأ المصريون؟ حسب العينة وملاحظة المترددين على المكتبات العامة والاعارات بها وحركة تبادل وشراء وإهداء الكتب على شبكة الانترنت فان الجيل من 15 عاما الى 35 عاما يتجهون الى قراءة السير الذاتية والتاريخ وما بين 25 الى 40 عاما يفضلون الأدب كما أن هناك شريحة من 15 الى كبار السن يقرأون الكتب الدينية والأدب الكلاسيكى.

اسامة سلامة

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى