الأربعاء ٢١ أيار (مايو) ٢٠٠٨
بقلم توفيق العيسى

عيناك تفاصيل المكان

صارت عيناك جزءا من تفاصيل المكان، أُسأل عنهما إذا ما غبتي وكلما حضرت دونك، صخب المقهى، ثرثرة الكراسي، صوت فيروز، إيقاع المطر، حتى النادل، بكثير من الإحراج يقدم لي القهوة ويسألني عنك على استحياء.

وقع خطى الداخلين إلى المقهى يشعرني بالوحدة وفراغ الكأسين.

تكفيني الآن ضحكة أو همسة حبيبين كي أشعر بالحزن أكثر وأنسحب بهدوء تاركا المقهى لمن يستحقونه.

تكفيني همسة حبيبين وشعر ينساب على جسد إمرأة مثل أريج الفجر ونبيذ يشتعل على شفتين هادئتين يطرب لهما الكأس وروحي من بعيد تطرب أيضا معهما، ليشتعل الناي بقلبي فأخرج إلى الشوارع المبللة ليلا ، وحيدا دونما تردد... وحزينا دونما تردد...

مطر على شباك القمر يهذي، قمر على إيقاع المطر، وكنت أؤرخ فيك ولادتي أؤرخها ما بين العينين ما بين عنق وشفتين، سيدتي كم كنا بحاجة للصمت كثيرا قبل الكلام.

وعلى وقع المزاريب أعلن انني هجرت الشعر، عفوا – هجرني الشعر- أمشي على مهل في الشوارع البائسة، أبحث في عتمة المدينة عن شيء لا أعرفه، عن شيء أحسه كلما غنى المطر، أبحث عن لحن خبأته يوما في خصلة شعرك، يامن تقتحم علي الليل، تقتحم المقهى، تحتل تفاصيل القصيدة، يا من ينام ( الرجز) في شعرها وتقطر (هزجا) عيناها، إني أهرب منك وأبحث عن قافية أخرى وروي آخر... ومقهى آخر.

مقهى لا يرتاده العشاق، لا يعرف طعم العشق، يحترف الألوان... كل الألوان... إلا لون العشق، مقهى لايعرف العشاق ولا يعرف عينيك، سأقف فيه وأعلن أني هجرت الشعر، كفرت به كما كفرت بلون الزهر على شفتيك.

لن أرتحل بعد اليوم، سأبدل المنافي بالمقاهي، وحقيبة سفري سأطعمها للريح والنسيان، سأبحث عمن تشعل بياض الصفحة ولا ترحل أو ترحل ولا تأخذ معها الكلمات.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى