السبت ١٣ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠١٠
بقلم صقر أبو عيدة

مَتَى يَغْفُو الرَّصَاصُ؟

مَتَى يَغْفُو الرَّصَاصُ لِتَسْكُنَ الأَوقَاتُ مَلْجَأَهَا
وَيَلْبِسَ وَرْدُنَا قُمْصَانَ مَشْتَاهُ
مَتَى تَأْتِي حُبَيبَاتُ السَّحَابِ تَذُوبُ حُبَّاً في مَرَاعِيهَا
وَقُبَّرَةٌ تَنَامُ عَلى فِرَاشِ الْقَشِّ لَيسَ تَخَافُ خَائِنَةَ الْعُيُونِ..
تُقَبِّّلُ الرُّمَّانَ في صَدْرِ الْحَوَاكِيرِ
 
مَتَى يَغْفُو الرَّصَاصُ وَنَجْلِبُ التُّفَّاحَ لِلْشَجَرِ
فَوَالِدَتِي عَلى شَوقٍ تَبُوسُ الْقَدَّ في الصُّوَرِ
تُحَاكِي قَرْصَةَ الأَشْوَاقِ بِالْعِبَرِ
تُصَلِّّي مَعْ خُيُولِ الْفَجْرِ تَهْفُو لِلْتَدَابِيرِ
 
مَتَى يَغْفُو الرَّصَاصُ وَقَاذِفُ الْبَارُودِ يَعْتَذِرُ
عَنِ الرِّيحِ الّتي غَطَّتْ دُرُوبَ الأُنْسِ يُحْسَبُ أَنَّهُ النَّصْرُ
وَأَملأُ خُوذَةَ الْجُنْدِيِّ مِنْ مُزْنِ السَّحَابِ لأَرْوِيَ الغَلاّتِ أَنْغَامَا
وَأْمْسَحُ وَجْهِيَ الْمَسْلُوقَ مِنْ عَرَقِي بِكُمِّ الأَرْضِ مِنْ بِيرِي
 
مَتَى يَغْفُو الرَّصَاصُ وَتَأْخُذُ الأَيَّامُ زُخْرُفَهَا
فَصِرْتُ أُجَالِدُ الرَّكَعَاتِ
أَجْرُفُهَا
وَأَحْشُوهَا خُشُوعَاً لَيسَ يَعْرِفُهَا
فَمَنْ يَأْتِي جُيُوبَ الشَّرِ يَحْرِفُهَا
وَلا تَتَوَضَّأُ الأَشْجَارُ في ظِلِّ الأَسَاطِيرِ
 
مَتَى يَغْفُو الرَّصَاصُ لِيُكْمِلَ الْزُّرْزُورُ لَحْنَ الدِّفْءِ في الرُّوحِ
وَدِيكُ الْحَيِّ يَشْدُو لِلْمَلائِكَةِ ابْتِهَاجَاً لِلُّقَا في بَسْمَةِ الْبَوحِ
عَلى طَرَفِ الضُّحَى في عَتْمَةِ الْجُرْحِ
يُنَاجِي نَسْمَةً تَطْفُو عَلى هُدْبِ الْقَوَارِيرِ
 
مَتَى يَغْفُو الرَّصَاصُ لأَبْنِيَ الْجُدْرَانَ في مِلْكِي
وَيَضْحَكَ في هَوَاءٍ ثَغْرُ شُبَّاكِي
فَبَابِي يَكْرَهُ الْمِزْلاجَ مِنْ حَبْسٍ وَمِنْ ضَنْكِ
فمن ذَا يفْتَحُ الأبوابَ في حَلَكِ
لِرِيحٍ خَرَّبَتْ لَحْنَ الْعَصَافِيرِ
 
مَتَى يَغْفُو الرَّصَاصُ لِنَرْقَأَ الْوَجَعَا
عَرُوسُ الدَّارِ تَصْرُخُ في خَوَاطِرِهَا مُلُوحَةُ عُرْسِهَا هَلَعَا
وَتَزْفِرُ في لَيَالِيهَا هَوَاءَ نَهَارِهَا دَمْعَا
تُنَاجِي رَاقِيَ الأَجْفَانِ..
هَبْ لِفُؤَادِيَ الشَّمْعَا
فَقَدْ غَلَسَتْ مَشَاوِيرِي
 
مَتَى يَغْفُو الرَّصَاصُ لِنُزْهَةِ الأَسْفَارِ في الصَّيفِ
وَأَعْفُو عَنْ خَصِيمِ الأَمْسِ مِنْ جَوفِي
وَيَجْمَعُنَا رَغِيفُ الْعَيشِ وَالشَّظَفِ
وَنَحْصُدُ مِنْ صَحَارَى الْغِلِّ وَالَخَوفِ
شُمُوعَ اللّيلِ وَالْقَمْحِ
وَأَرْوِي مِنْ حَلِيبِ الصُّبْحِ
أَشْعَارِي
 
مَتَى يَغْفُو الرَّصَاصُ لأَدْعُوَ الْوَالِي إِلى بَلَدِي
وَيَأْتِينِي يَزُورُ الْبَيتَ يَشْرَبُ مِنْ غَبُوقِي بَاسِطَ الأَيدِي
لأُمٍّ خَانَهَا الْبَصَرُ الّذِي أَهْدَتْهُ لِلْوَلَدِ
وَلا يُحْصِي بِلَيلٍ مَوجَ أَنْفَاسِي
وَيكْرَعُ مِنْ أَبَارِيقِي وَلَو كَانَتْ مُهَشَّمَةً مِنَ الْقَعْرِ
 
مَتَى يَغْفُو الرَّصَاصُ وَأَكْتُبُ الْحَرَكاَتِ لِلشَّادِي
يُغَنِّي لِلنَّدَاوَةِ بَعْدَ أَنْ رَحَلَتْ مِنَ الْوَرْدِ
وَإِنْ حُسِرَتْ مِنَ الأَيَّامِ بَسْمَتُهَا
سَيُلْقِي عُسْرَةَ اللَّحَظَاتِ لِلْقَدَرِ
 
مَتَى يَغْفُو الرَّصَاصُ وَأَدْفِنُ الْبَارُودَ أَسْمِدَةً
لأَغْرِسَ في قُلُوبِ الْحَقْلِ أَوْرِدَةً
وَأَرْصُفَ دَرْبِيَ الْمَمْدُودَ لِلدُّنْيَا أُزَيِّنُهُ
حَدَائِقَ مِنْ غَمَامِ الْحُبِّ مُورِدَةً
يَحِنُّ لَهَا دَلالُ الزَّهْرِ وَالسَّمَرِ

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى