الخميس ١٦ آب (أغسطس) ٢٠٠٧

شارع موريتاني يرفض قصيدة النثر

حاوره المختار سالم - عن الخليج

الدو ولد بنيوك، شاعر موريتاني شاب، ولد وترعرع في بيت مفعم بحب الثقافة العربية الأصيلة، حيث كان والده من رواة الشعر العربي ومن مبدعيه، وكان بيته محج كبار الأدباء والمبدعين الموريتانيين.

خلال الفترة الأخيرة تسيد هذا الشاب ساحة الجيل الشعري الجديد في موريتانيا، وأسس “نادي الشعراء الموريتانيين الشباب” الذي أثرى الساحة الموريتانية بالأماسي الشعرية وبث في القصيدة الموريتانية دماء جديدة يتوقع النقاد أن يكون لها شأن ذات يوم.

“الخليج” التقت الشاعر الدو ولد بنيوك بالعاصمة نواكشوط، وأجرت معه الحوار التالي:

 لماذا رابطة للشعراء الشباب إلى جانب رابطة الأدباء؟

 نادي الشعراء الموريتانيين الشباب، كان في فترة من الفترات مطلبا ملحا لأن البعض كان يعيب على رابطة الأدباء والكتاب الموريتانيين أنها ليست إلا مجرد قناع يختفي وراءه النظام ويصرفه حيث ينبغي أن ينصرف، ويعبر عما يدور في البلاط يخدم الحملات.

غير أنه ومع التحولات السياسية التي شهدتها البلاد في الفترة الأخيرة، بدأت الأمور تسير في الاتجاه الصحيح، وبدأت الرابطة تصحح مسارها، وأنا هنا لا أنتقد الرابطة على ذلك الموقف، بل أشكرها عليه، لأنها على الأقل حافظت للأدباء على كيان كان يراد له أن ينخرم.

 ما علاقة هذا النادي بالرابطة؟

 كلمتي في المؤتمر التأسيسي لنادي الشعراء الموريتانيين الشباب، قلت فيها إن هذا النادي يمثل الدرجة الثانية من الرابطة، يمارس فيه الشعراء الشباب هواياتهم، ويتمرنون فيه على فنون الشعر ويتلقفونه من الأدباء الحقيقيين المنتمين إلى رابطة الأدباء والكتاب الموريتانيين، وذلك عن طريق المهرجانات والأنشطة التي تنظمها الرابطة، وعن طريق المسابقات التي نظمها النادي وكانت لجنة التحكيم فيها تضم أهم عناصر الرابطة، وسوف يأتي اليوم الذي ينضمون فيه إلى الرابطة، بعد أن يتمرسوا على الشعر ويطورون قدراتهم.

 كم يبلغ عدد منتسبي النادي، وما هي مصادر دعمه؟

 لم نفتح بعد باب الانتساب للنادي، حتى نتمكن من معرفة العدد الكلي لمنتسبيه، لأننا لم نتمكن بوسائلنا الخاصة من التهيئة لمؤتمر ناجح، ونحن نصبو دائما للنجاح، ولن نمني الشعراء بما لا يمكننا تنفيذه.

 من أثر فيك من الشعراء الموريتانيين؟

 كان اسم أحمدو ولد عبد القادر، يتردد صداه في كل الأوساط الأدبية الموريتانية، هو من أثر تأثيرا كبيرا في تجربتي الشعرية.

 بماذا بدأت باكورة إنتاجك، بالعمودي أم بالقصيدة الحرة؟

 في البدايات الأولى كتبت القصيدة العمودية، وفي مرحلة الدراسة الجامعية بدأت أكتب قصيدة التفعيلة، أما القصيدة النثرية فلا أكتبها؟

لماذا؟

 لأنني لا أؤمن بها كشعر.

 بعض رواد الجيل الكلاسيكي من الشعراء العرب كانوا يرفضون شعر التفعيلة، ثم قبلوه على مضض، فهل يأتي أيضا اليوم الذي تقبلون فيه القصيدة النثرية كشعر أو كموضة؟

 لا أحب أن يطلق على هذه الثورة الفاشلة موضة، لأن كلمة موضة تجعلها براقة وجذابة، وتعطيها قيمة أدبية.

 في نظرك، على أي شاطئ سترسو القصيدة العربية في رحلتها التطورية، هل سيكون النمط النثري في المحطة الأخيرة؟

 أرى أن القصيدة العربية لما تأخذ شكلها النهائي، لأن الأمة العربية كغيرها من الأمم - لم تتبلور ثقافتها المعاصرة في شكلها النهائي وعلى رأس تلك الثقافة الشعر - ولن يكون ذلك إلا باستقلالها واستقرارها السياسي.. وأمتنا لم تستقر بعد.

 عندما تستقل البلاد العربية، وتستقر الذائقة الجمعية على قرار، وتكون لها الكلمة الفصل، سيكون الجواب على هذا السؤال ممكننا، أما ونجن نعيش تبعية عمياء، ونجري وراء كل موضة في الغرب، فلا يمكن للقصيدة العربية أن ترسو على شاطئها النهائي..

 لكن يقولون المبدع لا يبدع إلا في أحلك الظروف؟

 طبعا، المبدع يصادف لحظاته الإبداعية في أحلك الظروف، لكن أنا وكل المثقفين والمبدعين العرب يعيشون حالة إحباط، وكل البلاد العربية تعيش حالة إحباط، لذا أنا مقتنع بأن المسار الحقيقي الذي ستقف عليه القصيدة العربية لا تتوافر شروطه اليوم، وإنما سيكون في فترة ازدهار ثقافي وحضاري، وستأتي هذه اللحظة حتما.

 لماذا ترفض القصيدة النثرية؟

 لأنني أؤمن بالعبقرية العربية الخلاقة، وأهيب بها أن تنزل إلى هذا المستوى، وأعتقد أن كل مواطن عربي قادر على الكتابة النثرية، وأن الكتابة النثرية لا تحقق الشعرية.

 بعض النقاد يقولون إنكم ستعودون إلى القصيدة النثرية، كما عاد أسلافكم الى قصيدة التفعيلة بعد أن رفضوها فترة طويلة؟

 قصيدة التفعيلة مبنية على قالب أو مبنى من خلاله تتحقق الشعرية، وهي ترتبط بوحدة عضوية هو نظام التفعيلة الذي يجعل من تلك الترنيمة أو التعويذة شعرا، أما القصيدة النثرية فلا تحقق ما نصبو إليه، إذ لا بد من وجود وحدة لتنتظم القصيدة..

 أنت من الجيل الجديد الذي ما زالت تجربته في طور النشأة، كيف تقدم تجربتك للقارئ العربي؟

 أقدمها للقارئ وهي لا تزال مرتبكة، لأن الصورة الشعرية التي يريد الشباب الموريتاني أن ينقلها للآخر ما زالت تتأرجح بين رافدين: الرافد القديم والرافد الحديث، ولم تتشكل الصورة الحقيقية والتي إن تشكلت سيكون للشعراء الموريتانيين الشباب شأن يتحدث عنه القاصي والداني.

وخير دليل على ذلك ما حققه محمد ولد الطالب اليوم من تألق، ولما كان في المرحلة التي نحن فيها اليوم، كان يتأرج بين هذين الرافدين، ولما تخلص من عقدة الرافد القديم، وأخذ يكتب الكتابة الحقيقية، ولما تخلص من التراكمات القديمة بدأ يتألق.

 هل السبب في هذا الارتباك عائد إلى أن المجتمع الموريتاني ما زال يحب القديم؟

الشاعر الموريتاني اليوم يكتب نصوصه الحديثة لنفسه، المهرجانات التي تنظمها رابطة الأدباء تجد نفسك وأنت أمام النخبة ولا يمكنك أن تكمل نصك الشعري إذا كان حداثيا، فكيف بك إذا كنت أمام عامة الناس.

 أنت كشاعر موريتاني حديث نلمس في شعرك القلق والوجع العربي، الضياع والتشتت؟

 السبب هو أننا نعيش تبعية، لا نزال مكبلين بها، تجثم علينا في بيوتنا وفي رؤانا وفي أفكارنا، وفي مدارسنا، وفي فضاءاتنا بكل تجلياتها، ونتغاضى عنها، ولا نعبر عنها ما جعل قصائدنا تتلعثم محاولة التعبير عنه، وهي لا تستطيع ذلك، وما أعذب أنها لن تستطيع

حاوره المختار سالم - عن الخليج

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى