الاثنين ١٠ نيسان (أبريل) ٢٠٠٦
بقلم توفيق الحاج

ساخرا.... مازلت ‏بيننا..!!

لا أحب المؤبنين وأراهم كصبيان ‏بلهاء لحانوتي محترف وبالتالي لا ‏أرغب في تمسيد تراب القبر ورشه ‏بالماء وخاصة اذا كان لنبي يقطر ‏مرارة وسخرية من الطقوس ‏الفارغة..!!‏

أسألني..هل غادر الماغوط من ‏متردم..‏
وقهوته لا تزال على الاريكةدافئة ‏وسيجارته المشتعلة دوما لم يطفئها ‏الفعل المضارع بعدببروده القاتل..؟!!‏

هل غادرنا صاحب الفرح ليس ‏مهنتي..والحزن في ضوء القمر جادة ‏قصيدة النثر ورحل مع الراحلين بلا ‏أسف أو أثر..؟!!‏
هل غادرنا الساخط.. الغاضب.. ‏الساخر..الجامح.. المهزوم.. الحاد ‏في كتابه الممنوع "سأخون وطني ‏‏"..؟!!‏

أعترف لك ياماغوط وجسدك لايزال ‏طريا أني لم أتذوق طعم الهزيمة الا ‏من صحن سخريتك المتبل بمرارة ‏شامية نادرة ولم ابك ضاحكا الا ‏عندما تناثرت كلماتك الضارية على ‏لسان "غوار" ذلك المسكين ‏المخدوع بماضيه وحاضره ومستقبله
وأعترف أيضا اني تتلمذت دون اذنك ‏على حضور مفرداتك وجموح افكارك ‏وقدرتك الفائقة على امتطاء الشعر ‏دون شعر ..!!‏

لم أدر انك تسربت من خلالي لغة ‏ونكهة وذائقة.. الا عندما ابتعدت ‏كثيرا عن غربة وضيعة تشرين ‏وكاسك ياوطن..!!‏
وعندما حاولت أن اشق طريقا ‏صغيرا..متواضعا لي بين أمثالك من ‏الحفاة العمالقة‏

أحسست دائما بانتصارك في على ‏مقامات السرب ..وتملق الغربان ‏للسلطان..‏
كنت ولازلت تنهرني عندما أضعف ‏قليلا أمام صحيفة عثمانية أو دار ‏نشر يمتطيها موظف برتبة جاهل..!!‏

تمسكت بك في غضبي ..واستعرت ‏سطوعك عندما عضني الحال العربي ‏وأحرق قصائدي الحالمة عن الثورة ‏والثائرين ‏

ولجأت اليك في شرودي.. متهيئا ‏في حضورك لقصيدة أنثى كلما ‏أيقنت من استقبالها تفر من ‏مخيلتي.. هازئة

عاتب عليك جدا..‏
أيها الماغوط..!!‏
ليس من عادتك أن تفارق صامتا ‏دون ان تلقي على من أحبوك ‏التحية..!! ‏
وليس من عادتك أن تترك سماعة ‏التليفون دون رد حتى ولو أخذك منا ‏السرطان ببطئه السمج الثقيل..!!‏

لم أحب أبدا ان أدس انفي في ‏دفاترك الخاصة..ولكنني ادركت ومنذ ‏عشرين عاما انك تتوق للسفر الاخير
فما أوحش العالم الكبير بعد رحيل ‏زهرتك ..ورفيقتك سنية

اثنان وسبعون عاما من السلمية ‏الى لندن..‏
رحلة الساخر المسافر..الذي حدثنا ‏فأضحكنا وعرانا فأبكانا..وقدم لنا ‏حديقته من أزهارالشوك والرمان ‏فلم نبارح بعدسورها..‏

اثنان وسبعون عاما تختلط فيها الصور ‏قبيل الايذان بانزال الستار على ‏الجسد..طفولة شقية..غواية دمشق ‏لشاب قروي.. قسوة الضيافة في ‏المعتقل.. وقفة مقلوبة على الحدود ‏‏..فضاء بيروت البهي..تقاطعات البرق ‏مع أدونيس ودريد.. معارك الكلام.. ‏وجه شاعرة صبوح.. غربة حتى ‏النهاية للفارس العربي في صحراء ‏لندن

أيها الماغوط..‏
كفى.. قبل ان تغلبني دمعة نافرة ‏‏..فتضحك على وتنهرني كعادتك ‏الدمشقية المحببة.‏
أيها الماغوط..‏
سلاما اليك..ساخرا....ما زلت بيننا..!!‏


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى