السبت ١١ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠٠٨
بقلم عمر حكمت الخولي

غربة وطن

حين شعر الوطنُ باغترابه، كُتبتْ هذه السطور!

في اغترابي
أقسمُ الأحلامَ بينَ العاشقينْ
كرغيفِ الخبزِ، والزيتونِ
وشعاراتِ انتسابي
لحزامٍ ناسفٍ يُردي شبابي
بعدَ عُمْرٍ يتخفَّى كالسَّجينْ
ويصلِّي حُلُمُ المسجونِ
فالحبُّ الذي قدْ علَّمَتْني غربتي
يرعى جنوني
بلْ ويرعى حفنةَ الماضي الحزينْ
في اغترابي
يومَ أحببتُ فتاةً
كالقمرْ
عينٌ لربٍّ
لا بشرْ
نهدُ السَّماءِ نهدُها
حربُ عشقٍ لا تذرْ
حاربتْ شوقَ السِّنينْ
أدركتْ نفسي مناها
أدركتْ عيني النَّظرْ
فاللَّيالي في انتظارٍ للمطرْ
وفؤادي
في اختبارٍ حرَّقَ العشقَ الثَّمينْ.
 
في اغترابي
قرأتْ عيني مجلاتِ المدائحْ
ثمَّ نامتْ في المساءْ
سمعتْ أذني بياناتِ المذابحْ
والفضائيَّاتُ غنَّتْ للفضائحْ
ثمَّ صلَّتْ للنِّساءْ
فتعلَّمتْ
أنَّ أرضي
طفلةٌ ترعى قضيَّة
أمَّةٌ، لا بلْ صبيَّة
والصَّدى في مسمعيَّا
ردَّدَ الحزنَ الكبيرْ
فهوانا لا يُدانى
قدْ هوينا الأرجوانَا
قدْ هوينا دمنا فوقَ الكفنْ
وعشيقاتِ الأميرْ
قدْ هوينا ظلمةً لفَّتْ وطنْ
ثمَّ نمنا عندما جفَّ الزَّمنْ
وفقدنا أرضنا بعدَ الأثيرْ
في اغترابي قدْ علمتْ
أنَّ أرضي المشرقيَّة
طفلةٌ ترعى القضيَّة
فوَأدْنا طفلةَ الأرضِ ورحنا
نشتكي ظلمَ الوزيرْ.
 
كيفَ نحيا في بلادٍ رسمتْ أشكالنا دونَ الهويَّة؟
كيفَ نحيا في زمانٍ نسيَ الأحلامَ بعدَ الشَّاعريَّة؟
كيفَ نحيا يا إلهي
إنْ نبيُّ اللهِ يوماً قدْ أتانا؟
كيفَ نحيا يا إلهي
إنْ توحَّدنا عشيَّة
دونَ أنْ يرضى سوانا؟
كيفَ نحيا يا إلهي
في اغترابٍ قدْ هوى فوقَ العبادْ؟
كيفَ نحيا في اغترابٍ
وبلادي بعدها ما مِنْ بلادْ؟
إننا يا زمنَ الأشكالِ والألوانِ نحيا
تحتَ أثقالِ المهانة
أمَّتي، مثلي أنا – في غربتي –
قدْ توفَّينا كلانا.
 
في اغترابي
أدركتْ نفسي ملفَّاتِ القضيَّة
ليسَ ذنبَ الغربِ إنْ عادى الدِّيارْ
ليسَ ذنبَ اللَّيلِ إنْ ماتَ النَّهارْ
ليسَ ذنبَ الموتِ، نحنُ البندقيَّة
فشعوبِ الأرضِ تحكي
عنْ هوانٍ في نفوسِ العُرْبِ يكمُنْ
عنْ ربا فيها تعيشُ القِبَليَّة
عنْ أبٍ في مرقصِ الآثامِ يسكُنْ
عنْ أخ ٍ باعَ التَّحدِّي والحميَّة
ليسَ ذنبَ الغربِ إنْ هدَّ الرَّوابي
ليسَ ذنبَ الأرضِ إنْ صدَّتْ إيابي
فذنوبُ العُرْبِ تربو
ونتاجُ الغربِ يحبو
نحوَ آفاقٍ أبيَّة.
 
أمَّتي بنتٌ سترعاها القضيَّة
أمَّتي قدْ أصبحتْ حقاً سبيَّة
وستمسي غربتي دارَ السَّلامْ
يسكنُ اللهُ بقربي
يكبرُ العشقُ بقلبي
وأغنِّي كلَّما نامَ الأنامْ
أغنياتٍ لبلادي المشرقيَّة
وستمسي قهوتي نورَ الحضارة
أعينٌ ترعى السرورْ
وستمسي أرضنا أرضَ الحجارة
ظلمةً حيلتْ لنورْ
عندما زارتْ رباها بندقيَّة.

صالة العرض


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى