الأربعاء ١٣ أيار (مايو) ٢٠٠٩
بقلم ليندة كامل

نهـــــــــــــــاية حلــــــــــــــم

أغرقها الشوق والحنين. وأسكن فؤادها عرش الذكريات الراكنة من سنين. تتمطى حداء أحزانها المريرة، تكبتها بين حنايا قلبها الغاص بالشحن. تنفرد مع نفسها. وتبني لها صرحا مليئا بتقلبات الزمن المنسوج بديباجة من القرف والكآبة تلفه على أعقابها، لتغلق كل الأبواب، والممرات أمامها.

وضعت حيزا يلف ذاتها فانطوت مع روحها. فلا تسمع لها همسا. كان الحزن قد طرق خوالجها بباقة من المرارة التي باتت تستنشق رائحتها. مند أن ثملت هواه وإلتصقت به مثل علقة في الأحشاء.

تتخبط في بحر من الدموع التي بالكاد لا تنقطع عن السيلان من أعماقها، نزلت عليها الكآبة الخرساء كستار حجب عن عينيها زينة الحياة بعذوبتها. فكانت مثل الأيام في الكانون الثاني. سماءها لا تعرف سوى دموعا منهمرة من عمق السواد الحالك المحلق في صدرها.

بكت أحزان، ولم تستطع أن تنفلت من العتمة التي إنزوت إليها قابعة بين طياتها مند أن طرق قلبها ولعا. فأسرته في أغواره الطامسة فصارت مثل الغريق المطور في طي السجل لا سبيل له من الفلاة. لقد بات القدر المحتوم.

وحيدة بدت وكئيبة مثل الخريف بأشجاره العارية،وبساتينه الجرداء. صارت روحها صحراء قاحلة مجردة من معالم الدفء، والاستقرار فكان جسدها يئن تحت وطأة الحمى التي أرعشت أطرفاها، إنه الخوف من المستقبل الآتي. . .؟

سقمت تيها وإنزواء باتت تقطع نفسها بنفسها وتصارع ذاتها بذاتها. . لو. . لو. . لما. . لما. . .
طعم واحد اسكن قلبها المنحور حرصما بمرارته ينضح آهات لا تنتهي من جوف ذات مرة كان مليئا بالولع لدنيا بما فيها.

تغير الحال وإنقلب الولع ولها فتقوقعت فيه كسلحفاة في سباتها الشتوي وسباتها كان طويلا لا حدود لنهايته.

الدنيا بمغرياتها لم تعد تعني لها شيئا دون ان يحلق طيفه في سمائها أوتبصره بطرف من عينيها لتتنعم بالراحة. . . وأين هي الراحة؟ في نفسها تيه يبحث عن مخرج من العتمة التي لفت روحها النقية، فلم تقدر على انتدهب بعيدا عن أصوار هواه المتراكمة في أعماقها، تختبئ بين طيات الأمل المدفون في قبومن الانتصار الدى صار انتحار لقلبها الأسير في بصيص من أكذوبة العشق.

حبا نبت في أغوار قلبها وعشعش، وكبر كبدرة رمتها أيادي القدر لتصير شجرة من الأسى والحزن والمرارة، تتسلق جذوعها وأطرافها دون أدنى تفكير بالعواقب، حتى لقيت حالها مرمية مثل كومة عضم منهوش، خطيئة واحدة دفعتها الى ان تنسى أحلامها وأيامها الملاح لتقبر نفسها عند حافة الانتظار، تقتلها الذكرى بقساوتها والتجربة بمآسيها، ولم تجد سبيلا لتناسي لقد كان يكبر بين أحشائها نتيجة دلك الارتباط الصدفي.
 ما من سبيل للخد بالثأر سوى الانتحار. .

ترددها بين شفتيها التي كانت ذات مرة كزهرة تتفتح عند أريج الصباح لا تتوقف عن التبسم في وجوه الآخرين لتعبق من حنياها، عزفا مليئا بأنغام تتراقص معه كل الأشياء الحلوة بلطا فتها وعنفوانا حتى تستفيق في اغلوطة سوداء لتجد نفسها أسيرة صدمة ارتداداتها كانت عنيفة من ان تحتمل. .

لقد إنفلتت من وخز الضمير، وجرت وراء الفوز بزوج يكون الضل الضليل لغدها وأنيسا لها في وحدتها، تحدت قائمة الممنوعات التي غرست في آناها التائه بين الحب وعذوبته والخوف من العنس وشقاءه

حتى لقت حالها ضحية لشخص لم يرى فيها سوى منبع لتحقيق أطماعه، ومسرحا ليلعب دور العاشق المتيم ولا يملك في نفسه إي شعور بالهوى إليها نفثها مثل سيجارة وأنها عمرها بين شفتيه ورمها الى قارعة مستقبل المجهول. . وليل غاريق في السواد.

إنتدبت عن الرؤى، وانطوت مع حالها تفكر في مآلها صورة أمها الحنون لا تفارق مخيلتها , وابتسامة أبيها الذي شارف على الستين تساورها مثل طيف مخنوق. .

لحظة واحدة كانت كافية ليتغير مجرى حياتها. . فلولا العناد؟ والتعنت في الر أي؟ تمزق نفسها.

كانت دائم تحلم بأحضان بيت يكتنف بالدفء والمحبة مع رفيق درب صادق أمين وبالضيف القادم الذي سيكون أنيسا لهما

تتذكر قول أمها المأثور (رأس مال المرأة شرفها إن ضاع ضاعت معه) هي الآن في ضياعها المميت
يمزقها الندم حال ما تتذكر أقاويل أمها الغالية. . تحاصرها الأحزان وليس أمامها سوى الانتحار أوالفرار. . . أين؟

ومرت الايام حتى جاءها المخاض (ليتني كنت نسيا منسيا) وبعيدا عن الأعين في مكان ما إنتدبت إليه في خلوتها لفته بجزء من ثوبها الرث. . . وأمام مزبلة. . وضعته بقلب منشطر الى مجهول قادمة إليه والى مجهول أرسلت فلذة كبدها نحوه. . وراحت تجر اديال الحزن وهي تتخفي من ضلها في أديم الليل وتنضر بطرف عينها وقلبها يردد رباه تبت إليك. . أحميه من شر البشر. . .

وعندما ادن الصبح خرج الناس من الصلاة سمعه إحدى المرة فحمله بين درعيه وقال إنه رزق من الله.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى