الاثنين ٣١ آذار (مارس) ٢٠٠٨
بقلم أحمد مظهر سعدو

حفلة طلاق

نعم هي حفلة طلاق .. رواية أدبية عربية للكاتب الصحراوي مصطفى الكتاب صدرت مؤخراً في دمشق عن مؤسسة الطباعة التصويرية عنوانها جديد - حفلة طلاق – وقد جاءت ضمن 87 صفحة من القطع المتوسط..

فبعد الأجزاء الثلاثة من روايته الشهيرة (أوتاد الأرض) ها هو مصطفى الكتاب يعاود الغوص في الحالة الشعبية الصحراوية كمجتمع عربي له ميزاته وخواصه، خارج سياقات مجتمعات أخرى.

هذه المرة وفي الرواية التي بين أيدينا هذه، ويتساءل الكاتب عن أهمية – حفلة طلاق- كمسألة غير مألوفة لدى المجتمعات العربية الأخرى.. ويجيب أنها - أي الحفلة- طقس اجتماعي يمارس في الصحراء الغربية كإعلان مجتمعي صريح عن استئناف الحياة الجديدة للمرأة رفضاً لأن تبقى ممهورة الجبين بخاتم الذل المثبت لوصمة العار مدى الحياة. وهو إعلان عن تعدد وتنوع دروب الحياة التي تتيح فرصة وحق اختيار الطريق الذي قد يجنب سالكته تجرع عذابات خفية .

في لغته الروائية الجزلة، وانسيابية قصه التأريخي الملون بتشظيات البعد السياسي للقضية.. يحلق غير متعب في ملكوت سسيولوجيا الواقع الصحراوي المضمخ بالمعاناة والعوز والشتاة .. وفي سياق عذابات المرأة الصحراوية يخرج المارد العربي في حالة تحدٍ غير مسبوق لشظف العيش ، وقر الشمس ، وعوامل المناخ الصحراوي المتقلب.. لكنه الأصعب..

يجوب مصطفى الكتاب الصحراء جيئة وذهاباً.. يهمهم مع شخوصه أو يعلن بصوت عالٍ مع آخرين، يثير فضولنا كقراء ، كما يحفز حالة النقد الأدبي لتلامس تلابيب انجدال المعنى كوقع الصياصي في النسيج المحدد- وبقدرة حكائية مبهرة يتركنا أمام الحقائق الحلوة المرة أحياناً أخرى، ليحكي قصة شعب مابرح منهكاً في إعداد الشاي الأخضر الذي بات في حكاياته تلك، معلماً بل راية تشير إلى ماهية المعطى الوطني المختلف ، لكنه المميز، في إطار الإعداد لمستقبلات الأيام القادمة، والتي تتبعثر حروفها معلنة انبثاق فجر عربي لابد آتٍ.. تشارك فيه امرأة عربية صحراوية ليست بالمتسلطة، بقدر مأنها ليست بالمنسحقة أمام صخور الواقع الشائك.

 حفلة طلاق - لم تكن إلا كلمة السر لحاسوب الأيام الصعبة العربي القادم برغم الألم والغربة والأحزان - فقد - اختطفت الحرب زوجي ، وعمي وأخي وفي ظرف أسبوع، قصمت ظهري، وبقيت أمام أبوين مفجوعين ، وحماة مكلومة القلب ، وأرملة أخ تعيل ثلاثة أبناء. لم أجد رجلاً مستعداً لمسح دمعة الحزن- هكذا أنطق أبطال حققته، وبهذا الوشاح من الألم والحزن حاول أن يوصل شخوصه للقارئ .. لكنه أبداً لم يكن إلا متفائلاً بمستقبل جديد مليء بالثقة وصريح دون تلكؤ - فعندما ينمو - الجنين في أحشائها – يزيدها ألماً لأنها لاتدرك ولا تعرف إلى أين يسير الزمن.

ربما يكون الأديب _الكتاب_ لم يستطيع أن يخرج من أسر الرواية التاريخية ملازة الأولى من ثلاثيته تلك، وربما أنه يحكم المولد والمعايشة للقضية الصحراوية. يبقى مرهونا بحواف وجدران العسكريتاريا السياسية العربية الرثة. في بعض الأحيان.. إلا أنه ويحق قد عكس في روايته الجديدة معاناة المرأة في مخيمات اللجوء ، مضافاً إلى ذلك دورها الواضح في عملية البناء المجتمعي .

المعجون بعصرنة التجربة الصحراوية، المتخادج مع حياة البدو في أي صحراء عربية.. وفي عالم مازال يمارس العنف ضد المرأة في الشرق والغرب بنفس القدر، يبرز الكاتب انبعاثات أمل أخرى وحالات في دور للمرأة العربية كما مالم نشاهده أو نعايشه مع مجتمعات عربية أخرى تدعي ملامسة الحضارة الغربية.. وتتمسح بقشور الحضارة الثقافية في الغرب .. التي تمسح العقول لدى شرائح كبيرة من شرائح المجتمعات العربية في مشرق الوطن العربي وكذلك في مغربه.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى