الثلاثاء ١٥ كانون الثاني (يناير) ٢٠٠٨
بقلم نضير الخزرجي

الكرباسي يستشرف الأمل عبر نافذة نشيد الاستنهاض

من منا لا يبحث عن المخلص؟ من منا لا يرجو ظهور المنقذ؟ من منا لا يتوق إلى تلمس النور في آخر الظلمة؟ لا أحد في هذه المعمورة بغنى عن براق يعرج به من ظلمات اليأس إلى أنوار الأمل، ولا أحد مستغن عن بساط رجاء تغدو به الريح وتروح كل آن وحين.. فالأعناق مشرئبة إلى طلعة المخلص والعيون شابحة إلى محيا المنقذ.

فالنفس البشرية حتى وإن نامت على نكران الله ونهضت عليه إذا ما أضناها التعب وأرهقها النصب توجه فؤادها إلى قوة غيبية تستمد منها العون، وإن كانت في رحلة البحث التي قد تقصر لثوان أو تطول لأيام وأشهر وسنوات، تتطلع إلى المهدي الذي يقود ركبها في رحلة البحث عن الخلاص.

وقد تختلف الأمم على شخصية المخلص ومهديها، ولكنها لا تختلف على أصل فكرة المخلص القادم من بين سحب العذابات السود ليشرق بأنواره على وجوه المعذبين بكل أجناسهم ولغاتهم ومعتقداتهم، فلكل أمة مهديها تتشبث بأذياله، وحتى المعاند الذي يرفض فكرة المهدي المنتظر، فانه في قرارة نفسه يبحث عنه ليربط المنقذ على قلبه، فالخلاص فكرة فطرية ملازمة للإنسان كظله.

سَيّدي فَانْهَضَنْ

هذه الحقيقة حاكا البحاثة والعروضي الدكتور محمد صادق محمد الكرباسي شخصها المتمثل بالإمام المنتظر محمد بن الحسن العسكري المولود في العام 255 هجرية والغائب عن الأنظار في الغيبة الكبرى في العام 329 هجرية إلى يومنا هذا بانتظار وعد الله بالخروج ليملأ الأرض قسطا وعدلا بعدما ملئت ظلما وجورا، حاكاها بقصيدة حملت عنوان "نشيد الاستنهاض" من مقاطع ثلاثية الأبيات وفق الحروف الهجائية مع بيت لازم يبدأ بالمقطع وينتهي بآخره، لازمة هي لازمة كل من يمشي على ساقين ينادي:

حُجّةَ ابنَ الحَسَنْ ... سَيّدي فَانْهَضَنْ

وكأني بالفقيه الكرباسي في "نشيد الاستنهاض" وقد تقلقل على جمر قصيدة شاعر أهل البيت (ع) السيد حيدر بن سليمان الحلي (1246-1304 هـ) (1831-1889م)، وهو يخاطب المهدي المنتظر يرجوه النهوض فقد طفح بالبشرية الكيل، في عينيته الشهيرة، ومطلعها:

الله يا حامي الشريعة ... أتقر وهي كذا مروعة
بك تستغيث وقلبها ... لك عن جوى يشكو صدوعه

إلى أن يقول بقلب مفجوع صدي وقد نفد عنده ماء الصبر:

مات التصبّر في انتظا ... رك أيها المحيى الشريعة
فانهض فما أبقى التحمل ... غير أحشاء جزوعة

أما الشيخ الكرباسي فانه يناجي محبوبه وهو لسان حال كل انسان، وفي المطلع:

حُجّةَ ابنَ الحَسَنْ ... سَيّدي فَانْهَضَنْ
إننا في صدأْ ... قد علانا الدَّرَنْ
في رُبى من رَطَأْ ... دون أنْ يَسْألَنْ
عن عظيم النبأ ... في غمارِ الفِتَنْ

ثم يتوسل بالمخلص:

حُجّةَ ابنَ الحَسَنْ ... سَيّدي فَانْهَضَنْ
حان صُبح الفرج ... قد كفانا الوَهَنْ
كلُّنا يَبتَهِجْ ... بالطَهور الفَنَنْ
خاتماً للحُججْ ... مَنْ لهُ يُؤتمََنْ

ويعبر عن نفاذ صبره:

حُجّةَ ابنَ الحَسَنْ ... سَيّدي فَانْهَضَنْ
صَبْرُنا قدْ نفذْ ... في البَلا والإحَنْ
أمرنا لا يَشُذ ... في الملا قد يُزَن
فالفتى مَنْ يَلُذْ ... بالهُدى لا يئنْ

ثم يقذف زفرات الألم على ضياع الوطن واستباحته:

حُجّةَ ابنَ الحَسَنْ ... سَيّدي فَانْهَضَنْ
شاعَ فينا المَرَضْ ... واستُبيحَ الوَطَنْ
راحَ يَطغى الغَرَضْ ... بين أهلِ المُدُنْ
بَرقُكُمْ قد وَمَضْ ... من عُلا ما رَصَنْ

ثم يعبر عن حزنه لما آل اليه مصير الأمة:

حُجّةَ ابنَ الحَسَنْ ... سَيّدي فَانْهَضَنْ
أمّتي في سَفَهْ ... أمرها يُمتَحَنْ
يُزْدَرَى مَنْ نَبَهْ ... شأنُهُ في قَبَنْ
حاكمي قدْ أُلِهْ ... لاهياً بالقِيَنْ

مدارس الإنتظار

ولأن المخلصَّ حقيقة قائمة في الأديان والثقافات كلها، في الشعوب المتحضرة والمتخلفة، في المجتمعات الغنية والفقيرة، فإن شخصيات دينية وعلمية وثقافية من أديان ومذاهب ومدارس مختلفة، أطلعت على "نشيد الاستنهاض"، وتلمست عبر نافذته العذابات التي تمر بها الأرض ومن عليها، وشحنات الألم التي تعتصر صدر الكرباسي الذي يستنهض وبقلب كسير صاحب القلب الكبير لكي يطل على الحيارى والمعذبين لينتشلهم مما هم فيه من أوجاع وآهات، جمعها الشاعر مع القصيدة في ديوان حمل عنوان القصيدة وصدر حديثا عن بيت العلم للنابهين في بيروت، في 112 صفحة من القطع الصغير، ملحق به اسطوانة مدمجة (سي دي) بصوت المنشد المبدع الحاج باسم الكربلائي.

الدكتور شوقي أنيس عمار رئيس جمعية جذور اللبنانية وهو من أبناء الموحدين الدروز، يرى ان "نشيد الاستنهاض" هو: "شعر ليس كباقي الشعر ... هنا الشعر فضاء شعور .. انه المدى المفتوح على كل ما لا حدود له... الحب هنا لم يعرف البدايات، لذا لم تستهوه لعبة النهايات!!.. الإيمان هنا لم يزره الشك يوما لذا نام هنيئا ببساطة المعتقدات". ولهذا فان النشيد عند الدكتور شوقي: "نشيد أمنيته إنسان قد راح يبحث عن فرحة عند مفرق الزمان وصاحبه، أي حيث يكون الوجود ذوبانا في الحضرة:

فلولاهُ ولولانا ... ما كان الذي قد كانا
فصار الأمر مقسوما ... بإيّاه وإيّانا

فالبحث عن خشبة خلاص الإنسانية لا تكون إلا بإعادة استنهاض مواقع القوة في روح الإنسان أي في تلك الشذرات الإلهية الفاعلة فينا .. من هنا كان النشيد مناجاة إنسانية، أو قل دعوة عاشق لله؟".

وفي خاتمة القراءة العرفانية، يقرر الدكتور شوقي أنيس عمار انه: "من حقنا أن نفرح لطالما الشاعر الصديق قد استنهضنا نشيدا ""مَوَاليّاً" فالنشيد ارتحال، والشعر غربة، وما نحن سوى ابتهالات انتظار في حضرة الهداية".

ومن مصر، ومن مدينة الشهداء بمحافظة المنوفية، يؤمن الدكتور حسين سرى محمد كيلاني وهو من أهل السنّة، انه: "حين يشتد البأس وتكثر درجات اليأس تبرق في قلوب الآملين دعوة الحق إلى الله أن يهب الخلق المخلّص لهم من الفساد رأفة بالعباد ... ولا شك ان نشيد الاستنهاض الذي وضعه سعادة الإمام هو قطوف تستشرف المستقبل القريب وتأمل في النجاة بصدق من آثام الدنيا وفساد من يعيشون عليها". وحتى لا يفوته السبق حاكا الدكتور حسين كيلاني "نشيد الاستنهاض" بنشيد من التفعيلة نفسها، يقول فيها: "سيدي فاظهرن .. قاتلتنا المحن .. مال عنا السكن سيدي فانهضن".

ولكن من أي نوع من الشعر هو "نشيد الاستنهاض"؟

الدكتور جورج زكي الحاج، الأستاذ في الجامعة اللبنانية ومن أعلام المسيحيين، عبر عن قناعة جازمة ان الشعر الحقيقي: "هو مزمور محبة، وفعل ندامة، ونشيد رجاء .. وعندما أقول الشعر، اقصد به شعر الحقائق الإنسانية الخالدة، التي نموت ولا تموت، شعر النبل والتسامي، الشعر الصاعد دوما نحو العلاء، والمشرئب نحو المُثل العليا التي هي الله تعإلى .. في هذا النوع من الشعر يندرج "نشيد الاستنهاض" لفضيلة الدكتور الشيخ محمد صادق محمد الكرباسي الذي يتوجه به إلى الإمام المهدي المنتظر". ووجد الدكتور زكي الحاج في قراءته الأدبية ان: "أهم ميزة في هذا النشيد، إضافة إلى عبق الإيمان، وعطر التقوى، وعمق المعاني، وبعد الصور، هو الأسلوب الجيد، المتمثل بمتانة الحَبكة، وقوة التركيب، وإعادة إحياء مفردات، أصبحت غريبة على السمع واللفظ، على الرغم من أنها مأخوذة من بطون العربية ولسانها".

وضم النشيد عشرات الكلمات العربية سفّها ريح التجديد والحداثة فضاعت تحت رمال الزمن من قبيل كلمة الرطأ وتعني الحمق، الفنن وتعنى المستقيم والاستقامة، والقبن أي الذي ضرب في الأرض أو الذي انهزم من العدو. ورب قائل: ما الذي يدعونا إلى استخدام كلمات غفل عنها الكتّاب مع مرور الزمن؟ الدكتور جورج زكي الحاج له رأيه يجيب بصراحة: "ان إحياء الميت من الكلام، واستعادة البائد منه، لأبلغ بكثير من التعامل مع المتداول والمتعارف عليه، لان في ذلك إضافة إلى ما ذكرنا، خدمة للغة العربية الغنية بكل جميل".

وللشعراء مقالتهم، وهي اقرب إلى شغاف القلب، ومقالة كبير أدباء الإسماعيليين في دمشق الأستاذ سيد علي بن احمد العباس في "نشيد الاستنهاض": "ان القصيدة في مضمونها العظيم بحر هائل من المعرفة والحقائق، وفيها إشارات عرفانية لطيفة ودقيقة لا يعرفها إلا مَن اتبع الرسالة المحمدية الحقّة وآمن بأهل بيت النبوة الأطهار (ع) وسار على نهج بقية الله (عج) فانك مهما حاولت أن تكون بحّاراً فستقف في النهاية عاجزا مهما أوتيت من أدب جم ومعرفة كبيرة على أن تحيط بكل جوانبها العظيمة من أدب وعلم واستشراف للمستقبل، ففي أبياتها الكثير الكثير من المعاني، وفيها يتعانق التاريخ بعظمته والحاضر بواقعه على نسق من الإبداع والجمال".

والدلالات العرفانية في "نشيد الإستنهاض" يؤكدها الأستاذ احمد علي حسن وهو من شعراء العلويين البارزين في سوريا، عند قراءته الأدبية لها قائلا: "ان نشيد الاستنهاض لا يعتمد على الفنية الشعرية وعلى الموسيقى في الحرف والعبارة ولا على القافية الرنانة فحسب بل له بعد روحاني جليل، يعتمد كل الاعتماد ويلح كل الإلحاح على ظهور من كتب الله على يده فرج المسلمين والمؤمنين بالله جميعا من العائلة البشرية".

إيقاع البحر

ويتساءل المرء، لماذا اعتمد الفقيه الكرباسي وزن المتدارك المجزوء (الخبب) في استنهاض محبوب المستضعفين في الأرض، فهل لهذا البحر من خصوصية؟

الدكتور محمد مسعد العودي الأستاذ بجامعة عدن وهو من كبار أدباء الزيدية يجيب: "وقد جعل الشاعر لغة نصه وفقا لإيقاعات المتدارك المجزوء:

فاعلن فاعلن ... فاعلن فاعلن

وقد كان اختيار هذا الوزن موفقا إذ يتناسب مع لغة الحوار التي يقوم عليها النص، أعني حوار الذات مع المنقذ الذي لم ينبس بكلمة، وبهذا المعنى فان الذات قد انشطرت إلى نصفين موزعين بين الصوت والصدى، بين ذات غريقة تستنجد، وتستنهض، وتتعجل، وذات تتمثل المنقذ (المعجزة) الذي طال انتظاره، لهذا جاء الإيقاع متجاوبا بين الصوت والصدى فاعلن فاعلن .. فاعلن فاعلن، وقد جعل الشاعر القافية نونا ساكنة ينتهي عندها النَفَسُ في نهاية العجز، وجعل للصدر قافية مختلفة ولكنها ساكنة أيضا ينتهي عندها النفس مما جعل العجز جوابا صوتيا للصدر، فالإيقاع بحد ذاته يدل على الحوار من خلال ذلك التجاوب".

ويرى الأديب والشاعر العراقي سميع داود وهو من أعلام الصابئة المندائيين: "إن اختيار الشاعر لمجزوء المتدارك (الخبب) أعطى القصيدة مجالا واسعا للحركة المتواصلة مبتعدا بها عن السكونية والإنكفاء مانحا إياها حيوية وحراكا واضحين .. لذا جاء التدفق الشعري متوترا ومنطلقا نحو فضاءات واسعة وبعيدة، أراد لها الشاعر أن لا تستقر، وأن القلق الذي تضمنته القصيدة هو أساس هذا التوتر ومركزه بالإضافة إلى إيقاعات الوزن الذي اختير بعناية فائقة".

وينتقل الشاعر سميع داود من الوزن والإيقاع إلى لب القضية المهدوية التي توارثها الصابئة عن الأجداد، فيضيف: "كنت صغيرا يا سيدي وأن أسمع بمجئ المخلص إذ كان والدي ذلك الصابئي المندائي الكهل يفتتح النهر كل فجر بتراتيله الأرامية المندائية حيث كنت أرافقه طالبا الخلاص من الملاك الموكل من الحي الأزلي بحماية الأرض والحياة من سلطان الشر وجبروت الظلم.. يا لهذا الحلم اللذيذ الذي رافق الأجيال والأمم بالانعتاق من سلطان الجور وبطش قوى الظلام وإقامة المدينة الفاضلة الناهضة على أسس العدل والمبادئ الإنسانية النبيلة.. مدينة النور والمحبة والسلام .. حيث لا عدوان ولا بغضاء .. ولا كلمة إلا كلمة الحق التي تظلل الجميع كشجرة وارفة".

من جانبه يستحسن الدكتور نسيم دانا وهو من كبار النقاد الموسويين والأستاذ بجامعة بار ايلان بحيفا، هذا الاختيار، إذ: "جاءت المطولة الراقية على وزن الخبب "والمعروف باسم المتدارك أيضا" وتفعيلته: فاعلن، ولعله وراء اختيار هذا البحر بالتحديد هدف وحكمة.. فالإبداع الراقي لا مجال فيه للصدفة أو العشوائية .. بل كل شيء يأتي بدراسة وعمق، وكل شيء له دوره وأبعاده. فالخبب يعني وقع حوافر الخيل العادية، والمتدارك، من تدارك الأمور ومتابعتها، والمهدي (ع) سيأتي ليعيد للأذهان واقع الوحف، متداركا ما حلّ بالأمة من مصائب ونوائب، ليعيد الأمور إلى نصابها، والتفعيلة "فاعلٌ" إنما تدل على الفاعلية والتأثير. وهكذا نجد التطابق الفكري والمعنوي والإيقاعي يلتقي في قصيدة في تجانس وتناغم غاية في الدقة والإتقان".

ويدخل الدكتور نسيم دانا في أجواء القصيدة بدءاً من العنوان حتى آخر بيت محللا وناقدا، وتوقف طويلا عند العنوان على طريقة "الرسالة تعرف من عنوانها"، فأكد ان عنوان "نشيد الاستنهاض" يحمل دلالة عميقة وعظيمة، وأهم دلالة هي ان المهدي حي يرزق، مضيفا: "فالاستنهاض من (الاستفعال) ولا يكون للغيب، ولا يندرج على العدم أو المعجزة، ولا ينطبق على الجنين المحفوظ في الرحم، وإنما ينطبق على الحي في حالة السبات أو الركون أو العزلة، يُستنهض، ليخرج من الحال الذي هو فيه، إلى ما هو خليق به... وهو الخاتم، فيه تختم الإمامة، وبه ختام الطريق والمسلك، وبه ختام آلام البشرية وضياعها، وهو الأمين المؤتمن على حال الدنيا ومصيرها".

صوت الإيقاع

اعتمد الشاعر لازمة جاءت في أول القصيدة وآخرها وبين كل ثلاثة أبيات، منها اشتق العنوان الدال على فحوى القصيدة:

حُجّةَ ابنَ الحَسَنْ ... سَيّدي فَانْهَضَنْ

فهل لهذا الاستخدام من مغزى؟

الأديب والشاعر الجزائري الدكتور عبد العزيز شبين أناخ ركبه المعرفي عند هذه اللازمة قائلا: "فأول بيت من النشيد يرسم طريق النهضة في أجلى صورها، مقدسة بالرمز، منورةً بالروح، فمن براعة الشاعر ذوقا، ولطافته فناً، وبداهته طبعاً، جاء المطلع متكررا عقب كل ثلاثة أبيات، كلازمة لفظية أولا، تحدد صوت الإيقاع المتجدد بالرفض، والمتحمس للعودة مع أفول كل نجم يعقبه فجر جديد، ولازمة معنوية تخفي في ظلالها المتناهية صور العهد القشيب، تتوإلى اللازمة كفاصلة دفع ناهضة تعيد للنص وهج البداية، منسردا في حكْيٍ تاريخيٍّ يختصر وقفات البطولة والفداء، يعود مردداً صرخة الحسين مجلجلةً في وجه عباب الظلام الحالك، كل مقطع من مقاطع النشيد صوّر حالة نفسيةً مختزنة في ألم باطنيٍّ، كانت اللازمة له نَفَساً آخر يستمد به دفء الرحلة، ورَوْح البداية من جديد".

استنطاق الأمل

البعض من الأعلام قرأ "نشيد الاستنهاض" نثرا والبعض الآخر قرأه نظما، والبعض الآخر جمع بين الأثنين. فالعلامة الشيخ سالم بن نصير الوهيبي استاذ الأدب في جامعة نزوى العمانية وهو من علماء الأباضية، نظم في نشيد الاستنهاض قصيدة وحسب تعبير الشيخ الوهيبي: فان منظومي جار في مضمار استنهاض الهمم والخامدة والعقول المتبلدة والجامدة، فقلت:

غفرانك اللهمّ يا ربّاه ... يا منهضا همة مَن دعاه
عبدك قد باء بما جناه ... فاغفر له ما كسبت يداه
بحق لا إله إلا الله

ثم يصل في ختام القصيدة موضع الشاهد، فينشد:

ببابِ عزّ الله أوقفت الأمل ... أخرسني الحياءُ من سوء العملْ
بايعته مهديّنا من الأزل ... يُظهره الرب لوقته يرضاه
بحقّ لا إله إلا الله

وعبّرت الشاعرة سندس سالم النجار وهي في طليعة الشعراء اليزيديين وممثلة منظمة الأقليات العراقية في النمسا، عبرت عن الأمل والتطلع نحو السلام والأمن والحرية شعرا حراً ونثرا، ووجدت ان الدكتور الكرباسي في "نشيد الاستنهاض": "يصف فيها بتعبير مؤثر ونسيج شعري محكم، الواقع المر المفروض، وهنا ينطلق اللسان بالحكمة الناضجة والتجربة العريقة، مقداما مستحثا للهمم، مصرّاً على إيقاظ الإنسانية من غفوتها وإعادتها إلى مكانتها وتلقينها التمامَ لا النقصَ، والجمالَ لا التشويه، والسلامَ لا الحرب".

مرحلة الظهور

من الثابت ان لظهور المهدي المنتظر والمخلص والمنقذ علامات صغيرة وكبيرة كما جاء في صحيح السنة، بعضها حصلت وبعضها الآخر في طور التكوين، وبعضها في الانتظار، ويعتقد المحقق الكرباسي أن تاريخ الظهور ربما كتبه الله في باطن كف الإنسان، فخطوط باطن اليد اليمنى تشكل الرقم 18 في حين تشكل الأخرى الرقم 81 وبحاصل الربط يتكون الرقم (8118)، فعند الكرباسي ان حاصل الجمع الموضعي بين خطوط الكفين: "نحتمل والله العالم بأنه يرتبط بالتقديرات الإلهية في تأريخ الوجود البشري منذ خلقة آدم أو هبوطه وحتى نهوض دولة الحق، وقد حددنا ذلك بمقتضى روايات خلقة النبي آدم (ع) وهبوطه بعام (6052 ق. م)، ويجب التنويه إلى وجود بعض الخلافات في مقدار الفترة بين الخلقة والهبوط، وأكثر الروايات تشير إلى أنها ست سنوات".

وإذا صدق الحدس الوجداني للمحقق الكرباسي المرتكز إلى لغة الأرقام، فنحن اليوم حيث نعيش العام 2008 ميلادية يصادف العام 8060 من عام هبوط أب البشرية المعاصرة النبي آدم (ع)، أي نحن على بعد أكثر من نصف قرن من مرحلة ظهور دولة العدل الإلهية، على ان عام الظهور كعام القيامة نبأه عند الله وله البداء (يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أمّ الكتاب): الرعد: 39، غير ان ما يمكن استظهاره من خطوط باطن الكفين، أن حاصل جمعهما يشكل الرقم (99) بعدد أسماء الله الحسنى، وحاصل طرحهما يشكل الرقم (63) وهو تمام عمر خاتم الأنبياء محمد بن عبد الله (ص)، وبعدد سني عمر أول الأوصياء الإمام علي بن أبي طالب (ع)، وتمام حياة سبط النبي الإمام الحسين (ع) الذي جعل الله في ذريته الإمامة "كلمة باقية" وأتمها بخاتمهم الإمام المهدي المنتظر (ع).


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى