الاثنين ٢٥ شباط (فبراير) ٢٠٠٨

همســاتٌ روحانيّــة

بقلم: ضياء قصبجـي

• وقفت في ظلِّ شجرة سرو عالية تحاكي السماء .. مستندة إلى جذعها بطولي الذي لا يعادل جزءاً من قامتها .. و فيمَ أنا أفكِّر بسحرِ الطبيعة ، سمعتُها تهمس لي :

  لِـمَ لا تصعدين إليّ ..؟
  لِـمَ لا تنحنين أنتِ إليّ ..؟
  أنا أتباهى بشموخـي .
  وأنا أتباهى بما خُلِقتُ عليــه .

************

* نظرتُ إلى القمـر ، لمـّا كان بدراً يتلألأ في عظمـة السماء أفكِّر بالكـون وخالقه .
سمعتُ القمر يهمس لي :

  أنا أجمل منكِ .. بضوئي أنير الكـونَ ، وقلوبَ الناس .
  لكنَّني أجمل منك ، فأنا لا أتناقصُ .. بل أزداد علمـاً كلَّ يوم .

********

* في الأرض الخضراء الربيعيّة ، جلست أنظر إلى القّبـرة ، وهي تفرد جناحيـها وتطير سعيــدة
حتى حطَّت على غصن وردة ، أملأ عيني بسحرها وأستنشق عطرها .. سمعت القبرة تهمس لي :

  السماء ملكٌ لي والأشجار وقمم الجبال ، أنا أطير بحريّتي ، لا أحدَ يسجنني . قلتُ لها :
  أنا سجينةٌ لا أجنحة لي ، وليس لي من الأمكنة غير بيتي الصغير هذا .
لكنّني حين أغلق الباب خلفي ، لا يصطادني أيّ صيّـاد .

**********

• أمسكتُ القلم لأكتب خاطرة ، وصلتني من عالم الغيب .. سمعتُ القلم يهمس لي :

  أنا الذي أظهر الكامن ، أسجِّل التاريخ ، وأكتب القصص والشعر والروايات .
  لكنك لستَ شيئاً ، إذا لم تعانقكَ أناملي و تملأك أفكاري .

*********

* قبل خروجي من البيت ، أنظر إلى المرآة ، أُكَّحل عينيّ وأتزيّن ، سمعت المرآة تهمس لي .

  أنا الّتي أعكسُ لكِ صورةَ وجهكِ .. وأرتِّبُ لكِ مظهرك .
  لكنَّك لا تستطيعين أن تعكسي أنهار الزمرّد في أعماقي .
ّّّّّّّّّّّّّّّّّّّ
* وأنا أطبع قصصي ، أخزّنها ، أعود إليها ، أطبعها .. سمعت الحاسوب يهمس لي :

  أنا أيسِّر لكِ الكتابة ، أحفظ الأفكار ، أنقل المقاطع أقوم بمعجزات لا تستطيعين أنتِ القيام بها .
  لكنَّك تصبح شيئاً مهملاً ، إذا لم أصلك بالكهرباء .. ولم تعزف عليك أناملي .
ّّّّّّّّّّّّّّّّّّ
* اشتريتُ ساعة جديدة ، تنظِّم لي أوقاتي وطريقة حياتي ، أنظر إليها بين فترة وأخرى .. سمعتُ دقّاتها تهمس لي .
  لولاي ما عرفتِ مواعيد الأمسيات والندوات .. وما عرفت أوقات السحور وأوقات الصلاة .
  أعرف من سطوعِ الشمس ، وغيابها ، من دلوكِ اللَّيل ، وضوءِ الفجر .. و أستطيـع أن أزيلَ غروركِ ، إذا أزحتُ القطعة التي تستمدّين منها حياتك .
ّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّ
* جلستُ في منتصف جبلٍ أنظر إلى أزهار الوادي حيناً وإلى الغيوم أحياناً .. سمعتُ الجبل يهمس لي :
  أنا الجبلُ العظيم ، قمَّتي تناجي السماء ، وسفحي يصعد عليه الناس ، أنا أخشعُ للّه تعالى .
  لكنَّك ساكن مكانك لا تتحرّك ، وأنا الإنسان ، الذي فضَّلـه الله على مخلوقاته، أزورك ، ثم أسافــر فأشاهد النهر والبحر والبلدان الجميلة ، و ما فعلته يد الإنسان من إبـداع .. وفي حلّي وترحالي ، يسكن الإيمان قلـبي .. أشكـر الله أحبّـه .. و أناجيـه .
ّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّ
* في هدأة الليل قبيل أذان الفجر ، أحسستُ بهالات النور تنسكبُ في فؤادي ، قرأتُ القرآن الكـريم رأيت نفسي نقطةً صغـيرة ، أمامَ عظمةِ الخالق وكلامه .
مددتُ سجَّادة ، وسجدتُ للخالقِ بطواعيةٍ وحـبٍٍّ ورغبــة .

* وأنا جالسة قرب نهر جارٍ ينساب بعذوبة تنشد مياهه أناشيد حياة صافية هادئة ، سمعته يهمس لي :
  أنا الماء العذب الذي يروي الناس والبساتين والشجر والزهر .. أنا الذي أعكس صورة الوجوه الجميلة على صفحتي ، وأسير بتؤدة من مكانٍ إلى مكان ، على ذرّات مائي مرايا صغيرة تتلألأ بضوءِ الشمس وضياء القمر .. أنا الذي ذكرني الله سبحانه في القرآن قال :" جنات تجري من تحتها الأنهار " قلت له :

  أنت ساحرٌ وجميل ، لكنّك في الدنيا قد تغرق بعض الأطفال الذين جاءوا يستحمّون في مياهك
أنا أهرع لإنقاذهم ،وفي الآخرة ، أنت تجمّل الجنَّة للمتقّين من الناس ..وأنا أسعى لأكون منهم .

بقلم: ضياء قصبجـي

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى