الخميس ١١ نيسان (أبريل) ٢٠٢٤

نارٌ وطين

عبد الناصر عبد المولى

قَالُوا: قَدِيمًا رَأَيْنَا الحُبَّ فِي سُحُبٍ
بَدْرًا شَدَا فِي الدُّجَى قَد نَوَّرَ الفَلَكَا
كانَتْ قُلوبُ الورَى فِي أَصِّلِهَا مُدُنًا
دُرُوبُهَا اتَّسَعَتْ والكلُّ قَدْ سَلَكَا
فَمَرَّ فِيهَا شَقِيٌ وَجْههُ قَلِقٌ
ورَاحَ يَخْلِطُ في تِيْنِ الهَوَى حَسَكَا
وشَابَ بالبُغْضِ بِئْرَ القَوْمِ, أظْمَأَهُم
وقالَ لِلطيرِ: مَنْ يَا طَيرُ أوْصَلَكَا
تَحْيَا عَلَى فَنَنٍ تَشّدُو, بِلا حَزَنٍ
تَرْتَاحُ مِنْ مِحَنٍ , إنِّي لأَحْسدُكَا
وَقَصَّ رِيشَ مَلاكٍ سَهْمُهُ وَلَهٌ
وقَالَ: قِفْ, لا تُحَلِّقْ ..لم تَعُد مَلَكَا
مَهْمَا تَرَى لنْ تَرَى حَرْفَينِ قَدْ رُسِمَا
يَومًا عَلَى شَجَرٍ ..فَالكُلُّ قَدْ هَلَكَا
ولَنْ تَرَى وَتَرًا قَد ذَاعَ أُغْنِيَةً
فلَيْسَ إلا عُيُونًا كالبِحَارِ بُكَا
نَادَيْتُهُ فِي دُروبٍ ليسَ تَعْرِفُنَا
يا حُلمُ كَيفَ صَبَاحُ الشوقِ أوَّلَكَا؟!
يا صَاحِبيِ: مَالَنَا يَجْتَاحُنَا ألمٌ
والبُغْضُ قَد صَيَّر الأعْمَارَ مُعْتَرَكَا؟!
في الشَّرَقِ والغَرْبِ كَم تُشْقِيكَ أسْئِلَةٌ
فِي غُرْبةِ الرُّوحِ هَذَا الطِّينُ أَثْقَلَكَا
طِرْنَا.. وَكُنَّا كَعُصْفُورِينِ فِي فَنَنٍ
نَشْدُو لِصُبحٍ وَكَانَ الحُلْمُ مُشْتَرَكَا
أَتَيْتَ بالحُبِّ يَا إنْسَان.. تَعْرِفُهُ؟
مِنْ عَهْدِ حَوَّاءَ كَمْ بِالقُرْبِ عَلَّلَكَا
فَهَذِهِ شَاشَةُ الأَنْبَاءِ تُخْبِرُنِي
عَنْ قَاتِلٍ بِصَدِيقِ العُمْرِ قَدْ فَتَكَا
يَا آدَمَ الخُلْدِ قُمْ, حَلَّ الشَّقَاءُ بِنَا
قَابِيلُ قَد غَارَ مِنْ هَابِيلَ فَاشْتَبَكَا
يَا صَولَةَ النَّارِ كَانَ الطِّينُ فِي سَكَنٍ
حَتَّى اشْتَعَلْتِ فَصُغْتِ السَّيفَ ؛ فَانْسَبَكَا
غُصْنَانِ مِنْ شَجَرِ الحِرْمَانِ قَدْ نَبَتَا
فَرْخَانِ لم يُبْصـِرَا منْ بَيَّتَ الشَّركَا
مُذْ قَالَ مَولَاكَ: "إِنِّيِ خَالَقٌ بَشَرًا"
قَالُوا : وَذَاكَ دَمٌ قَدْ جَاءَ فَانْسَفَكَا
وقالَ إبْليسُ :يَا كَيفَ السُّجُودُ لَهُ
والنَّارُ كَيفَ سَتُعْطِي وَجْهَهَا الحَلَكَا؟!
أَهَاهُنَا مَلأٌ فِي الطِّينِ مُخْتَصِمٌ؟!
صَلْصَالهُ خَزفٌ قَد رنَّ؛ فارتَبَكَا!
أَخَذَتَ مِنْ شَجَرٍ نُشَّابَ مَعركةٍ
أمَا أنِستَ بهِ ,.. بالحُبِ ظَلَّلَكَا؟!
ومُدْيَةُ الحِقْدِ كَمْ أَوْدَتْ بِحَامِلِهَا
وَخَابَ مَنْ لِسِتَارِ الرُّوحِ قَدْ هَتَكَا
لِلْخَيرِ مَولَاكَ قَد أَحْيَاكَ مِنْ عَدَمٍ
وَلَمْ يُردْ للبِنَا هَدَمًا فَشَيَّدَكَا
يَا أَنْتَ هَل غَرَّكَ الإحْسَانُ مِنْ مَلِكٍ
باللُطفِ مِنْ طِينَةٍ سَوَّاكَ , عَدَّلَكَا؟!
(أُودِيبُ ) فِي دَمِنَا والذَّنْبُ يَخْنُقُنَا
فَالبُغْضُ كَارِثَةٌ, إبْلِيسُ أَوْحَلَكَا
دَمٌ بِكَفَّيكَ هَا قَد جِئْتَ تَغْسِلُهُ
مَهْمَا غَسَلَتَ , إلى الجَبَّارِ مِنْكَ شَكَى
كَمْ كُنْتَ شَيْطَانَ حِقْدٍ فِي غوَايَتِهِ
وَكَمْ تَمَادَيْتَ .. حِلْمُ اللهِ أَمْهَلَكَا
لَبِسْتَ قُبْحًا وَثَوبُ الحُبِّ فِي أَلَقٍ
فَكَيْفَ تَخْلعُه.. فَالحُبُّ جَمَّلَكَا
أَمُنْتَهَاكَ لَظًى فِي القَلْبِ تُشْعِلُهُ
وَأَنْتَ مَاءٌ فَهَلْ جَافَيْتَ أَوَّلَكَا؟!
الطِّيْنُ أَصْلٌ قَدِيمٌ مَا حَنَنَتَ لَهُ
لَكِنَّهُ بِغُرُوبِ العُمْرِ حَنَّ لَكَا

عبد الناصر عبد المولى

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى