الخميس ١٨ نيسان (أبريل) ٢٠٢٤

الصباح

نور صلاح الدين حميدة

يأتي الصباح
وبكل ما أوتيتُ من أملٍ أواري وحشتي
وأجسّ نبضَ الأرضِ عند براعمِ الأزهار
أُصغي لأنفاس الرياح تداعب الأغصان حالمةً
وأقول للكون المقدّس أنني ما زلت حيّا
يأتي الصباح
مبكراً
أقسم أنّي غفوت هنيهةً
على أريكة بيتنا
نصف الغطاء يعانقَ الأرضَ وعضلاتي تئنّ
كنتُ سئمت التحديق في صوري
وسقطت من يديَّ دفاتر الذكريات
تثاقلت أجفاني
وخالجني شعورٌ آدميٌ بالضجر
فغفوت
يأتي الصباح
والخيبةُ تتخلل شرايين أجفاني
فأراها قبل الصحو خمولاً وردياً
ودماءً خثرى
كالأعمى أتحسس دربي من عند سريري للمرآة
حيث ارتسم الوجه الكالح
وأحدق - بعينيّ الميّتتين- الى أحلام كانت لي
كإله ملّ الوهيته
وأقتلها - في قلبي- كإنسانٍ أحمق
يأتي الصباح
وأنا استيقظ لأنام
أجد اللذة تحت ملاءاتي
أنسج أحلاماً وردية
يومي يقصر
وأظل أناجي الليل ليأتي
هلّا تأتي؟
يأتي الصباح
وانا لم آتِ بعد
أتجول بين كوابيسٍ معتادة
أبحث عن وحشٍ مختبئ بين ثنايا عقلي
شبحٌ، يترصّدني يتتبع خطواتي العثرى
يحبس أفكاري بسجون الذكرى
يجثم فوقي
يمنحني عذراً كي أصحو بمزاج متعكّر
كطفل طفقَ ينادي أمه طوال الليل
ولم تأتي
لكنّ الشمس أتت
أتت
وانا اتمدد في كفني
جافاني النوم
صارعتُ شياطيني تلك الليلة
وسكرتُ وران على صدري خمر المعنى
فمسحت دموعي بملاءات العيد
ورجوت الله أن يرحمني من تعب الاستيقاظ
يأتي الصباح
وأنا مع كل صباح يأتي
أفقد شيئاً مني لا أدري كنهه
ويساورني الشك
أصحوتُ بحقٍ أم وعيي غاب بلا رجعة؟
هل نمت؟ أم غالبني كرهي للذات
فغرقتُ بها، وتراخت خلفي حبال العودة
ونسيتُ البيت... وطريق البيت.

نور صلاح الدين حميدة

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى