الثلاثاء ٢٧ أيار (مايو) ٢٠٠٨

في أحضان الهاوية

بقلم: حمزة البوزيدي

إنه صبح جديد ، ألوان أخرى، وجو يثير في قشعريرة الحياة، بشعور مختلف وبرد عجيب . ينتظرني يوم حافل ، ينتظرني بالمنعطف ألاف الأسئلة عن الحاضر والمستقبل وآلاف الدمعات التي تسدل دون ضجيج على ماض مر، وقد تسدل على حاضر مر . بقلبي لا تزال هناك الكثير من الأشياء لم ترتب ولم تأخذ مكانها الصحيح ،ربما لأن الزمن زمن الفوضى، ومن المستحيل أن تنظم داخلك وحولك فوضى التطلع إلى الداخل والخارج تسائلك ، سوف أنطلق الآن لعالم أخر فخذني إليه دون أسف....
سأتشتت مع أشعة الشمس المشرقة.

ستتنهد بكل إمكانياتك بعدما راجعتك الأنفاس الهاربة منك، تود لو تخنقك بسمومها وتضع حدا لهذا الاختلاط الرهيب هنا وهناك والتداخل المنذر بالوبال لأحاسيسك.

حتى متى ستحس بالحزن من كل شيء ومن اللاشيء، حتى متى ستقتل فرحك ببضع كلمات، وأحاسيس مشتتة هنا وهناك، وتوجسات مريضة ممرضة، حتى متى سترسم الألم في خطوط جبينك وفي عروق كفيك،حتى متى لن ترى كوة ضوء منفلتة من عوالم الظلام.

حدثيني أيتها الذات البئيسة عما تبحثين ،إنك هنا بعيدا عن الكل ،حتى عن طينك راحلة، بجبال الأطلس كان طوافك وبنسماته العليلة تأثرت،بخرير شلالاته آمنت أننا نتاج دهشة الكون من نفسه وتلاشينا نتاج اكتمال دهشته منا وكل عمرنا نتاج دهشتنا منه...

لشدة ما احتجت للشعور بالبرد نزعت ردائي أملا في لسعات أخرى قبل أن أفقدها للأبد،أحس وأنا قابع هنا بين هذه الجدران الليلية أنني قد انحزت شيئا ما لمؤامرة الصمت تجاه ما يحدث في الخارج من جنون مطلق لذيذ ونادر، فهو مختص بفئة قليلة أثرت وحدتها على الصداقات التي تفيض نفاقا ومجاملات فارغة، تمثل المجتمع في نسخته المتوحشة الطبيعية التي لم تدنسها الأحداث التاريخية بعد.

أتاك الزمن حاملا كل سخطه، أوقفك عند حدود الحافةّ، ماتبقى منك غير خطوة نحو المجد أو الهاوية، تلتفت باحثا عمن كانوا، ذات يوم معك، يبنون معا الهاوية ويشيدون الصرح الذي هوى، تطأ بقدمك ظهورهم دون أن تدري، قد فضهم الزمن من حولك، فارفع صوتك، ليس هناك من سياج حولك، سوى الوهم القاتل، واللحظات المغرقة في السادية ...
إنها الهاوية ، فاحذر أن تضع الخطوة، ستليها....ليست خطوات، إنما سقوط نحو الأعماق، لا تمشي فوق الهواء، افتح مقلتيك، وضب أشياءك وارتمي بحرية.... في أحضان الهاوية.

لا تملك سوى أن تواجه الفشل ببسمة لا تشي بإحساس، تلتهم ما أمامك وكأنك تسابق القدر للحظة معينة، تحس أنك ضد تيار اللحظة، وأنك تصارع كي لا تغرق بهذا الإعصار الطارئ عليك وتحس بأنفاسك تختنق غصبا عنك ، وذاتك تتوزع أطرافا مخاصمة لبعضها، ترفع عينيك للسماء علها تجود بخيط رفيع من ضياء ينتشلك...

في انتظارك للمجهول تبحث عن ملجأ يعصمك من طوفان من يحيطون بك، يحاولون التلهي بالثرثرة عن لحظتهم الانية، وبالسخرية المترفعة أحيانا عمن يتربصون بهم، تحاول أن تنحث لنفسك كهفا يؤويك، قد تؤثثه بظلمتك التي اعتدتها وقد تسرب إليها شعاعا من الأمل القادم. وبين هذا وذاك يزل القلم ليصنع المستقبل بعدما عجز عن تغيير الماضي .تشير إليك ألا تنسى، وتشير إليها بأنه النعمة التي دامت بفضلها الحياة .بيمناك كانت وبيسراك كان.

لا تغامر فكف الحياة التي كانت ممدودة قطعت منذ زمن واليد الممدودة قبضت والشفتين المبتسمتين كادت تلتهمهما الاسنان من فرط الغيظ.

ستبقى المأساة حاضرة تطاردني في دروب السماء وأزقة بلدتي الطويلة والضيقة ،أتحرك هنا وهناك، أراوغ نجوم السماء، أختفي تحت ظلال الضباب، أمرق من تحت الحيطان الخربة وأعيد عد أيامي.

قوي قلبك وتمسك بحبل من غضب،قل للسماء أنا هنا دوما سأبقى، بدوامة لا تنجلي من ضياع، وحب من خواء، وخوف من فراغ، صورك العديدة تملأ ذاكرتي ،.... أفرش زهورا للأمطار المنهمرة وافتح صدرك لكل شهاب ساقط، سنروي تربنا بدماء طرية ونقول وداعا لكل أنشودة صادحة من عصافير الصحراء.

بقلم: حمزة البوزيدي

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى