السبت ١٦ شباط (فبراير) ٢٠١٣
بقلم كوكب دياب

حبٌّ كاذب

.
.

أنـــا رجــلٌ.. تُـحـرّكني الـجـفونُ
ويَسحرُني من الجفْنِ السكونُ!!

وكــمْ كـثرتْ بـناتُ الـحبِّ حَـولي
وقـلبي في الهوى سَمْحٌ ضنينُ!

فـمـنْ مـالتْ أمـيلُ إلـى سـواها
ومــن لانــتْ فـلـستُ لـهـا ألـينُ

ومَــنْ أبــدتْ فـقـدْ بـاحـتْ بِـسرٍّ
ومـنْ أخـفتْ، لَـها الـحبُّ المبينُ

ولـي قـلبٌ كـوسعِ الـكونِ رحـبٌ
وقـــدْ يَــسَـعُ الـكـثيراتِ الـعـرينُ

ولـكـنّي خُـلِـقْتُ نـسـيجَ وحـدي
ولـلـرحمنِ فــي خَـلْـقي شـؤونُ

يـضـيقُ الـكونُ عـنْ قـلبي ولـكنْ
مَـكـانُـكِ فــيـهِ مـتَّـسِـعٌ مَـكـيـنُ

"أحبّكِ أنتِ".. وحدكِ، قلتُ قَوْلي
وأيًّــــا كــــان قــولُــكِ أو يــكــونُ

"أحـبّكِ أنـتِ".. صِـدْقًا ليسَ خَلْقًا
أنــــا، واللهِ، ذا الــثـقـةُ الأمــيــنُ

لــمـاذا تـرفـضـين الــحـبّ دومًــا
ألـيـسَ لـديـكِ قـلـبٌ أو حـنـينُ؟!

ألــيـسَ لــديـكِ سِـحْـرٌ وائْـتِـلاقٌ
وفــي أصـدافِـكِ الـدرُّ الـمَصونُ؟!

بـلـى، قـالـت، ولـكنْ لـي عـيونٌ
ولـــي عَــقْـلٌ وأخـــلاقٌ ودِيــنُ!

فــلا تُـقـسمْ عـلى حـبّي يـمينًا
فـلـيس لـمـثلكم عـنـدي يَـمـينُ

أتَـصْدُقُ فـي الـهوى حينًا، وحينًا
تـكـذّبُـكَ الـعـواصـفُ والـسَّـفينُ؟

وتـزعُـم أنْ مـضتْ أحـيانُ كـذبٍ..
وهـلْ لـلصدقِ أو لـلكذْبِ حِـينُ؟!

"أحـبُّـكِ" لـيسَ أكـثرَ مِـنْ حـروفٍ
يـــردّدُهــا الــوفــيٌّ أو الــخــؤونُ

ومــا نـفـعُ الـهوى إن بـاتَ لـفظاً
فـخـيرُ الـحـبِّ ذا الـحـبُّ الـدفينُ

فـأكـثرُ حُــبِّ مَــنْ يَـهْـوُونَ ظــنٌّ
وجُـــلّ ظـنـونِـهمْ عـنـدي مُـيـونُ

ومـــا تــدعـوه حـبًّـا لـيـس حـبًّـا
فـلـيسَ الـحـبُّ مِـنْ نَـظَرٍ يـكونُ!

ولا مـــرأى الـعـيـونِ يــعـدّ حــبًّـا
بـل الـحبُّ الذي تُخفي العيونُ!؟

ولـيـسَ الـحـبُّ إعـجابًا بـشمسٍ
ولا قـــمــرٍ ولا غـــصــنٍ يــلــيـنُ

فــــلا تــنـظـر يَــسـاراً أو يـمـيـنًا
فـلـيسَ بِـذَيْـنِكَ الـخُـلقُ الـرزينُ!

وَلـيـس الـيسرُ يـأتي مـن يَـسارٍ
ولا تــأتــيـكَ بـالـيُـمـنِ الـيَـمـيـنُ

فـــلا زَهْـــرٌ ولا ثــمـرٌ سـيـبـقى
إذا مــالـتْ مــع الـريـحِ الـغـصونُ

ولا عُــلــيـا ولا دُنــيــا سـتـنـجـو
إذا اتّـجهتْ إلـى الـقَعرِ الـسفينُ

ولا مــرعـى الــدلال يــدومُ حَـيًّـا
إذا أغــوَتْــهُ مـــنْ كـــذبٍ فــنـونُ

وإن تـتـبـعْ هَـــواكَ بـغـيـر عـقـلٍ
فــمـا لـــك والــهـوى إلا الأنــيـنُ

وإن تُـحْـسِنْ بِـوسْعِ الـقلبِ ظـنًّا
فـما صَـدقتْ مع الوهمِ الظنونُ؟!

فــإمّـا أن يــكـونَ الـقـلـبُ غــابًـا
وفـيـهـا مـــن يـعـزّ ومــن يـهـونُ

وإمّـــا أن يــكـون الـقـلـبُ تــاجًـا
ولا تـــتــوزّعُ الـــتــاجَ الــمـئـيـنُ!

فـأحـلى الـحـبِّ أن يَـهواكَ قـلبٌ
تـــكــونُ مــلـيـكـهُ، أو لا يَــكــونُ

فـقلتُ لها: النساءُ بنصفِ عقلٍ..
وكـم تـاهتْ عـن الـحقِّ الـعيونُ!

ولـيـس الـديـنُ والأخــلاقُ جَـفْوًا
فَـخـيـرُ الـخُـلْـقِ إيــنـاسٌ ولِــيـنُ

وأحـلى الـحبِّ في جسدٍ وروحٍ..
وهــل يـحـلو بــلا عُــودٍ رنـيـنُ؟!

فَـعِـطْـرُ الــوردِ دونَ الــوردِ وَهْــمٌ
ومـــا نَــشَـرَ الـشَّـذا إلاّ الـفُـتونُ

وَقـدْ عُـرِفَ الـهَوى جِـسْمًا وروحاً
وبَـعـضُـهـما لـبـعـضِهما قــريـنُ؟!

ألا لــيـتَ الــفـؤادَ يَــشِـفُّ عـمّـا
يـعـانـي مِـــنْ هَـــواكِ ولا يُـبـينُ

لـكـنتِ رأيــتِ كـيـفَ أمــوتُ حَـيًّا
أعـيـشُ وبـيـنَ أضـلاعي الـمنونُ

وَكـنْـتِ عَـرَفْتِ أنّـي كـنْتُ شـيئًا
ولا أدري بــحــبِّـكِ مـــــا أَكــــونُ

فــأوثـقْـتِ الــفــؤادَ بِـغـيـر قــيـدٍ
فَـــذَلَّ الـقـلـبُ وانـقـطعَ الـوتـينُ

ولـــي فــخـرٌ إذا مـــا ذَلَّ قـلـبي
ويَـسمو بـي إلـى الأعلى جبينُ

ولـكـن كـيـفَ يـحـيا الـقـلبُ حـرًّا
وحــبُّـكِ طـاعـنٌ وأنــا الـطَّـعينُ؟!

وحـيثُ أقـيمُ قدْ أصبحتُ سجنًا..
أنــا حــرٌّ، وقـلبي بـي سـجينُ؟!

رويــدَكِ إنَّ فــي صــدري حـصارًا
وغـيـرُكِ أنـتِ مَـنْ ذاك الـمعينُ؟!

أزيـلي الـحَظْرَ عنْ حبّي، فقلبي
بــمـا فـعَـلَـتْ يــداكِ بــهِ رَهـيـنُ

فــــلا أمــــرٌ ولا نــهْــيٌ لـحـبّـي
وحُــبُّــكِ أمــــرُهُ كــــافٌ ونــــونُ

ولـسـتُ أنــا سـوى عـبدٍ مـطيعٍ
إذا مـا قـلْتِ: " كـنْ عبْدي" أكونُ

فـقـالت: مَــهْ، فــلاتَ أوانَ حــبٍّ
ولــكـنَّ الـحـديـثَ لـــه شــجـونُ

ألـسـتُ بـنـصفِ عـقلٍ أو بـرُبعٍ؟!
فـبعْضُ الـعقلِ فـي حـبّي مـتينُ

ولــكـنّ الـمـصـيبة فـــي عـقـولٍ
بــرغـم الــتَّـمّ أنـقـصَـها الـجـنونُ

فـكـيـفَ تــقـولُ قــولاً دونَ عـلْـمٍ
ولـيـسَ لـمـثْلِكَ الـعلمُ الـيقينُ؟!

فــلا أنــتَ المُــعَـلِّـمُ دونَ فــهْـمٍ
ولا أنـــــتَ البـيــانُ ولا المُـبـيـنُ

أأمُّـكَ مِـنْ ذواتِ النقصِ كانت..؟!
ومَـــنْ تـلـدُ الـنـواقِصُ فـهْـوَ دُونُ

فَـيـا عـجَبًا لِـذي فـهْمٍ سَـقيمِ..!
كـفى جـهلاً.. فـما لـلجهْلِ دينُ!

يُـعَـلّـمُ أمّـــهُ مَـــنْ كـــانَ غَـمْـرًا
ويـمـنَحُها الـحِـجا طـفلٌ جـنينُ؟!

أَنَـاقِـصَـةٌ وتُـنْـجـبُ فــيـهِ عــقـلاً
فـكـانتْ لابْـنِـها نـعْـم الـمـعينُ؟!

فـــلا تـنـشدْ بـغـير الـعـقل حـبًّـا
فــإنّ الـعقلَ ذا الـحصنُ الـحصينُ

ولا تَـضـربْ عَـلـى قـلبي شـباكاً
فــإنّ الـقـلبَ فـي عـقلي أمـينُ

وَمَــن رأتِ الـهـوى فـيـكمْ هَـوانًا
فــلــيـس يــروقُـهـا إلا الــمَـنـونُ

فــكــلّ غــرامـكـم قَـــولٌ هُـــراءٌ
وحــبّـي وحـــدهُ الـحـبُّ الـيـقينُ

فَـهل جـرّبتَ طـعمَ الـحبِّ فعلاً!؟
بــربّـكَ مــا الـهـوى مــاءٌ وطـيـنٌ

ومـــا لــلـوَرْدِ عِــنـدَكَ أيُّ عِــطْـرٍ
ولـــمْ يَـعْـبَـقْ لـدَيـكَ الـيـاسمينُ

إذا جــرّبــتَ مـــا عـانـيـتُ حُــبًّـا
سـتـعلمُ مَــنْ أكـونُ ومـن تَـكونُ

أصـونُ.. ولـنْ أخـونَ الـحبَّ حتّى
ولَـو أخْـنَى على نفْسي الجُنونُ

أصــونُ.. ولــمْ تَـصُـنْ.. إلا ادّعــاءً
ولـيـسَ مَــن ادَّعــى حـبًّا يَـصونُ

فــلـو عُـلِّـقْـتَ يـومًـا ألــفَ قـلـبٍ
لـخُـنْـتَ الألــفَ يـتْـبعُها الـمِـئينُ

وإنْ مَـنـعوا الـخـيانةَ عـنْـكَ يـومًـا
فـقـلـبُكَ بـعـضُـه بـعـضًـا يــخـونُ

د.كوكب دياب


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى