الجمعة ٢٠ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠٠٩
بقلم
أيّامُ عمري
أيّامُ عمري لها في القلبِ أصداءُ | |
تُدمي الجفونَ وفيها الألفُ والزاءُ | |
أيّامُ عمري كنجمٍ لاحَ في سَحَر | |
يأتي بهيجاً وعند الفجر أنباءُ | |
ما كنتُ أحسبها كالأرضِ دائرة | |
تطوي الزمانَ وفيها العمْرُ ميناءُ | |
تجري كومضٍ بيوم السعدِ نائية | |
والليلُ دهرٌ إذا أعياني الداءُ | |
اللهوُ فيها وفيها القلبُ منشغلٌ | |
والناسُ موتى وهم في الجسم أحياءُ | |
الحلمُ ظلّ سراباً حين أقربه | |
والعمرُ حتّى مع الآمال بيداءُ | |
حولي النعيم وكفي لا يطاوله | |
كالأبل عطشى وفي أحمَالها الماءُ | |
جرّبتُ فيها صنوفَ الناسِ قاطبة | |
ما عادَ فيها من الأخيار أبناءُ | |
ما عادَ فيها أمينٌ او له شيمٌ | |
والكلُ فيها مع الأخلاص أعداءُ | |
عشتُ السنين وجسمي بات مُرتحِلا | |
بين العواصم، والآمالُ أشلاءُ | |
حقاً عرفتُ بانّ النفسَ تائهةٌ | |
من دون أهلٍ، فهم للروح إثراءُ | |
فكلُّ وقتٍ بغير الدار مضيعة | |
وكلُّ دارٍ بدون الاهلِ ظلماءُ | |
وكلُّ وقتٍ بدون الفرْض تهلكة | |
وكلُّ صلاة بدون الزهْد بتراءُ | |
روحي كطيرٍ وعمري حجمه قفضٌ | |
والاهلُ وسعٌ وسقفُ الدار أجواءُ | |
فتّحتُ عيني بحضنٍ ضمّ معتقلي | |
أعضاءُ جسمٍ بها الارواحُ أسماءُ | |
أيّام ُعمري بحضنِ الامّ مملكة | |
فيها النعيم ُوفيها الصدرُ أرواءُ | |
عند الطفولة كان اللعبُ حاويتي | |
وتشغلُ البالَ أحجارٌ وأشياءُ | |
لا همّ فيها ولا حزن يكابدني | |
والليلُ يدركني والحلمُ أضواءُ | |
لمّا بلغتُ وجدتُ النفسَ هائمة | |
في كل وادٍ، كأن الدهرَ أهواءُ | |
أحلامُ بِكرٍ وأفكارٌ موزعةٌ | |
والذهنُ تملكه في الليل حواءُ | |
لمّا كبرتُ رأيتُ العيشَ مُعتركاً | |
البغضُ فيه وطبعُ الناس حرباءُ | |
لن يُشبع الجوفَ الوانُ الطعام ولن | |
تُهدي النفوسَ من الأطماع آلاءُ | |
للعيش يكفي رغيفُ الخبز في سكنٍ | |
والملحُ والماءُ والجلبابُ نعماءُ | |
حربٌ مع الناس بين الناس مفزعة | |
ألحقدُ في القلب، والاحضانُ صفراءُ | |
حربٌ تطولُ بلا سيفٍ ولا سهمٍ | |
فالحقدُ سيفٌ بها والسهمُ إيذاءُ | |
ألناسُ جمعٌ كأن الحب يجمعهم | |
والقلبٌ تملأه بالحقد بغضاءُ | |
يخفون حرباً لهم في نارها حطبٌ | |
لم تبقَ فيها من الأخلاق علياءُ | |
لايسأمون منَ الدنيا وإن بلغوا | |
في العمر ألفاً، وساقَ الجسمَ إعياءُ | |
لايسأمون كأن الموت تاركهم | |
والنفس لهوعن الآجال عمياءُ | |
ألجنسُ والمالُ والسلطانُ ديدنهم | |
والفسقُ والكذبُ ما قالوا وما شاءوا | |
إن الحياة كموجٍ في تقلبها | |
يومٌ يسرّ، وطولُ الدهر ضرّاءُ | |
وما عجبتُ من الأشرار إذ ملكوا | |
مالاُ وجاهاُ وفي الأخدار حسناءُ | |
أهل المفاسد في يأس وفي فزع | |
إن نالهم عوزأو نالهم داءُ | |
عند التقاة وأهل الدين مفزعهم | |
يوم المصائب مرضاة وسراءُ | |
ما باتَ ليلا تقي دون فاجعة | |
وما تناءت عن الأبرار أرزاءُ | |
لن يعرف الناس إلا بعد تجربة | |
فيها التعامل أموال وآراءُ | |
ألعيشُ وسع كأرض الخصب مزهرة | |
لكنّها من فعال الناس جرداءُ | |
ما كنت احيا وسوط الموجعات دم | |
إلا بصبر به الآمال فيحاءُ | |
لولاالكريم لعشتُ النائبات كمن | |
لهفا تُعانقهُ بالحتف هيجاءُ | |
لا للتشاؤم لا لليأس في ورقي | |
بل انّ فيها الى الآلامِ إيفاءُ | |
لا يعرف السعد إلا بعد ضائقة | |
فالسعد روض وحول الروض معزاءُ | |
النفسُ تبقى برغم العسر مُوقنة | |
يسران حولي إذا تشتدّ رملاءُ |