الأربعاء ٢١ آذار (مارس) ٢٠٠٧
بقلم أشرف بيدس

يُتم

لم يكن يؤرقني اليُتم.. فقد تعودت عليه وصرنا رفيقين في رحلة الحياة.. كنت أعلم أن الأيام ستجود عليّ بشيء يفرحني.. بالغت في أحلامي حتي صدقتها.. ولم يكن يخطر ببالي ولو مجرد لحظة أن تكوني أنتي فرحة الدنيا.. شعرت يوما أن مدار حركتي يضيق عليّ.. يكاد يحجمني.. لم أكن أتخيل أن غشاء أيامي مرتبط بك لهذا الحد.. كنت أشعر بأن هناك من يمدني بالهواء والغذاء والرعاية دون أن أدري.. حاولت كثيرا أن أتحسس هذا الخيط الذي يربطني بتلك اليد الحانية التي تربت علي كتفي بين الحين والآخر.. وتلك العين المجهولة التي تبتسم عندما يستبد بي الحزن، كنت اسمع دقات قلبك تؤنسني بوحدتي الطويلة..
عشت حياتي محروما من شيئا انتباهي به، أتندر به وسط أقراني وخلاني.. اشعر من خلاله أنني أملك شيئا لا يملكه الآخرين، حتى ولو كان يسيرا وقليلا.. كنت أري في العيون من حولي نظرات الشفقة والمواساة التي كانت تعذبني.. تمنيت شيئا يغير من روتيني حياتي ويجعل للأيام أهمية ومعني، لكني حرمت حتى من ذلك، وفي مرات كثيرة كنت أقنع نفسي كذبا بأنه لا يضر إذا ادعيت أنني أملك بعضا مما يملكه الآخرين.. أتصنع .. أو أتجمل.. لكني فشلت كثيرا في الكذب وفي الصدق.

أدركت في نهاية رحلتي، بأنني في حاجة لقلب يؤويني.. يضمني.. يحتويني.. عيون تغدق عليّ من الحنان والمودة.. ولا تقمعني عندما أرنو إليها.. كنت في حاجة إليك.. وعندما سنحت الظروف بلحظات اعتراف وتلاقي.. كان الشرط الوحيد ألا أبوح بها.. ولم يكن يؤرقني التباهي بحبك أو الاستعراض أمام الآخرين.. فعلي العكس كنت بالنسبة لي العبادة السرية التي أتوق إليها.. فتشبعني وترضيني..

ولأنني كنت أترجي من الدنيا اليسير والقليل، جاء طوفانك ليهدم كل حدودي وسدودي حتى كدت أغرق في بحرك السحيق حيث لا آخر له ولا نهاية.. فكوني لي طوق النجاة إذا لاطمتني الأمواج يوما.. فليس لي معين سواك..


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى