السبت ٢٦ نيسان (أبريل) ٢٠٠٨
بقلم حسن توفيق

من مقامات مجنون العرب

جلالة الامبراطور نيرون.. يفتش عما لدى المجنون.. من المخزون!

قبل انعقاد مؤتمره الصحفي بدقائق.. جلس المجنون يتأمل ما في العالم من حرائق.. وكيف تنهال أعتى الصواعق.. على الأشجار الواقفة في الحدائق.. وسمع المجنون صوت خروف يقول: ماء.. ماء.. لكن المجنون لم يعطه ولو قطرة واحدة من
الماء.. فتحول الخروف إلى ذئب.. ليس له أي قلب.. وأخذ يحاول الانقضاض على كل بيت.. وهو يصيح بأعلى صوت.. يا أيها المارقون.. أنا مبعوث جلالة الامبراطور نيرون!

رن التليفون.. في بيت المجنون.. فرفع السماعة.. بكل وداعة:

 آلو.. من أنت؟

= ألست أنت المجنون؟

 نعم.. ماذا تريد؟

= أنا جلالة الامبراطور نيرون

 أي خدمة؟!

= لقد قررت تشكيل لجنة كبيرة.. تفتش عما يدور في عقلك من نوايا شريرة.. خصوصا وأني أعرف أنك قاتل.. وعندك ما عندك من أسلحة الدمار الشامل.. ولهذا أريدك أن تتعاون مع اللجنة.. حتى تنجو مما أنت فيه من محنة!

 لكني متأكد أنك أنت يا نيرون القاتل.. وأنك تتعمد خلط الأوراق والمسائل.. لكي توقع غيرك في بئر من المشاكل.

= ما هذا الذي تقوله يا مجنون؟!

 يا نيرون.. أنت قتلت أمك ثم ذبحت زوجتك.. ولما أضعت بيديك هيبتك.. قمت باحراق روما القديمة.. وأخذت تسأل عن مرتكبي الجريمة!

.. لم يرتجف المجنون.. من مكالمة نيرون.. وخرج يتسكع في الطريق.. حيث سمع صوتا أشبه بصوت غريق.. فأرهف أذنيه.. وفتح عينيه.. ليكتشف أن الصوت صوت رَيَّال شِيبَة .. شكله ينبىء بألف عيبة وعيبة.. لكنه ريال من الأثرياء..
ويريد الزواج من فتاة حسناء.. محاولا اقناعها بالموافقة.. حتى لا تتعرض للملاحقة.. من الشبان الطائشين.. أو أن يتزوجها شاب متعلم لكنه فقير ومسكين.. وأخذ المجنون يستمع إلى الشيبة المختال.. بما لديه من أموال:

يا نظََرْ عيني .. تعالي نتزوجْ

كي تشوفي الكون في عينيك أبهج

و اعفسي الحب ودوسيه بجوتي

واكسري هذا التليفون المبهرجْ

كيف تبغين زواجا من فقيرٍ

جامعاتُ العلم قالت: قد تَخَرَّجْ

إنه ليس جديرا بفتاةٍ

جسمُها ايقاعُ سحرٍ يتموَّج

وأنا لست عجوزاً يا حياتي

فأنا بالمالِ أصبىَ مَنْ تزوَّجْ

دفتر الشيكات في جيبيَ أحلى

من حديث القلب عن حب تَوَهَّجْ

وسأعطيك أُلوفاً.. وألوفاً

فسخائي - دون حَدِّ - يتأجج

أسرعي الآن لكي أهديك ما لي

قبل أن يأتي الذي لا يتحرَّجْ

أسرعي حتى تكوني زوجة لي

قبل أن أشهد جسمي يتدحرجْ!

أنتِ طبيِّ ودوائي فتعالي

إنني الآن لقربي منك أحوجْ!

.. هذا الزواج لا يجوز.. هذا ما قاله المجنون وهو ينظر إلى أنف العجوز.. فتأكد له أنه أكبر من الكوز!.. وواصل المجنون المسيرة.. وهو يحس بقشعريرة.. وفجأة تمخض الصمت عن صوت كسر حاجز الصوت.. فاهتز كل بيت.. ثم هبطت من
السماء.. عصابة من القراصنة اللؤماء .. وكان في يد أحدهم خنجر مسنون.. بينما كان وجهه وجه شيطان ملعون.. وأخذ يقترب من المجنون ويصول ويجول.. وهو يقول:

 لقد سمعنا في بيتك صوت فرقعة.. ونحن نعرف أنك أنت الذي أثرتَ هذه الزوبعة!

.. تنبه المجنون أنه قد نسي فوق البوتاجاز.. وعاء فيه دجاجة من نوع ممتاز.. فقرر الرجوع إلى البيت في الحال.. لكن الشيطان المحتال.. دخل البيت قبله
ثم قال:

 لماذا تمتلك كل هذه السكاكين؟

= لكي أمزق بها أفخاذ الدجاج السمين.

 لكن ما لدينا من حكمة وعقل.. يؤكد أنك قد تستخدمها في القتل!

= قبل كل شيء.. قل لي من أنت؟.. ولماذا دخلت البيت؟

 ألا تعرفني يا مجنون؟!.. أنا مبعوث جلالة الامبراطور نيرون.. جئت لألقي عليك القبض.. حتى لا تعيث فسادا في الأرض!

جلالة الامبراطور نيرون.. يفتش عما لدى المجنون.. من المخزون!

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى