السبت ٩ أيار (مايو) ٢٠٠٩
بقلم وليد رباح

انفلونزا الشعراء والكتاب

إن شعرت بجنين يتحرك في أحشائك فلا تبتئس ولا تحزن. فلن تجرى لك عملية تحويل للجنس كأن يصبح اسمك (رهيجه أو خديجة) مثلا.. وإنما انت كاتب ينتقل الجنين من أحشائك إلى عقلك نتيجة نسيان طعامك فتفرغه على الورق أو على الكيبورد لا فرق..

سيدتي الكاتبه : اذا ما (زافت) عليك نفسك وشعرت بالتقيؤ والدوخة فانت لست حاملا بالتأكيد. ولست مصابة ايضا بانفلونزا الخنازير..انت بالقطع كاتبة موهوبة.. فتقدمي إلى جهاز الحاسوب لكي تلدي ما يمكن أن ينفعنا نحن عباد الله من القراء..

للشاعر والشاعرة : أن نسي احدكما ذكورته أو انوثته فكلاكما معرض للاصابة بالانفلونزا التي لم تسم بعد.. فالشاعر ينسى انه متزوج ولا يأتي زوجته الا في الاعياد والمناسبات الدينية والقومية.. والشاعرة لا تمسد شعر رأس زوجها الا اذا ما شارف (القرن) على الذوبان ودخل قرن جديد.. ولا اقصد قرن زوجك بالتأكيد لا سمح الله.. وانما هو القرن الزمني الذي يجيز لك أن تكوني في البيت منكوشة الشعر مهلهلة الثياب كأنك خارجة من مستشفى المجانين للتو.. ولكنك خارج الزمان والمكان تلونين الوجه والاظافر بمزيج من التحسينات التي تجعلك مقبولة عندما تلقين شعرا على العامة ممن يفهمون أو لا يفهمون منه شيئا.. فيصفق لك الضيوف من رجال المخابرات أن كان شعرك يلاقي هوى لهم.. ويعتقلونك أن كان الشعر (متطرفا). نعم.. هناك شعر يندرج تحت قائمة المهادن وآخر من الشعر الممانع..

كم من كاتب اصابته عدوى العادة فاستهوته فاذا به بين ليلة وضحاها كث اللحية متسخ الثياب مهلهلها يمشي في بيته (حافيا) ثم ينتعل خارجه فضاء الطريق يخزه الشوك والحصى وعقله يسرح في ملكوت الله لا يدري ما ومن حوله.. فان عاد اليه عقله لبعض الوقت وشعر بالجوع يعود من حيث اتى للتبلغ كيما يعيش.. يتمثل في ذلك ما قرأه أو سمع عنه أن الكاتب يجب أن يكون رث اللباس زري الهيئة يخاصم الناس احيانا ويخاصم نفسه بعض الوقت ويقاتل حجارة الطريق في احيان اخرى..

وكم منهم من قادته العادة إلى أن يمضي جل وقته في الحمام متبرزا وقارئا لجريدة يومية متابعا اخبار العالم الذي لا يهمه في كثير أو قليل الا ما ندر.. ثم ينتقل اليه (الداء) فيستبدل الجريدة بكتاب الاغاني لابي الفرج الاصبهاني كي يمضي وقتا اطول مع الكتاب والرائحة الزكية.. فان طرق بابه المغلق بعض من يريد افراغ مثانته تذكر الساعات التي امضاها وهو يعيد قراءة الكلمات مرات ومرات.. فيخرج وهو يلعن اليوم الذي ولد فيه.. فقد قطع عليه الطارق حبل افكاره.. وانسياب تخيلاته..

وكم منهم من احب امرأة على بعد فاخذ يتمثلها عارية الا من قميص النوم في وقت لا تدري فيه المرأة أن هناك من يرغبها أو يتوق للحديث معها.. ومن ثم يقابلها عندما تصبح سبعينة فينتزع برقع الحياء عن نفسه ويعترف لها بحبه وهيامه.. فتضحك (الولية) عن فم ادرد وتظن انها ما زالت صبيه..

ويندرج في بند انفلونزا الكتاب ما لا يمكن أن يتصوره غير كاتب : كأن تعد مثلا اعمدة الكهرباء التي تمر بك اثناء قيادة السيارة أو الركوب فيها في طريق طويل أو في سفر سرمدي لا تعرف نهايته، ثم تعزف في النهاية عن عدها لانك خلطت بين العد زوجيا وفرديا فعدت تعد من جديد.. أو أن تضع ابريق الشاي فوق اللهب ثم تتركه وتذهب إلى موعد ازف فتعود إلى بيتك فترى منذ بداية الشارع سيارات الاطفاء فتسأل عن مكتبك أن احرقت ام ما تزال على رفوفها.. أو تعود إلى البيت يوما فتنسى انك متزوج فتسأل المرأة التي تلبس مريول المطبخ عمن تكون ؟ فاذا اجابتك انها زوجتك سألتها منذ متى تزوجنا ؟ واني لاعرف كاتبا نسي اولاده الثلاثة فكان يسألهم في كل مرة عن اسمائهم وما ومن الذي احضرهم إلى المنزل ولماذا لا يلعبون عند اهاليهم فيضحكون.. وفي مرة اخبرني زوج شاعرة انها وضعت زجاجة من الامونيا في طبخة تحبها الاسرة وقد ظنتها خلا ثم ذاقتها فلم تستسغها لانها حاذقة.. واضاف الزوج : واني لمقتنع انها يوما قد وضعت في الشوربه بدلا من المكرونه صفحات من كتاب (عودة الشيخ إلى صباه) لاني ما أن تذوقتها حتى دعوتها إلى الفراش فرفضت ليس لعلة فيها ولكنها تذكرت اننا تزوجنا منذ سنة ولكننا ما زلنا اصدقاء فقط !!

كثيرة هي الامور التي تدل على انك كاتب أو شاعر حتى ولو لم تكتب حرفا في حياتك.. فان نسيت يوما الطريق إلى بيتك في وضح النهار فانت شاعر.. شاعر في الحقيقة ولست شاعرا بمغص كلوي.. وان نسيت مساربه في الليل فانت كاتب.. كاتب حقيقي ولست كاتبا على ابواب محكمة شرعية.. أن اردت افراغ مثانتك في وضح النهار على رصيف الشارع امام المارة فانت اما شاعر أو مجنون.. فكلا الامرين يؤدي إلى طلاق زوجتك.. أن سمعت صوت الرعد في الشتاء فظننته قصفا مدفعيا وتواريت في خزانة بيتك فانت اما كاتب أو شاعر.. لانك سوف تكتب قصيدة يدمر فيها كل بيت من الشعر دبابة عدوة من جنازيرها إلى جذورها..

كل ذلك والكثير منه يدل على انك شاعر أو كاتب... اما.. واحرص على هذه الكلمه.. أن رأيت جملا في الشارع فظننته قطا.. وان رأيت امرأة فظننتها عفريتا.. وان شاهدت غزالا فظننته حبيبتك.. أو غازلت فتاة في الشارع ثم اكتشفت انها عنزة.. فتأكد تماما أن انفلونزا الحالة قد اصابتك فتمنيت أن تصاب بانفلونزا الخنازير لانها ارحم قليلا.. ودمتم بخير.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى