الثلاثاء ١ تموز (يوليو) ٢٠٠٨
بقلم الطاهر مرابعي

آخر الصعاليك

حين قرأ الآية "وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله" عرف أنه غير معني بها لذلك واصل طريقه دون أن يلتفت، لكنه قرّر أن يرفع راية الاجتهاد إلى أن يَصل إلى حيث ينوي؛ لماذا أكثر من في الأرض في ضلال؟ هل استولى الشيطان على قلوبهم وملك أرواحهم.. ثم أين الحق من هؤلاء جميعا، أفي أكثرهم أم في أقلّهم؟ من ينصب موازين العدل على الأرض إذا كان الخلق ضائعون إلى هذا الحدّ... تنفّس وقبل أن يسترجع ذاته، لفظ شيئا من محنه وكظم الأخرى حتى لا تخرج معها روحه... تململ.. وتراجع... أيُكمل مسيرته وهو لا يدري إلى أين؟... في تلك اللحظة بالضبط أدرك أن روحه جزء من جسده... كلاهما ضائع... وفي أي طريق... لا يعرفان لسبيلهما مَخرجا، منذ قليل كان يفكر مصرّا على ضياعه... كيف له أن يكون الأرشد والناس ضياع... أي متاهة ابتكر لروحه في بسط من أمره... آه يتنفسها للمرّة الألف، يبحث عن رَجل يلتقطه أو امرأة... من غياهب الضلال الذي اهتدى إليه... أنت لا محالة ضالّة عن الحياة، إلى متى تستمر في منافسة الرّكب... رحل القطار وغاب سرابه...

أنتَ عليك اللّعنة لما لم تركب... أترض لنفسك ركوب القيم والشيم حين يركب الناس الحياة بمتاعها... أي قصر من الذلّ والتخلف بنيتَ لنفسك وأي عداء نصبت لها.. الآن فقط وصل إلى قناعته... لقد أدرك سوء المُنقلب، تلك حياة وهذه أخرى فما يصلح لتلك يفسد بهذه... وصبرك يا عمُّ طويل!! وقبل أن تسقط روحه على جسده سقط على الأرض واستقبلته راحتها... يتمنى الموت لو يأتي... أو يستدير الزمن فيفعل فعلته التي فاتت... صرخ كالمجنون في ذلك الوادي والصّخر تردّدُ صداه "لأتركنّك يا ابن آدم معلقا بين السماء والأرض... لأقصمنّ ظهرك ولتكونن من الخاسرين"... يبكي ويندى ويئن...

يشتكي لمن وهو يختار الفيافي الخوالي... إلاّ لله... ولو اشتكى إليه ما جهر بدعائه... قالوا ونادى مناد من السماء "وما الله بغافل عما يعمل الظالمون" فاستوحش الرجل وفرّ وكأن به القيامة قامت... إلى أين والأرض ككل الأرض!! إن لم ترحمك ذئاب البشر استأنستْ بك ذئاب الوحش... وقيل تنفّس آخر جرعات اليأس بكأس الجنون... فرَوَوْا... "عَلتْ بأقداره الأرض وساد البلا، وحكى عنه الأثر في طيات الأساطير أن به جنّا تلبس وعلا حتى لاقى به الإله.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى