الأربعاء ١٠ نيسان (أبريل) ٢٠٢٤

ولكنني سندبادُ

أحمد حافظ عبد العظيم عبد العليم

لا أحبُّكِ هاربةً من عيوني
أحبُّكِ واضحةً
تفتحينَ الستائرَ بين ظنوني
وبينكِ
تستدفئينَ بصوتي
تناديكِ رائحتي
ويفيضُ إليكِ حنيني
تـدُلُّـكِ ناري التي تتأجَّجُ قائلةً:
أنتِ يا امرأتي المستحيلةَ
أنتِ البلادُ
أحبُّكِ واضحةً..
حينَ تندلعُ النارُ هائلةً،
ثم تخبو
فلا بُدَّ حتى نرتِّبَ أشياءَنا
أنْ نُحاوطَ ما يتطايرُ من شَرَرِ الروحِ
كي تستريحَ قليلًا وتَهْدَأَ
أو ننحني في الهُبُوبِ المُفاجئِ
حتى يطيرَ الرمادُ
نحنُ:
محضُ عِظَامٍ تُحطِّمُها الريحُ
ذاكرةٌ ستُذَوِّبُ سُكَّرَها الأغنياتُ
دمٌ مَزَجَتْهُ الحياةُ
مواعيدُ مُمتلئاتٌ بما ليس يُحْكَى
ليالٍ سينفُخُ شمعتَها نَفَسُ الصُّـبْـحِ
حينَ تمَلُّ حكاياتِها شهرزادُ
لا أحبُّكِ هاربةً..
فتعالَيْ إلى لَذْعَةِ الشوقِ عاريةً
وامنحيني قميصَكِ أشتَمُّ رائحةَ الذكرياتِ بهِ
لأعودَ إلى لحظاتِ البياضِ..
أعودَ إلى حيثُ تَلْهَثُ عُصفورتانِ
إلى شَرَكٍ واضحٍ
حيثُ في البردِ تخلُقُ أجسادُنا لُغَةَ النارِ
حيثُ الكلامُ يطيرُ فَرَاشًا
ويهبطُ في دَعَةٍ فوق أفواهِنا
حيثُ كُنَّا جميلَيْنِ
حيثُ أرَدْنا لزهرتِنا أنْ تفوحَ شذًى فاتنًا
بينما كان يكبرُ من حول أبيضِنا الفذِّ
هذا السوادُ
آهِ لو عدتَ يا زمنًا رائعًا لا يُعادُ!
أحبُّكِ واضحةً
فالضبابُ كثيفٌ حواليَّ..
عيناكِ وحدَهُما تستطيعانِ أنْ تُشرِقا
فيُشَقشِقُ في قلبيَ الفجر
كفاكِ وحدَهُما
تستطيعانِ أنْ تغمسانيَ في النهر
فلتأخذيني إلى شجرٍ ليس يذبُلُ فيكِ
وقولي:
أذِقْ يا حبيبي سِلالَكَ من كلِّ فاكهتي..
أنتِ مُكتظَّةٌ بالربيعِ الذي يتفنَّنُ في زهوِهِ
وأنا -يا لحظي الشحيحِ-
امتلأتُ بهذا الحُطامِ
وصارتْ حياتي مُـفْـرَغَـةً من مَسَرَّاتِها
والليالي تفُحُّ بوجهي ثعابينُها
ويُمَوسِقُ رنَّتَهُ -كلما صَـرَّ قُربي- الجَرادُ
فكيف تكُفِّينَ عن أُغنياتِكِ
يا بُحَّةَ الناي في قَصَبِ الروحِ
يا ذبحةَ الوتريَّاتِ في سيمفونيةِ عُمري
ويا حَشْرَجاتِ الربابةِ عند اندلاعِ المواويلِ
كيف اقتحمتِ سُكُوني مُـجَـلْـجِـلَـةً
وارتديتِ هُدُوءَ التماثيلِ؟
أنتِ جِبَالٌ من الموج..
عاصفةٌ لا تُطاقُ..
رياحٌ تُصفِّرُ..
أرضٌ من الماوراءِ..
ولكنَّني سندباد
أحبُّكِ..
والمشيئةُ ما نشاءُ
ولكنْ ربما طالَ المساءُ
سكبتُ نبيذي الصافي كثيرًا
وها جاءتْـكِ أكؤسيَ الظماءُ
معي مِنْ هذهِ الصحراءِ
قلبٌ تخمَّرَ في جوانبِهِ الغِناءُ
أتَى لكِ جمرتَيْ نارٍ
فكوني لهُ حطبًا إذا اشتدَّ الشتاءُ
أتاكِ
مُحمَّلًا بهوًى ثقيلٍ
وبينَ يدَيْكِ طيَّرَهُ الهواءُ
أحبُّكِ..
ربما سأكونُ وحدي
كما انفردَتْ بأنجُمِها السماءُ!

أحمد حافظ عبد العظيم عبد العليم

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى