الأحد ٨ آب (أغسطس) ٢٠١٠
بقلم
هَلْ يَغْسِلُ الْبَحْرُ مَا اسْتَحَتْ مِنْهُ الْقُبُور؟
تِلْكَ الْقُرَى نَفَرَتْ وَظَنَّتْ خَطْبَهَا بَلَغَ الْمُرَادْفَعَتَتْ عَنِ الأَمْرِ الْعَتِيقْوَخَلَتْ قُلُوبُ الْعَارِفينَ مِنَ الرَّشَادْوَالْوَقْتُ لَمْ يَجْلِسْ لَنَا حَتَّى نُخَبِّئَ ضَعْفَنَافَتَكَاثَرَتْ مِنْ بَينِ أَيدِينَا عَنَاوِينُ الْبِلادْوَتَقَطَّعَتْ قُدَّامَنَا سُبُلُ الرُّؤَىوَاحْتَلَّنَا لَيلٌ يُوَارِي خَنْجَرَاً مَسْمُومَ نَصْلٍ في السَّوَادْهَلاَّ سَأَلْتُمْ قَرْيَةً فَقَدَتْ بِخَاطِرِهَا عَلامَاتِ الطَّرِيقْلِمَ نَاحَ عُصْفُورٌ عَلَى أُمٍّ بَكَتْ نَعْشَ السَّلامْ؟وَتَنَاثَرَتْ لُغَةُ السَّمَاءِ عَلَى مَجَانِيقِ الْهَوَى؟لا تَجْأَرُواهَلْ تَعْلَمُونَ شُعُوبَ ظُلْمٍ كَيفَ جَاءُوا مُشْهِرِينْ؟رَايَاتِ حُبٍّ وَانْتِشَاءْمِنْ طَيبَةَ انْطَلَقَتْ أَغَارِيدُ الفَلاحْنَثَرَتْ مِنَ الإِيمَانِ مَا يَرْوِي ابْتَسَامَاتِ الزُّرُوعْلَمَّا تَعَلَّقَ حُبُّهَا بِالْوَحْيِ وَالْكَلِمِ الأَثِيرْسَلِمَتْ لَهَاأَعْنَاقُ أَرْضٍ لَمْ تَكُنْ غَسَلَتْ لَهَا وَجَهَ الْخُنُوعْوَتَعَلَّمَتْ في ظِلِّهَا لِمَنِ الْخُشُوعْتِلْكَ الْقُرَى نَفَرَتْ وَمَا لَبِثَتْ تَحِيدْدَخَلَتْ سَرَادِيبَ اخْتَلَتْ فِيهَا هُرُوبَاً لِلسُّجُودْعَبَدُوا الْخَوَاءَ عَلَى خِلافِ الأَوَّلِينْظَنُّوا بِخَلْوَتِهِمْ خُلُودْفَتَفَرَّقَتْ بِهِمُ الدُّرُوبْوَمَرَاكِبُ الشَّطَحَاتِ أَلْقَتْ عِنْدَهُمْ رَفْشَ الْخَرَابْحَفَرُوا بِهَا أَجْدَاثَهُمْ وَاللّغْوُ يَسْكُنُ في الْقِبَابْوَتَوَارَثُوهَا في التَّمَنِّي وَالْعِتَابْدُنْيَا دَنَتْوَبِخَمْرِهَا يَتَطَهَّرُونْرَقَصَتْ لَهُمْ عُرْيَانَةً فَتَمَزَّقَ الثَّوبُ الْغَلِيظْقُمُصٌ وَأَثْوَابٌ لَهَا رِدْنُ الْهَوَىحَسِبُوا أَنِ الأَنْفَالَ تَأْتِي دُونَ مَا رُؤْيَا حَرِيقْأَوَلَمْ يَرَوا أَنَّ الْبِلادَ تَلَوَّنَتْ بِالدَّمْعِ يَومَ تَقَلَّدُوا أَمْرَ الْعَبِيدْمِنْ جِلْدِنَا قَدَّتْ عُلُوجٌ خُرْجَهَاوَالْخَيطُ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدْفَتَقَطَّعَتْ سُبُلُ اللّقَا بَينَ الأُمُومَةِ وَالْوَلِيدْتِلْكَ الْقُرَىأَوتَادُهَا مَغْرُوزَةٌ وَيَخُطُّهَا قَلَمُ الرَّفِيقْحَسِبَتْ لِقَاءَ السِّرِّ يَعْبَقُ بِالرَّحِيقْلا تَجْأَرُوافَالْقَومُ تَخْبُو نَارُهُمْ يَومَاً كَمَا أَفِلَتْ عُرُوشْأَوَلَمْ تَكُنْ تِلْكَ الْقُرُونُ قَدِ اخْتََفَتْ مِنْها الشُّمُوسْفَلَهُمْ مِنَ الأَمْثَالِ مَا يَكْفِي لِيَرْجِعَ كُلُّ خَتَّارٍ شَمُوسْلَكِنَّهَا لَمْ تَدْرِ أَينَ تَسِيرُ أَوْ تَمْضِي بِهَا تِلْكَ الطَّرِيقْرُسِمَتْ لَهَا بِلَذَاذَةِ الْعَيشِ الْيَؤُوسْوَكَأَنَّهَا شَرِبَتْ عُصَارَةَ ذِلَّةٍ تَكْسُو الرُّؤُوسْحَتَّى اسْتَحَتْ مِنْهَا الْقُبُورْأَوَلَمْ تَكُونُوا أُمَّةً خَلَصَتْ لَهَا الدُّنْيَا تَخُورْتِلْكَ الْقُرَى مَشْحُونَةٌ بِالصَّمْتِ وَاللُّغَةِ الَّتي في حَرْفِهَا مَاضٍ يَفُورْوَقُلُوبُهُمْ عِنْدَ الْمَلامِ تَوَجَّعَتْلِمَ يلْبِسُونَ لِسَانَهُمْ لَحْنَ الْهَوَانْ؟قَضَمُوا بَرِيقَ الْفَجْرِ فَانْطَفَأَتْ أَنَابِيبُ الضِّيَاءْعَجَباً لَهُمْيَثْنُونَ أَشْفَارَ السُّيُوفِ وَيَشْرَبُونَ مِنَ الْجُفُونْوَدِثَارُهُمْ رِيحٌ لَهَا صَبُّ النَّوَىوَالْبُؤْسُ يَنْشُرُ جُنْدَهُ بَينَ الْعِظَامْوَالأُمُّ تُلْقِي ضِلْعَهَا دِفْئَاً عَلَى عُشِّ الْحَمَامْأَوَلَمْ يَرَوا أَنَّ الْقُرُونَ خَلَتْ عَلَى بُسُطٍ مِنَ الْحُطَمِ الَّتيلَمْ يَنْظُرُوهَا في الْمَنَامْ؟يَا أُمَّةً خَذَلَتْ بَنِيهَا وَاصْطَفَتْ عَجَمَ الْكَلامْلا تَجْأَرُوا بِاللَّومِ وَالعَتْبِ الَّذِي يُرْدِي الْقِيَامْتِلْكَ الْقُرَى نَسَلَتْ خُيُوطَ الْفَجْرِ مِنْ عَينِ الْبِلادْحَاكَتْ بِهَا ثَوبَ الرَّدَىوَتَوَضَّأَتْ بِالْهُونِ وَاسْتَحْلَتْ مِنَ الأَلَمِ الْعِيَاطْوَالْخَوفُ يُنْسِيهَا لِقَاءَ الْفَرْضِ مِنْ أَثَرِ السِّيَاطْأَلْقَتْ نَوَاصِيهَا عَلَى عَتَبَاتِ ذَيَّاكَ الْغَرِيبْوَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ بِالْغُسْلِ في صَمْتِ الأَنَامْلا بَحْرَ يَغْسِلُ مَنْ بَنَى بُؤَرَ الظَّلامْ