الاثنين ٥ أيار (مايو) ٢٠٠٨
بقلم تيسير الناشف

العرب والنهضة العلمية

على الرغم من أن البلدان العربية – وسائر البلدان النامية – حققت قدرا من التقدم العلمي، فإن ذلك القدز ضئيل بالمقارنة بالتقدم العلمي الكبير الذي حُقق في البلدان الغربية. وعلى الرغم من أنه أنجزت في العقود القليلة نسبيا الماضية وجوه التقدم في العلوم الطبيعية والاجتماعية والنفسية وعلوم الاتصالات فإن التقدم الذي حققته البلدان النامية في هذه المجالات قليل. في هذا المجال البلدان النامية متخلفة، بمعنى أنها متخلفة عن مسايرة التطور العلمي والتكنولوجي. ومن الجلي أنه تقوم عوامل موضوعية تؤخر تحقيق البلدان النامية لمزيد من التقدم العلمي. وليس القصد من هذا المقال إيراد هذه العوامل، فقد وردت في مقالات سابقة نشرت في مختلف المنشورات باللغتين العربية والإنكليزية.

لقد أنجزت كشوف علمية كثيرة، بيد أن البلدان النامية لا تعلم بهذه الكشوف سوى القليل، ولا تستفيد هذه البلدان من التطبيقات العلمية والتكنولوجية القائمة والجديدة استفادة كبيرة. ينبغي للعرب أن يبدأوا فورا بمضاعفة الجهود المبذولة للانضمام إلى مسيرة المعرفة ولتحقيق التقدم العلمي ولاكتساب المعرفة العلمية وللقيام بأنفسهم بتطبيق العلوم في مختلف المجالات. وهذه المسيرة طويلة، وهي لا تنتهي، لأن العقل والنفس البشريين لا يكفان عن محاولة اكتشاف المجهول ولأن النفس البشرية لا تكف عن استخدام العقل في اكتشاف مكتشفات تلبي حاجات البشر.

ويبدو أن الجامعات في البلدان النامية لم ترق إلى مستوى الوظيفة التي يتوقع أن تؤديها وهي تعريف الطلاب، وخصوصا طلاب الماجيستير والدكتوراة، بآخر ما بلغته العلوم والمعرفة البشرية، ولم تحقق النجاح الكامل في تخريج أجيال من الباحثين المستقلي التفكير في العلوم التطبيقية والطبيعية وعلوم الاتصالات. ولم تنجح الجامعات والمجامع اللغوية في تعريب كل العلوم على مستوى الجامعات وفي جعل اللغة العربية لغة التعليم في الكليات والجامعات في كل المواضيع. ولم تعتمد السلطات الرسمية في البلدان العربية سياسة تعميم استعمال اللغة العربية بوصفها لغة التعليم والبحوث، على الرغم من أن هذه اللغة العلمية العظيمة كانت لغة العلوم الأدبية والطبيعية والفلسفية والشرعية على النطاق العالمي مدة أربعة إلى خمسة قرون، من القرن التاسع حتى القرن الثالث عشر، في الدولة العباسية والدولة الأموية في الأندلس والدولة الفاطمية في مصر وغيرها من الدول الإسلامية.

ومن المفيد للشعب رفع نسبة الخريجين والخريجات من المدارس الابتدائية والثانوية ومن الكليات والجامعات في مختلف العلوم المفيدة للشعب وسلامته ورخائه. وحتى يحقق شعب من الشعوب التقدم العلمي والتكنولوجي وحتى يكتسب المعرفة من الضروري رفع المستوى العلمي لأفراده، وأن تضم تخصصاتهم العلوم الأدبية والاجتماعية وأيضا العلوم الطبيعية والرياضية والفلسفة والمنطق، شريطة أن يسترشد النظام الاجتماعي والاقتصادي برؤية ترنو إلى اللحاق بركب التقدم وإلى المشاركة في العطاء العلمي وفي إثراء الثروة العلمية والمعرفية الضخمة. والمقصود بالمستوى العالي لدى الفرد الخريج هو أن يكون لديه اقتناع، عن وعي، بمبدأ ضرورة السلوك بوصفه عالما خبيرا متقيدا بقواعد السلوك العقلي العلمي، وأن تكون لديه القدرة على إعلاء هذه القواعد فوق الاعتبارات التي تتنافى أو لا تتفق مع قواعد السلوك العلمي. إن نبوغ الآلاف من أبرز وأعظم العلماء العرب والعالمات العربيات في العلوم الاجتماعية والنفسية والطبيعية والرياضية والتكنولوجية والفلسفة والمنطق كفيل، إذا توفرت البيئة السياسية والثقافية والاقتصادية والنفسية المواتية، بأن يحقق نقلة علمية وتكنولوجية نوعية عربية خلال فترة زمنية غير طويلة.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى